يبدو أن "رمال الصحراء" تقف وراء تعجيل القوات المسلحة المغربية بإنهاء صفقة أسلحة وصفت بالضخمة، بعد اقتناء أكثر من 150 طائرة من دون طيار (درونز) من شركة BlueBird Aero Systems الإسرائيلية.
ويأتي اقتناء المغرب لهذه الطائرات المتطورة بهدف دعم قدراته العسكرية، وللقيام بمهمات تجسسية واستطلاعية، بعد أن أعلنت جبهة البوليساريو، المطالبة بانفصال الصحراء عن سيادة المملكة، امتلاكها طائرات مسيرة، وأنها "ستستخدمها قريباً في حرب الاستنزاف ضد المغرب".
وتتوج هذه الصفقة العسكرية الاتفاق الذي وقعه المغرب وإسرائيل في العام الماضي، إذ بموجبه حصل المغرب على عديد من طائرات من دون طيار من نوع "واندرب" و"تندرب"، بموازنة بلغت عشرات الملايين من الدولارات.
مزايا الصفقة العسكرية
وكشفت مواقع متخصصة في الشأن العسكري عن بعض التفاصيل المتعلقة بالصفقة الجديدة بين المغرب والشركة الإسرائيلية، منها أن هذه "الدرونز" العسكرية تروم تعزيز القدرات الدفاعية الجوية للمملكة.
ووفق المصادر نفسها، فإن طائرات من دون طيار "واندرب" WanderB تنتمي إلى صنف "الدرونز" البعيد المدى، وتتميز بقدرتها على الإقلاع والهبوط من دون الحاجة إلى مدرج، كما أنها تستطيع القيام بمهمات استطلاعية في سرية كبيرة، بالنظر إلى انخفاض الصوت الذي تحدثه محركاتها الكهربائية.
وأما الصنف الثاني، أي طائرات "تندرب"، فهي تحظى بنظام قوي ومتعدد الاستعمالات، وتصلح في عمليات التجسس والمراقبة، ويمكنها المكوث في الجو لمدة نصف يوم كامل من دون توقف.
وتأتي الصفقة العسكرية التي تتيح للمغرب امتلاك هذه الطائرات من دون طيار في سياق تعاون عسكري واستخباراتي مع إسرائيل، بلغ أوجه بزيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي للرباط في الصيف الماضي.
تهديد البوليساريو
ويسجل مراقبون السياق الذي تأتي فيه هذه الصفقة بين المغرب وإسرائيل، خصوصاً بعد تصريحات أحد قيادات جبهة البوليساريو، بعد استقباله من طرف الرئيس الموريتاني محمد الشيخ ولد الغزواني، في شأن امتلاك الجبهة لطائرات مسيرة.
وأفاد عمر منصور، بصفته "وزيراً للداخلية" في الجبهة المطالبة بانفصال الصحراء عن المغرب، بأن هناك سعياً إلى امتلاك هذا النوع من التكنولوجيا العسكرية، من أجل استخدامها في ما سماه "حرب الاستنزاف" ضد المغرب.
ووفق القيادي في جبهة البوليساريو، فإن التخطيط لاستخدام طائرات مسيرة ضد المغرب يأتي في سياق تنصل الجبهة من اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين الذي أبرم بإشراف الأمم المتحدة سنة 1991.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتهم المغرب إيران بشكل مباشر في شأن دعم جبهة البوليساريو بطائرات من دون طيار، وهي الاتهامات التي جاءت على لسان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قبل أيام قليلة بمناسبة محادثاته مع وزير الخارجية اليمني.
ووجه رئيس الدبلوماسية المغربية اتهامات مباشرة إلى طهران بكونها تعمد إلى "تسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية داخل المنطقة العربية"، مبرزاً أن إيران عبر حزب الله اللبناني سلمت طائرات مسيرة عن بعد إلى جبهة البوليساريو.
الرد على إيران
وفي هذا الصدد قال الدكتور عبد الرحمن مكاوي، الخبير في القضايا العسكرية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة ديجون بفرنسا، إن اقتناء المغرب لهذا العدد الكبير من طائرات "الدرونز" يلبي حاجات مستعجلة للقوات المسلحة الملكية المغربية.
ويشرح مكاوي، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، بأن الذي يفسر هذه الصفقة هو تزويد إيران لجبهة البوليساريو طائرات مسيرة من نوع "شاهد" التي تستعمل حالياً في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وتابع مكاوي بأنه بحسب معلومات استخباراتية غربية التقطتها الأقمار الاصطناعية التجسسية لـ"الناتو"، أفادت بأن مهندسين في حزب الله وخبراء في سلاح الجو الإيراني موجودون في مخيمات تندوف لتدريب وتأهيل العناصر العسكرية للجبهة.
واسترسل المحلل ذاته بأن "هذا المستجد عجل باقتناء المغرب لطائرات من دون طيار للرد على جميع التهديدات المحتملة في الصحراء"، مشيراً إلى أن المغرب اقتنى أيضاً أسلحة مضادة لهذه الطائرات المسيرة وصواريخ متوسطة وبعيدة المدى تعزز الدفاعات الجوية للقوات المغربية.
تحصين الجدار العازل
من جهته يرى الباحث في الشأن العسكري والاستراتيجي محمد سقير أن هذه الصفقة العسكرية لاقتناء 150 طائرة "درونز" إسرائيلية "تأتي ضمن استراتيجية عسكرية شمولية تقوم بالأساس على تعزيز دفاعات المغرب على مستوى الجدار الأمني العازل بالصحراء، وشل تحركات البوليساريو على حدود هذا الجدار، ضمن المنطقة العازلة التي عادة ما توظفها دعاية البوليساريو بأنها مناطق محررة".
والجدار العازل هو عبارة عن جدار رملي أنشأته القوات العسكرية المغربية في البداية بعهد الملك الراحل الحسن الثاني، لمراقبة التحركات وضبط الحدود الجنوبية الشرقية، ثم تم إقراره كجدار عازل في عهد الملك محمد السادس في إطار طرح المغرب مقترح الحكم الذاتي كحل للنزاع في الصحراء.
وتابع شقير في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" بأنه "في إطار المقاربة العسكرية في تنويع ترسانته العسكرية، اقتنى المغرب طائرات من دون طيار أميركية أعقبها بطائرات من دون طيار تركية، وتدعيم ذلك بطائرات من دون طيار إسرائيلية".
وسجل شقير بأن هذا النوع من الطائرات تتميز، إضافة إلى تقنياتها العالية في الاستطلاع والمراقبة، بقدرتها على الاشتغال في ظروف مناخية مقاومة للرياح، الشيء الذي يتلاءم مع المنطقة الصحراوية المعروفة بتقلبات طقسها وتوابعها الرملية.