ضبط الحراك عقاربه باتجاه ندوة المعارضة المقررة في السادس من يوليو (تموز) 2019، بعد تسريبات بخصوص "صفقة" أبرمت مع "النظام المؤقت"، بعيداً من أعين الشارع الذي يتحرك منذ 22 فبراير (شباط) 2019، من أجل الخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وبقدر ما تراهن المؤسسة العسكرية على نجاح ندوة المعارضة، تتخوف هذه الأخيرة من "مقصلة" الشعب الذي سيثأر في أقرب فرصة من "خيانة" طبقة سياسية.
ندوة 6 يوليو جاءت بإلحاح من العسكر والرئاسة؟
تمسك الحراك الشعبي بمطلب رحيل جميع رموز النظام السابق، وإقرار مرحلة انتقالية قبل تنظيم الانتخابات، مقابل تشبث المؤسسة العسكرية بـ "الأطر الدستورية"، أخرج المعارضة من جحرها، لتعلن عن ندوة يجري التحضير لعقدها في السادس من يوليو. وقال مصدر في "قوى التغيير" المعارضة، في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، إن "الندوة جاءت بعد إلحاح قيادة الأركان ورئاسة الدولة، بهدف الخروج من وضع الانسداد القائم"، وكشف عن تقارب "مفاجئ" بين المعارضة والمؤسسة العسكرية، بعد تنافر دام أكثر من أربعة أشهر، بعيداً من أعين الحراك.
وتابع المصدر قائلاً "جرى الاتفاق على جمع أكبر عدد من الفعاليات لتحقيق رؤية واحدة لحل الأزمة، وفرض واقع جديد على الحراك الشعبي، بما يسمح بتنفيذ خريطة الطريق المتفق حولها بين المعارضة والمؤسسة العسكرية"، وأكد أن "المعارضة تسعى للانقضاض على الحراك من أجل المرور إلى مرحلة جديدة تسمح بتحضير الانتخابات الرئاسية في ظروف هادئة"، وكشف عن قبول المعارضة استمرار عبد القادر بن صالح في منصبه كرئيس للدولة لحين تنظيم الانتخابات، بعد أن كانت من أشد الرافضين لاستمراره، مضيفاً أن الأمر جرى الاتفاق حوله مقابل رحيل الحكومة ورئيسها نور الدين بدوي.
المعارضة تتحدث باسم الحراك
في المقابل، أكد نصرالدين هدام رئيس حركة "الحرية والعدالة الاجتماعية"، المنضوية تحت لواء "قوى التغيير"، في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، أن "عهد الصفقات من وراء الكواليس، لا ولن يعود، لذا فإن أي حل لا يستجيب لمطالب الشعب سيرفض من قبل حراكه المبارك"، وقال إن "الطبقة السياسية الجادة المساهمة في الحراك، والتي تحضر في تنوعها للقاء السادس من يوليو، تسعى للقيام بواجبها اتجاه الشعب والوطن بكل مسؤولية، في إطار شرعية الحراك، فالمعارضة ونحن معها، نقوم بواجبنا تجاه البلد والشعب".
ودعا هدام، القيادة العسكرية إلى "أن تحسم أمرها وتنحاز إلى الشعب وتلبي مطالب الحراك، وتدخل في حوار حقيقي مع المعارضة الجادة"، كاشفاً أن "الندوة ستطرح مبادرة تلبي مطالب الحراك وتحفظ أمن والبلاد واستقرارها، ويبقى الأمر متعلقاً بموازين القوى داخل القيادة العسكرية، نأمل في أن تكون لصالح إحداث التغيير المنشود". وخلص إلى أن الحراك الشعبي مستمر إلى حين تحقيق مطالبه، واستعادة السيادة الكاملة غير المنقوصة للشعب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أطراف معارضة مشكوك في نواياها
وفي السياق نفسه، شدد رئيس حزب "الحرية والعدالة" محمد السعيد، أحد أقطاب "قوى التغيير"، على أن "تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال بات أمراً ضرورياً، تكون آلية تنظيمها بكل مراحلها وإجراءاتها، ثمرة توافق مع المؤسسة العسكرية، بشكل مباشر أو غير مباشر"، وأبدى استعداد المعارضة لتقديم تنازلات. كما اعتبر النائب سليمان شنين، عن حركة "البناء المعارضة"، أن "المرحلة الانتقالية أو المجلس التأسيسي أطروحتان غير مناسبتين، والذين يدعون إلى ذلك لا يعلمون العواقب". بينما رد المحلل السياسي إسماعيل معراف، على سؤال "اندبندنت عربية"، قائلاً إن "أطرافاً داخل المعارضة ربما تحاول أن تلعب هذا الدور، وذلك خدمة لمصالحها".
منسق الندوة يحدث زلزالاً داخل المعارضة
وفي خضم استمرار التواصل بين المؤسسة العسكرية والمعارضة لعقد ندوة السادس من يوليو، ظهر منسق الندوة والوزير السابق عبد العزيز رحابي، برفقة الجماعة المحسوبة على "أقلية الأقلية"، وفق قائد الأركان قايد صالح، وذلك في تسجيل فيديو ظهر فيه برفقة كريم طابو ومصطفى بوشاشي وآخرين، يطالب الشعب بمواصلة الثورة السلمية، ما ألهب مواقع التواصل الاجتماعي ووضع المعارضة في إحراج كبير. ويتكهن المراقبون بأن تتطور الأمور إلى تحييد رحابي، عن مهمة التنسيق في ندوة السادس من يوليو.
الموالاة تسارع للتموقع
من جهة أخرى، سارعت أحزاب ما يعرف بـ "الموالاة"، إلى حجز مكان لها في المشهد العام للبلاد، خوفاً من استفراد المعارضة، خصوصاً بعد التسريبات حول تقاربها مع المؤسسة العسكرية، إذ استغل الأمين العام لحزب "جبهة التحرير" محمد جميعي، مناسبة عيدي الاستقلال والشباب، لمغازلة الجيش. وقال إن "الحزب يدعم المؤسسة العسكرية عن قناعة، خصوصاً أن الشعب وحده بمؤازرة جيشه، من يحدد مصير البلاد وتاريخه"، مشدداً على أن "الشهداء لن يرضيهم الزج بالجزائر في متاهات الفوضى، فلا بد من مخارج آمنة للأزمة".
وتابع الحزب "سنجتهد في إطار الدستور لتنظيم انتخابات رئاسية يسبقها حوار بناء وواقعي يجسد تلاحم الشعب والجيش والنخبة السياسية"، مضيفاً "ندعم كل المبادرات السياسية التي تعكس طموح الحراك الشعبي وحل الأزمة"، محذراً من "استمرار الأزمة وعواقبها الوخيمة على الاقتصاد والسياسة، لأن الجزائر بحاجة إلى الاستقرار لتحصين حدودها"، داعياً إلى "ضرورة التعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية في شفافية، لأنه هو الحل الأنجح للخروج من الأزمة، ولتفادي المخططات المشبوهة من الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على الشعب الجزائري".