لعل الحكومة رفضت الشروع في حملة إعلامية عامة لمساعدة الناس في خفض استهلاكهم من الطاقة لأن ليز تراس تعتبر ذلك من صفات "الدولة الراعية"، لكن آخرين سيعملون على الأقل على تجربة الخطوة.
وتدخلت الجهة المنظمة لقطاع الطاقة، مكتب أسواق الغاز والكهرباء Ofgem، الذي سيضطر إلى المساعدة في المعالجة إذا وقعت أزمة إمدادات في أسوأ الأوقات: حين يبدأ البرد الشديد في الخارج ويحتاج الناس إلى أن يغطوا أنفسهم بثلاثة لحف ليدفئوا أنفسهم حين يخلدون إلى النوم مساءً.
وتحرص الجهة التنظيمية على محاولة تجنب ذلك من خلال بذل جهودها الخاصة لتشجيع الناس على اتخاذ بعض الخطوات الصغيرة التي يمكن تحقيقها بسهولة من أجل الحد من استهلاك الطاقة. وغني عن القول إن هذا من شأنه أيضاً أن يوفر للناس حزمة من المال، ويخفف من الآثار المترتبة على الأزمة المستمرة التي نعيشها على صعيد ارتفاع تكاليف المعيشة.
جوناثان بريرلي، الرئيس التنفيذي لمكتب أسواق الغاز والكهرباء، قال في الاجتماع السنوي لهيئة الطاقة البريطانية، "من الأهمية بمكان أن نتذكر أن تثبيت أسعار الطاقة لا يزال يعني أن الأسرة العادية ستدفع نحو ضعف ما كانت تدفعه قبل سنة: 2500 جنيه استرليني (2795 دولاراً) سنوياً بدلاً من 1277 جنيهاً (1440 دولاراً) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي"، مضيفاً "أتحدث مع العملاء على أساس منتظم وأنا أعلم أن بعض مستويات الأسعار هذه ستظل تخلف أثراً ضخماً".
ثم مضى بريرلي إلى تفصيل بعض من هذه الآثار، في حين أوضح أيضاً أن 2500 جنيه هو متوسط محتسب استناداً إلى أسرة "عادية". فما يدفعه الناس يتوقف في واقع الأمر على مقدار استهلاكهم.
وعلى هذا فإن شنّ حملة إعلامية لمساعدة الأسر في الحد من الاستخدام [الطاقة] أمر منطقي إلى حد كبير – ذلك لأن دافع الضرائب يقترض مبالغ ضخمة إلى حد مخيف من المال لدعم الفواتير عن طريق حزمة دعم الطاقة التي تتبناها الحكومة. ولا تساوي الـ15 مليون جنيه التي كانت الحكومة ستنفقها لنشر بعض الإعلانات شيئاً حين تُقارَن بالمال الذي يمكن توفيره جماعياً لو تعزز الوعي لدى الناس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وثمة سبب وراء قول أندرو وارد، الرئيس التنفيذي لأنشطة البيع بالتجزئة لدى "سكوتيش باور" ScottishPower في المناسبة الخاصة بهيئة الطاقة البريطانية، "لا أستطيع أن أرى سبباً منطقياً يمنع القيام بذلك". إنه شيء من الأشياء التي يقوم بها المرء من دون تفكير. والفكرة ربما هي أولى الأفكار الطيبة التي خطرت لجاكوب ريس-موغ بعد توليه منصبه الوزاري.
لسوء الحظ، اختارت ليز تراس مرة أخرى أن تلبي غرائزها فوقعنا جميعاً بما وقعنا فيه. الأمر التالي المتوقع: لن أندهش إذا توقفت الحكومة عن توعية الأطفال حول استخدام معابر المشاة حين يقطعون الشوارع لأن هذا أيضاً صفة من صفات "الدولة الراعية للغاية".
نعود إلى مكتب أسواق الغاز والكهرباء ورغبته في منع التقنين، وحتى انقطاعات الكهرباء، فضلاً عن البؤس المالي لدى الناس الذين لا يستطيعون تحمل ارتفاع الأسعار.
كل مرة ترد تقارير عن التقنين المحتمل، يقول لنا الساسة وقادة قطاع الطاقة إن ذلك "غير مرجح للغاية". بريطانيا في موقف جيد جداً. لا داعي للقلق. لماذا إذاً تظل التقارير متداولة؟ لأن خطر التقنين لا يزال ماثلاً.
تناول بريرلي الموضوع نفسه في خطابه: "تظل الصورة الإجمالية لبريطانيا مؤاتية. نحن في موقف أقوى من موقف العديد من البلدان الأوروبية".
حسناً، شكراً لذلك. قد تنطفئ الأضواء هنا، لكن انظروا إلى ما يواجهونه في بلغاريا! إلا أن بريطانيا ليست بلغاريا أو أي مكان آخر قد يهم بريرلي أن يجري مقارنة غير مؤاتية بين وضعه والوضع الذي يشرف عليه.
هذه هي المملكة المتحدة حيث "لا ينبغي لنا أن نتوهم أن هذا الشتاء من المرجح أن يكون صعباً – ولا يمكننا في أي وقت، ولا سيما هذا الشتاء، أن نستثني المخاطر كلها". ورد ذلك أيضاً في الخطاب الذي وقع في الفخ الذي يقع فيه العديد من الأشخاص الذين تطرقوا إلى هذه المسائل: هم جميعاً ينغمسون في إرسال رسائل متضاربة.
من ناحية، يحضون الناس على توفير الطاقة – ليس فقط لأن من الأرخص أن يفعلوا ذلك، بل أيضاً لأن من الممكن أن يخرجنا من أزمة قد تكون بغيضة. ومن ناحية أخرى، يقول هؤلاء إنهم لا يقلقون، فنحن في حالة ممتازة، ولن نتعرض إلى أزمة بغيضة. على الأرجح. لكن انظروا إلى الوضع في بلغاريا!
من المقلق أن يصدر هذا الكلام عن الهيئة التي نضطر إلى الاتكال عليها لمساعدتنا في توفير الطاقة بعدما غسلت تراس يديها من المسألة.
على ما يبدو، يعمل مكتب أسواق الغاز والكهرباء مع منظمة "مشورة المواطنين" Citizens Advice وسيشن حملة ما على وسائل التواصل الاجتماعي... وغير ذلك. ربما من الأفضل لنا جميعاً أن نتعلم حياكة الملابس الدافئة. لكن هل هناك دورة تعليمية متاحة لم تقلص الحكومة الإنفاق عليها؟
© The Independent