أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، الثلاثاء 11 أكتوبر (تشرين الأول)، أن خمسة فرنسيين بالمجموع محتجزون حالياً في إيران، بعدما كانت باريس لا تعترف إلّا بأربعة أشخاص، وأن الاتحاد الأوروبي وافق على الجوانب الفنية لفرض عقوبات على طهران تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل.
وانتقدت فرنسا إيران في السادس من أكتوبر متهمةً إياها باتباع "ممارسات دكتاتورية" واحتجاز مواطنيها كرهائن، بعدما بثت طهران فيديو يظهر فيه زوجان فرنسيان "يعترفان بالتجسس"، بعد أسابيع من الاضطرابات التي ربطتها إيران بخصوم أجانب. وحثت فرنسا بعد ذلك رعاياها على مغادرة إيران في أقرب وقت ممكن، قائلةً إنهم معرضون لخطر الاعتقال التعسفي.
وقالت كولونا لإذاعة "فرانس إنتر"، "سأتحدث بعد ظهر اليوم (الثلاثاء) مع وزير الخارجية الإيرانية لمطالبته مجدداً بالإفراج الفوري عن جميع مواطنينا المحتجزين في إيران. هناك خمسة حالياً".
ولم تؤكد باريس حتى الآن أن مواطنا فرنسياً خامساً احتُجز في أثناء الاحتجاجات في أنحاء إيران. وقالت طهران الشهر الماضي إنها ألقت القبض على تسعة أوروبيين خلال الاضطرابات.
عقوبات أوروبية
وتدهورت العلاقات بين فرنسا وإيران في الأسابيع الأخيرة مع تعثر جهود إحياء المحادثات النووية التي تعد فرنسا أحد أطرافها، ولا يوجد سفير لأي من البلدين في عاصمة البلد الآخر.
ودفعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران عقب وفاة مهسا أميني (22 عاما) في حجز شرطة الأخلاق الشهر الماضي، الاتحاد الأوروبي إلى اقتفاء أثر الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا في فرض عقوبات على طهران.
وقالت كولونا، "وافق الاتحاد الأوروبي أمس على الجوانب الفنية لفرض حزمة عقوبات تستهدف أولئك المسؤولين عن عمليات القمع. ستُعتمد يوم الاثنين"، مشيرةً إلى الاجتماع المقبل لوزراء خارجية دول التكتل.
تواصل الاحتجاجات
وتواصلت حركة الاحتجاج في مناطق إيرانية عدة على الرغم من القمع القاسي للتظاهرات التي أشعلها مقتل مهسا أميني قبل نحو أربعة أسابيع مع اعتصامات طالبية وإضرابات عمالية.
وبعد الولايات المتحدة وكندا أعلنت المملكة المتحدة، الإثنين 10 أكتوبر، فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين و"شرطة الاخلاق" المتهمة بأنها مسؤولة عن مقتل الشابة الإيرانية الكردية البالغة من العمر 22 سنة.
ورداً على عقوبات لندن، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير البريطاني سايمون شركليف لإبلاغه "احتجاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشديد على بريطانيا لتدخلها في الشؤون الداخلية الإيرانية وتم التنديد بهذه الممارسات التدخلية بشدة".
وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان السلطات البريطانية فرض عقوبات تطال "شرطة الأخلاق بمجملها" بما في ذلك قائدها محمد رستمي جشمه كجي، وقائد دائرة طهران في هذه الشرطة أحمد ميرزائي.
وبحسب لقطات نشرتها، الإثنين، منظمة حقوق الإنسان الإيرانية غير الحكومية، ومقرها أوسلو، نظم طلاب من جامعة جيلان في شمال البلاد ومن مدرسة مهاباد للبنات (في الشمال) اعتصامات، حيث خلعت طالبات الحجاب احتجاجاً.
وفي طهران، تجمعت حشود أمام جامعة البوليتكنيك، الإثنين، للتنديد بـ"الفقر والفساد" في إيران مرددين "الموت للديكتاتورية".
ووفقاً لمنظمة "مركز حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية، ومقرها نيويورك، نظمت تجمعات في جامعات أخرى مثل جامعة أمير كبير في طهران.
انضمام عمال النفط
وبينما يلعب طلاب الجامعة دوراً محورياً في الاحتجاجات التي تشارك فيها عشرات الجامعات، أشارت تقارير إلى انضمام عمال في مصافي عبدان وكانجان ومشروع بوشهر للبتروكيماويات للاحتجاجات.
وأظهر مقطع مصور على "تويتر" إغلاق عشرات العمال الطريق المؤدي إلى مصنع بوشهر للبتروكيماويات في عسلوية على ساحل الخليج الإيراني، وهم يهتفون "الموت للديكتاتور".
غير أن مسؤول إقليمي قال إن إضراب عمال مصنع البتروكيماويات في مدينة عسلوية يتعلق بغضبهم بسبب خلاف حول الأجور، وليس جزءاً من الاحتجاجات المرتبطة بوفاة مهسا أميني. ونقل حساب وكالة "نادي المراسلين الشباب" الإيرانية للأنباء على "تليغرام" عن الحاكم علي هاشمي القول إن بعض الإيرانيين حاولوا استغلال احتجاجات العمال عبر ترديد شعارات ضد الحكومة.
والإثنين، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن من واجب الحكومة "ضمان أمن الأمة ولا يمكنها التزام الصمت تجاه الاضطرابات".
وجود أمني مكثف في مدن كردية
وتصاعدت التوترات بشكل خاص بين السلطات والأقلية الكردية التي تقول منظمات حقوقية إنها تتعرض للقمع منذ فترة طويلة، وهو اتهام تنفيه إيران.
وقالت منظمة "هنجاو" لحقوق الإنسان إن هناك وجوداً مكثفاً لقوات أمن مسلحة في مدن سنندج وسقز وديواندره الكردية، الإثنين. وأضافت أن خمسة أكراد على الأقل قتلوا وأصيب أكثر من 150 شخصاً في احتجاجات منذ السبت.
احتجاجات حاشدة
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات في عشرات المدن في أنحاء إيران وظهرت فيها اشتباكات عنيفة بين المحتجين وشرطة مكافحة الشغب في مدن وبلدات بأنحاء إقليم كردستان مسقط رأس مهسا أميني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحثت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي على تنظيم احتجاجات حاشدة، الأربعاء.
وحملت السلطات الإيرانية مسؤولية أعمال العنف لـ"الأعداء" بينهم معارضون أكراد إيرانيون مسلحون. وهاجمت قوات "الحرس الثوري" الإيراني قواعد الأكراد الإيرانيين المسلحين في العراق المجاور عدة مرات أثناء أحدث اضطرابات.
"مستعد للموت"
وإيران لديها سجل حافل في إخماد الاضطرابات بين أكثر من 10 ملايين كردي من مواطنيها هم جزء من أقلية كردية أدت تطلعاتها إلى الحكم الذاتي أيضاً إلى صراعات مع السلطات في تركيا والعراق وسوريا.
ويمكن سماع صوت إطلاق نار كثيف في كثير من مقاطع فيديو نشرها حساب ناشط باسم "1500تصوير" على "تويتر". وأظهر مقطع فيديو عدة انفجارات شديدة القوة في أحد أحياء سنندج عاصمة إقليم كردستان.
وقال نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إن قوات الأمن في الإقليم قتلت عدة أشخاص، بينهم مراهقان.
واستمر المحتجون في أنحاء إيران في إضرام النار في صور المرشد الأعلى علي خامنئي مطالبين بإسقاط المؤسسة الدينية، غير عابئين بما تستخدمه قوات الأمن من غاز مسيل للدموع وهراوات، وفي حالات كثيرة، الذخيرة الحية، وفقاً لمنظمات حقوقية.
وقالت منظمات حقوقية إن ما لا يقل عن 185 شخصاً بينهم 19 قاصراً لقوا حتفهم، كما أصيب المئات، واعتقلت قوات الأمن الآلاف. وحملت السلطات خصوم إيران الأجانب مسؤولية الاحتجاجات، وقالت إن "مثيري الشغب" قتلوا ما لا يقل عن 20 من أفراد قوات الأمن.
وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي انضمام فتيات المدارس في جميع أنحاء إيران إلى الاحتجاجات.
وقال محتج (17 سنة) في مدينة بوسط إيران لـ"رويترز"، "أيها العالم، اسمعني. أريد ثورة. أريد العيش بحرية وأنا مستعد للموت في سبيل ذلك. وبدلاً من أن أموت كل دقيقة في ظل قمع هذا النظام، أفضل أن أموت برصاصهم (قوات الأمن) في احتجاجات من أجل الحرية".