Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كم ثمن الخلود في متجر "الوعود التكنولوجية" الزائفة؟

مختبر في أريزونا يجمد الجثث أملاً في إعادتها للحياة والأسعار 200 ألف دولار للجسم و80 ألفاً للدماغ

اختار رائد "بيتكوين" هال فيني حفظ جسده بالتبريد في "ألكور" بعد وفاته (موقع المختبر)

من الخارج تبدو مؤسسة "ألكور لايف إكستينشين فاونديشين" (Alcor Life Extension Foundation) في أريزونا مثل أي مستودع آخر، لكن بداخلها جثثاً مجمدة لمئات المرضى الذين راهنوا على التكنولوجيا المستقبلية التي ستعيدهم للحياة.

وبحسب صحيفة "ديلي ميل" التي أوردت الخبر فقد تم تخزين 199 بقايا لمرضى فارقوا الحياة هناك، ويتم الاحتفاظ بهذه البقايا طازجة بفضل النيتروجين السائل الذي يحافظ على الأجساد عند (-135) درجة مئوية، وهي درجة حرارة شديدة البرودة توقف جميع الوظائف الخلوية وتحافظ على حالها حتى لا تذوب.

وغالباً ما يكون الأشخاص الذين يستثمرون في هذه الخدمات في أمس الحاجة إلى لم شمل العائلة في المستقبل.

لكن التجميد المبرد يجذب أيضاً الأغنياء وغريبي الأطوار، إذ اختار رائد "بيتكوين" هال فيني حفظ جسده بالتبريد في "ألكور" بعد وفاته من مضاعفات مرتبطة بمرض التصلب الجانبي الضموري عام 2014.

كلفة الخلود

لكن هناك مخاوف أخلاقية جدية في شأن هذه الممارسة التي تم الترويج لها لعقود من الزمن، لكنها لا تزال مجرد حلم بعيد المنال.

الرئيس التنفيذي للشركة ماكس مور اعترف خلال مقابلة في فبراير (شباط) 2020 أن شركته لا تعرف متى ستكون التكنولوجيا اللازمة متاحة لإيقاظ مرضاها، ويمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار هذا الحفظ في كثير من الأحيان إلى استنزاف ممتلكات الشخص، وغالباً ما يستهلك جزءاً كبيراً من مدفوعات التأمين على الحياة والتي كان من الممكن أن تفيد أسرته بدلاً من ذلك.

ولكي تصبح عضواً في "ألكور" يجب على الشخص دفع رسوم سنوية تزيد على 200 دولار في سن 18 سنة مع زيادة الرسوم مع العمر الذي يختاره الشخص للتسجيل.

ويجب على الشخص غير العضو الذي يرغب أحباؤه في تجميده دفع مبلغ إضافي قدره 200 ألف دولار، وإذا انتهى الأمر بشخص ما خارج الولايات المتحدة أو كندا وكان لا بد من استرداد رفاته، فتتم إضافة كلفة إضافية قدرها 10 آلاف دولار.

وفي مقابل 200 ألف دولار يمكن تخزين أجسادهم بالكامل في ثلاجة عالية التقنية، ولكن هناك خياراً لوضع الدماغ على الجليد فقط بسعر مخفض قدره 80 ألف دولار.

مجتمع مجمد

وتصف الشركة نفسها بأنها "شركة رائدة عالمياً في مجال علم وأبحاث وتكنولوجيا التجميد".

تأسست الشركة عام 1972 وتضم الآن رفات 199 مريضاً، وتقول إن بعض الناس يخزنون عقولهم فقط بينما يختار آخرون الاحتفاظ بأجسادهم بالكامل، ويتم تخزين الجثث الكاملة في غرف أسطوانية كبيرة، بينما يمكن تخزين الأدمغة في أرفف مع تركيب خمسة في فتحة لجسم واحد، وبعد وفاة الشخص يجب على الأطباء العمل بسرعة للحفاظ على الجسد وتخزينه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبمقارنة العملية بحصاد الأعضاء أخبر مور كاتي ساغهوف من "يوتيوب" في مقابلة عام 2020 أن الخطوة الأولى كانت استنزاف الدم والسوائل من الجسم، ثم يقومون بضخها بالكامل بمادة شبيهة بمضاد التجمد لمنع الخلايا من أن تتبلور وتتلف أثناء عملية التجميد، وبعد التحضير يتم وضعها في التخزين في حين لا تستخدم صهاريج التخزين الكهرباء، وبدلاً من ذلك تتم إعادة تعبئتها أسبوعياً بالنيتروجين السائل.

ويأمل الأشخاص الذين تم تخزين أجسادهم بالكامل في أن يستيقظوا إذا ماتوا بالشكل نفسه.

وبحسب الشركة سيحتاج أولئك الذين يتم تخزين أدمغتهم إلى التكنولوجيا للتقدم إلى النقطة التي سيتم فيها إنشاء جسم جديد بالكامل ليتم وضعه فيه، وهناك بعض الحالات التي لا يمكن فيها تخزين الجثة، ومنها أن يعاني الشخص من إصابة شديدة قبل وفاته أو أن يوجد في مكان لا يمكن استرداده منه.

ويأمل مور في أن تكون هذه التكنولوجيا موجودة، واستشهد بالنجاح الأخير في أبحاث الخلايا الجذعية ونمو الأعضاء المصنعة في المختبر كبداية لتمهيد الطريق إلى الأمام.

أمل زائف

كتب عالم الأحياء بجامعة "ماكجيل" الكندية الدكتور مايكل هندريكس عام 2015 أنه حتى مع وضع الجهاز العصبي للشخص قبل أن يتجمد، فإن من المستحيل استنساخ شخص بشكل كامل.

وكتب لمجلة "أم أي تي ​​تكنولوجي ريفيو" أن "خريطة الاتصالات ليست كافية للمحاكاة، ناهيك عن تكرار نظام عصبي، فهناك حواجز هائلة أمام تحقيق الخلود في الـ ’سيليكو‘ أو المحاكاة بالكمبيوتر".

وتساءل، "ما هي المعلومات المطلوبة لتكرار عقل بشري؟ وهل تحافظ طرق التجميد الحالية أو المتوقعة على المعلومات الضرورية؟ وكيف سيتم استرداد هذه المعلومات؟ والأكثر إرباكاً لحدسنا هو هل ستكون المحاكاة حقاً أنت؟".

ويوضح هندريكس أن روابط صغيرة بين الخلايا العصبية هي التي تشكل شخصية الشخص وشعوره بالذات واتخاذه القرار ومزاجه اليومي، والتكنولوجيا الحالية لديها الآن طريقة لتخزين هذه الخلايا بشكل مثالي في جميع أنحاء الجسم، والتغييرات التي تطرأ عليها ستغير بشكل أساس من الشخص المستعاد.

أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتم تخزين أدمغتهم فقط فسيكون الجهاز العصبي الاصطناعي مختلفاً تماماً عن ذلك الذي تركوه وراءهم في أجسامهم القديمة، بحسب هندريكس.

ويتابع، "في حين أنه قد يكون من الممكن نظرياً الحفاظ على هذه السمات في الأنسجة الميتة فإن هذا بالتأكيد لا يحدث الآن".

وأضاف، "توافر التكنولوجيا للقيام بذلك، ناهيك بالقدرة على قراءة هذه المعلومات مرة أخرى من مثل هذه العينة، وليست موجودة حتى الآن من حيث المبدأ".

وقال إن قصص الأشخاص الذين اشتركوا في شركات مثل "ألكور" على أمل رؤية المستقبل وتجنب الخوف من الموت مفجعة، ويشبه هندريكس الوعود التي قطعتها هذه الشركات بـ "زيت الثعبان".

ويخلص إلى أنه "لا يمكن لأي شخص عانى عدم تصديق فقدان أحد أفراد أسرته إلا أن يتعاطف مع شخص يدفع 80 ألف دولار لتجميد دماغه".

ويضيف، "لكن الإنعاش أو المحاكاة أمل زائف يتجاوز ما وعدت به التكنولوجيا، وهو بالتأكيد مستحيل مع الأنسجة الميتة المجمدة التي توفرها صناعة التجميد"، متابعاً أن "أولئك الذين ينتفعون من هذا الأمل يستحقون غضبنا واحتقارنا".

اقرأ المزيد

المزيد من علوم