على رغم أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ليس مرشحاً في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إلا أن الاستحقاق يشكل اختباراً حاسماً في مستقبله السياسي.
فقد قرر ترمب بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 أن يلقي بثقله في حملة انتخابات التجديد النصفي.
وقدم دعمه لمناهضي الإجهاض والمدافعين عن النظرية القائلة بأن الانتخابات الرئاسية سرقت منه، أو حتى لشخصيات حديثة العهد بالعمل السياسي، لكن هؤلاء المرشحين المثيرين للجدل في مجلس الشيوخ يواجهون تحديات، فيما يوجه عديد من الجمهوريين أصابع الاتهام في هذا الأمر إلى الرئيس السابق.
خاسر أو قائد؟
يقول جون هوداك من مركز أبحاث "بروكينغز" في آخر مدوناته، "دونالد ترمب ليس مرشحاً في عام 2022، ولكن مستقبله السياسي" على المحك.
ويضيف أن خطة ترمب إعادة تشكيل الحزب الجمهوري على صورته عبر هذه الانتخابات "ستجعله إما خاسراً، أو قائد سياسة الحزب لسنوات مقبلة".
يُنظر إلى عديد من المرشحين الذين أيدهم ترمب في الانتخابات التمهيدية، على أنهم يقوضون الانتصارات السهلة التي يمكن أن يحققها مرشحون آخرون في ساحات المعارك الانتخابية الرئيسة أمام الديمقراطيين.
من بين خيارات ترمب المثيرة للجدل، الطبيب الشهير محمد أوز في ولاية بنسلفانيا، إذ يعتبره كثيرون "غير ذي صلة" بالواقع وعرضة للزلات الخطابية، وجي دي فانس في أوهايو وهو رأسمالي مغامر قضى معظم حياته الراشدة في وادي التكنولوجيا، ويواجه مشكلات مماثلة لتلك التي يواجهها أوز.
الأمر ذاته في جورجيا، حيث يواجه نجم كرة القدم السابق هيرشل ووكر اتهامات حول العنف المنزلي والكذب بشأن ماضيه وصحته العقلية.
المنافسون
وألمح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي يحتاج إلى مقعد واحد فقط لاستعادة غالبية مجلس الشيوخ من الديمقراطيين، إلى أنه يرى مشكلة في "نوعية المرشحين".
وفي هذا السياق، يقول هوداك إنه إذا "خسر المرشحون لمجلس الشيوخ مثل والكر وأوز وفنس..." وبقيت الغالبية في المجلس في يد الديمقراطيين، فإن "ترمب سيلام بشكل كبير".
إلا أن نتائج الانتخابات السيئة لمرشحي ترمب ستكون جيدة لمنافسيه في انتخابات عام 2024، ومنهم ليز تشيني المعروفة بعدائها لترمب، وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، ونائب الرئيس السابق مايك بنس.
وعدا عن تشيني، فقد استمر المرشحون اليمينيون للرئاسة في ممالأة ترمب بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية.
لكن شخصيات مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو قد تتشجع بسبب النتائج السيئة في الثامن من نوفمبر.
سحر ترمب
ويرى ديفيد غرينبرغ أستاذ التاريخ والإعلام في جامعة روتجرز أن ليس لدى الرئيس السابق "إلا القليل ليكسبه" من الانتخابات النصفية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول غرينبرغ لوكالة الصحافة الفرنسية "لدى ترمب كثير ليفقده، لأنه في حال خسر مرشحوه، سيُنظر إليه على أنه فقد سحره".
ويضيف "عديد من الناخبين في الانتخابات التمهيدية لعام 2024 سيفكرون مرتين قبل دعمه مجدداً، خصوصاً إذا ما ترشح بديل شعبوي آخر، مثل ديسانتيس".
مع ذلك، من المتوقع أن تتقارب الاستطلاعات قبل نوفمبر، وقد ينتصر جميع مرشحي ترمب الأكثر إثارة للانقسام في النهاية.
في كلتا الحالتين، يشير محللون إلى أن عديداً من الذين يشكلون قاعدة الرئيس السابق لا يولون سوى القليل من الاهتمام لمجلس الشيوخ أو حسابات واشنطن السياسية.
ترمب "عبء سياسي"
ويقول عالم السياسة نيولاس كريل "على رغم هزيمته (في الانتخابات الرئاسية)، وإجراءي العزل اللذين تعرض لهما، وحوالى 12 تحقيقاً جنائياً، وفضائح لا حصر لها كانت ستغرق منذ فترة طويلة معظم السياسيين الآخرين، لا يزال ترمب زعيم الحزب بلا منازع".
ويضيف أن "دعم ترمب داخل الحزب الجمهوري قوي للغاية إذ لا يمكن إلحاق الضرر به بسبب الأداء الحزبي السيئ في نوفمبر".
مع ذلك، يتوقع مراقبون آخرون أن المشكلات القانونية التي يواجهها رجل الأعمال، بما في ذلك الفضيحة المتعلقة بإساءة التصرف حيال وثائق حكومية سرية، ستؤثر في آفاقه السياسية بقدر ما تؤثر الانتخابات النصفية.
بالنسبة إلى إيرينا تسوكرمان، المحللة الجيوسياسية المقيمة في نيويورك، يُنظر إلى ترمب بشكل متزايد على أنه "عبء سياسي" غير قادر على الفوز في انتخابات رئاسية مستقبلية، حتى ضد ديمقراطي ضعيف.
وتقول "بشكل عام، يبدو أنه سيتراجع عن الترشح في عام 2024، وهو ما قد لا يفعله لأسبابه الخاصة، مثل تجنب الإحراج والاحتفاظ بالمال الذي يجمعه حالياً".
لم يجب مكتب ترمب عن طلب للتعليق.