يستعد الرئيس الصيني شي جينبينغ لتكريس سلطته بالفوز بولاية جديدة من خمس سنوات على رأس ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، خلال المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الذي يبدأ الأحد، 16 أكتوبر (تشرين الأول)، في بلد انغلق على نفسه منذ بدء تفشي وباء "كوفيد-19".
وما لم تحصل مفاجأة، سيبقى شي البالغ 69 سنة، الحاكم منذ عام 2012 في السلطة حتى 2027، ليصبح القيادي الأشد نفوذاً منذ مؤسس النظام ماو تسي تونغ (1949-1976).
ويجتمع 2296 مندوباً قادمون من كل مقاطعات البلاد لحوالى أسبوع في قصر الشعب، المبنى الضخم الستاليني الهندسة الواقع في ساحة تيان أنمين بوسط بكين، في ظل إجراءات أمنية معززة.
وسيعين المندوبون اللجنة المركزية الجديدة التي هي بمثابة برلمان للحزب وتضم 200 عضواً، على أن تصوت بعد ذلك لاختيار المكتب السياسي، هيئة القرار المؤلفة من 25 عضواً.
وأوضح خبير الصين الفرنسي جان فيليب بيجا، أن "كل شيء محسوم مسبقاً لأن المؤتمر (الذي يعقد كل خمس سنوات) لا يجري قبل أن تتفق مختلف الفصائل".
"صفر كوفيد"
وفي محطة أساسية من المؤتمر، يلقي شي جينبينغ خطاباً خلال الافتتاح الأحد يعرض فيه تقريره الذي يمثل حصيلة ولايته ويعطي مؤشرات عن برنامجه للسنوات الخمس المقبلة.
وكان شي وعد خلال مؤتمر 2017 بـ"عصر جديد" للاشتراكية على النمط الصيني، متعهداً بأن بلاده "ستنفتح أكثر" على العالم، وأكد أن "الانفتاح يجلب التقدم والانغلاق يعيد إلى الخلف. الصين لن تغلق أبوابها".
وبعد خمس سنوات، باتت الصين منغلقة أكثر من أي وقت مضى في ظل انتشار الوباء، وفيما يعود باقي العالم تدريجاً إلى حياة طبيعية، تتمسك بكين بسياسة "صفر كوفيد" صارمة تقلص حركة الملاحة الجوية إلى أدنى حد ممكن وتفرض حجراً صحياً إلزامياً على الوافدين وتدابير عزل متتالية على مدن وبلدات.
وتثير هذه السياسة المتشددة استياء قسم من الصينيين وكذلك أوساط الأعمال التي تخشى التضحية بالنمو الاقتصادي من أجل القيود الصحية.
وقالت الباحثة يو جي من مركز "تشاتام هاوس" للدراسات، إن "سياسة صفر كوفيد التي تتبعها بكين أحبطت الاستثمارات الضرورية ولم تنجح في الفوز بقلوب وأذهان الشباب الصينيين، الفئة التي عانت أكثر من سواها اقتصادياً واجتماعياً".
العودة إلى حقبة العزلة
على الصعيد الدبلوماسي، عمق البلد الهوة بينه وبين الولايات المتحدة، كما ضاعف الخلافات مع الهند وأستراليا وكندا، وأكد عزمه على إعادة ضم جزيرة تايوان ولو بالقوة إذا اقتضى الأمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبمعزل عن أزمة "كوفيد-19"، تبدو بكين عازمة في مطلق الأحوال على الحد من اعتمادها على العالم، ما يوحي بأن انغلاقها قد يدوم طويلاً، وعلق جان فيليب بيجا أن "عديدين في الصين يقلقون لرؤية البلد يدخل مجدداً ربما في حقبة عزلة" كما كانت الحال قبل انفتاحه على التجارة العالمية في أواخر السبعينيات.
ومن الصعب معرفة ما يجري في كواليس الحزب الشيوعي الصيني، أحد أكبر الأحزاب السياسية في العالم بأعضائه الـ96.7 مليوناً الذي يتسم بغموض شديد.
وستُكشف تشكيلته الجديدة أمام الكاميرات بعد يوم على انتهاء المؤتمر، وهو تاريخ سيعرف السبت، على أن يثبت أمينه العام شي جينبينغ بعد ذلك رئيساً للبلاد خلال الاجتماع السنوي للجمعية الوطنية في مارس (آذار) المقبل.
لكن هل يتولى الرئاسة لخمس سنوات أم أكثر؟
رأى الباحث جان بيار كابيستان المتمركز في هونغ كونغ والمشارك في مركز "إيجيا سنتر" للدراسات، أنه "على ضوء الترويج لفكره وإعادة فرض عبادة الشخصية وأهمية سلطته في قلب قيادة الحزب، تسير الأمور بالأحرى باتجاه شخص سيبقى في السلطة لفترة طويلة وربما مدى الحياة".
وحذر ستيف تسانغ مدير "معهد الدراسات الشرقية والأفريقية - الصين" (أس أو إيه أس تشاينا) في لندن، أن اختيار محيطه على أعلى مستويات الحزب سيكون أمراً جوهرياً.
واعتبر أن "شي سيحرص على توجيه رسالة واضحة، أي شخص يترقى إلى اللجنة الدائمة لن يكون خلفاً في المؤتمر الـ21" عام 2027.
وهذا نبأ سيئ حتماً لناشطي حقوق الإنسان الذين ينددون بحملة قمع شديدة خلال 10 سنوات من حكم شي.
وقالت الباحثة ياكيو وانغ من منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن "ولاية الرئيس شي الثالثة التي تولّد سابقة، هي مؤشر سيء لحقوق الإنسان في الصين وفي العالم".