كشفت مصادر مطلعة عن تقدم كبير في ملف المفاوضات التي تجريها الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، في إطار الحصول على تمويل جديد لتعزيز قدرة المالية المصرية على تجاوز سلسلة الصدمات التي خلفتها أزمات داخلية مثل ارتفاع الدين الخارجي، وارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في أكثر من 4 سنوات. هذا إضافة إلى أزمات خارجية متمثلة في التهديدات الجيوسياسية، والمشاكل التي تواجهها سلاسل الإمداد والتوريد.
ووفق بيان، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، إن المفاوضات بين مصر والصندوق بشأن برنامج دعم جديد تحرز تقدماً جيداً. وأوضح أن التعاون بين صندوق النقد ومصر "قوي للغاية". وفي سياق متصل، توقع صندوق النقد الدولي بلوغ التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 14.2 في المئة، في 2022، وأن يظل مرتفعاً خلال العام المقبل.
وقال إن الناتج المحلي الإجمالي لدول منطقة الشرق الأوسط سيتباطأ إلى مستوى 3.6 في المئة خلال العام المقبل. وتوقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط بنسبة 5 في المئة خلال عام 2022 ارتفاعاً من مستوى 4.1 في المئة خلال عام 2021.
وأوضح أن مصر لديها إمكانيات هائلة وتمتلك قطاعاً خاصاً قوياً قادراً على قيادة النمو. وأشار إلى أن مصر نجحت عن طريق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى بدأت تنفيذه عام 2016 في الصمود أمام الصدمات الخارجية الناتجة عن أزمة كورونا والأزمة الروسية- الأوكرانية. وأكد أزعور أن الصندوق مستمر في دعم ومساندة جهود الدول في التنمية وتقديم المساعدات الفنية والتمويلات اللازمة لذلك.
مواجهة الصدمات
في السياق نفسه، قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس، إن البنك الدولي يعمل في عديد من مجالات التعاون مع الحكومة المصرية مثل الإسكان والبنية التحتية، لافتاً إلى استمرار التعاون المستقبلي وخصوصاً في الإجراءات التي تنفذها الحكومة المصرية في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأوضح في كلمته ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن الحكومة المصرية نفذت إجراءات مهمة للإصلاح الاقتصادي أسهمت في الصمود أمام عديد من الأزمات. وأشار إلى أن عديداً من اقتصاديات العالم تعاني في الوقت الحالي من التضخم المرتفع، وهو ما يتطلب العمل على سياسات داعمة للنمو والتوظيف وزيادة معدلات الإنتاج.
كان البنك الدولي، قد حافظ على توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري عند 4.8 في المئة وذلك مقارنة بمعدل نمو 6.6 في المئة خلال العام المالي الماضي. ويعد معدل النمو المتوقع لمصر هو ثاني أعلى مستوى متوقع من البنك للنمو للعام المالي 2023 بين الدول التي ذكرها البنك الدولي، سواء كانت المصدرة للنفط أو المستوردة، وذلك بعد جيبوتي المتوقع لها أن تحقق نمواً بنسبة 5.3 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورجح، أن يرتفع عجز حساب المعاملات الجارية في العام المالي الحالي إلى 4.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل نحو 3.9 في المئة خلال العام المالي 2021-2022. كما توقع أن يرتفع عجز الموازنة في مصر إلى 6.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري مقابل 6.6 في المئة متوقعة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2021-2022.
كانت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، قد كشفت أن الحكومة المصرية تتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.5 في المئة في السنة المالية 2022-2023، بعد أن قلصت أخيراً، توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.2 نقطة مئوية بالنظر إلى التطورات العالمية الأخيرة.
وأوضحت، أن الاقتصاد المصري نما بنسبة 6.6 في المئة في السنة المالية 2022/2021، مقابل 3.3 في المئة خلال العام السابق. حيث نما الاقتصاد بشكل أسرع مما كانت تتوقعه الحكومة، حيث توقعت في البداية معدلاً يتراوح بين 6 و6.2 في المئة. وأشارت إلى أن أرقام نمو الناتج المحلي الإجمالي كانت أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي عند مستوى 5.9 في المئة. ويمثل هذا أعلى معدل نمو منذ عام 2008.
ضرورة الاستمرار برفع الفائدة
وقبل أيام، خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي للمرة الثانية على التوالي خلال تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي". ورجح الصندوق، تسجيل نمو قدره 4.4 في المئة مقابل توقعات سابقة في يوليو (تموز) الماضي بنسبة نمو 4.8 في المئة. وفي أبريل (نيسان) الماضي، كان الصندوق يتوقع أن تحقق مصر نمواً يبلغ 5 في المئة قبل تقليصه لاحقاً.
وفي المقابل، رفع الصندوق تقديراته لمعدل نمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الماضي إلى 6.6 في المئة من مستوى توقعات سابقة عند 5.9 في المئة في يوليو (تموز) الماضي، بعد أن أعلنت الحكومة المصرية بالفعل نمو الاقتصاد بنسبة 6.6 في المئة خلال العام المالي 2021/ 2022.
ووفق بيان، قال أنطونيو جارسيا باسكال، نائب رئيس قسم أسواق المال والنقد في صندوق النقد الدولي، إن البنك المركزي المصري رفع الفائدة قبل عدة أشهر وعليه أن يستمر في هذا النهج لمواجهة التضخم.
ورفع الصندوق بذلك توقعاته لمتوسط معدل التضخم السنوي في مصر خلال العام المالي الحالي 2022/ 2023 من مستوى 11 في المئة كان يتوقعها في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أبريل الماضي.
وتشهد مصر خلال الشهور الأخيرة تسجيل معدلات تضخم مرتفعة تتجاوز 15 في المئة وهي الأعلى في آخر 4 سنوات، وذلك تأثراً بعدة عوامل ناتجة عن تداعيات الحرب في أوكرانيا وسياسة التشديد النقدي التي انتهجتها البنوك المركزية العالمية هذا العام وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
واستقر معدل التضخم السنوي في مصر لإجمالي الجمهورية لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي عند نفس مستواه في أغسطس (آب) الماضي مسجلاً 15.3 في المئة، بحسب بيان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. بينما صعد معدل التضخم السنوي في المدن خلال سبتمبر الماضي إلى 15 في المئة مقابل 14.6 في المئة خلال أغسطس الماضي.
فيما يستهدف البنك المركزي المصري، معدل التضخم السنوي في المدن عند مستوى 7 في المئة (بزيادة أو نقصان بنسبة 2 في المئة) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022، ولكنه أشار في بيانات سابقة إلى التوقعات بارتفاع معدلات التضخم عن هذا المتوسط بشكل مؤقت.