على غير العادة، يخيم الهدوء على مقر إقامة المعرض الدولي للكتاب في الجزائر، والمعروف بقصر المعارض، بعد أن دأبت الحكومة عبر وزارة الثقافة تنظيمه خلال الفترة بين نهاية أكتوبر (تشرين الأول) وبداية نوفمبر (تشرين الثاني) من كل سنة، الأمر الذي أثار تساؤلات.
الحدث ليس بقريب... والسبب تقديمه
وفي وقت اعتاد سكان العاصمة على حركة ثقافية بارزة تنطلق منذ بداية أكتوبر من خلال التحضيرات التي تسبق فعاليات المعرض الدولي للكتاب، ووصول الكتب والمهتمين بـ"فعل التأليف"، وتنظيم لقاءات وندوات ونقاشات ورحلات رسمية وأكاديمية، وبينما دأب الكتاب والناشرون على تحضير ما جادت به أقلامهم من كتب ومنشورات لدخول الموعد الثقافي الدولي في التاريخ المعتاد، لا شيء من هذا القبيل لحظته "اندبندنت عربية" وهي تتجول في شوارع العاصمة وفي قصر المعارض بمنطقة "الصنوبر البحري"، ما يوحي بأن الحدث ليس بقريب.
ومن أجل معرفة ما يجري، وما أسباب "الصمت" الثقافي هذه الفترة التي يفترض أن تكون صاخبة بالتحضير للمعرض الدولي للكتاب، ذكر مصدر من وزارة الثقافة الجزائرية رفض الكشف عن هويته، أن الأمر يتعلق بتقديم التظاهرة المقررة في أواخر أكتوبر الحالي إلى الفترة الممتدة بين 24 و31 مارس (آذار) الماضي، وكشف عن أنه سيتم تعويض الحدث بمعرض وطني للكتاب يرافق القمة العربية المقررة في الجزائر يومي الأول والثاني من نوفمبر المقبل.
التظاهرة نظمت في مارس الماضي استثنائياً؟
ونظمت وزارة الثقافة الجزائرية معرض الجزائر للكتاب في مارس 2022، بشكل استثنائي بعد توقف استمر سنتين بسبب تداعيات تفشي جائحة "كورونا". وقالت إنه "ستكون الطبعة الـ25 بمثابة دورة رمزية بمعنى الكلمة في تاريخ الحدث"، مضيفة أن "الدورة تصادف ربع قرن من الاحتفال بالكتاب الذي بواسطته عبر الجزائريون والجزائريات من مختلف الأجيال، وبمثابة جزء كامل من تاريخ البلاد الحديث"، وأشارت إلى أن "الدورة الـ25 ستعيد الصلة بين الجمهور وهذا الحدث الرئيس في الحياة الثقافية الوطنية، من خلال الوصول إلى المؤلفات الصادرة حديثاً أو النادرة منها".
وعلى رغم أن الدورة جاءت عقب رفع الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا، إلا أنها سجلت مليون و300 ألف زائر، و100 ألف زائر للمنصة الافتراضية، وفق ما ذكر محافظ المعرض محمد إيقرب الذي أبرز أن الدورة الـ25 سجلت مشاركة 1250 دار نشر، من بينها 266 جزائرية، و324 عربية و660 غربية، تمثل 36 دولة من مختلف قارات العالم، إضافة إلى 300 ألف عنوان. ولفت إلى أن الحدث عرف برمجة أكثر من 50 فعالية ثقافية، تناولت مواضيع الذاكرة والتاريخ والأدب والمسائل الفنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التصرف يؤثر في الكتاب
وفي السياق، يعتقد الكاتب حكيم مسعودي أن التصرف الذي أقدمت عليه وزارة الثقافة سيؤثر في الكتاب غير المعروفين الذين قد يجدون فرصتهم في مناسبات كهذه لعرض عناوينهم على الجمهور، أما الكتاب المعروفون فهم في غنى عن هذه المعارض الترويجية من ناحية الانتشار. واعتبر أنه من ناحية ما، سيفقد الكتاب فرصة الاحتكاك مع دور النشر الأجنبية وفضاءات النقاش الأدبي التي تنظم على هامش المعرض.
ويتابع مسعودي أن المعارض في العموم هي بمثابة حلبة تنافس غير معلن بين الكتاب، والتقليل من مستواها هو نكسة لأن ذلك إنقاص من مستوى المتنافسين، مشدداً على أن الطبعة المقبلة ستكشف عن جدوى المعارض المحلية، كونها ستكون قياساً لاعتبارات الكتاب والقراء اتجاه كل منهما.
الصالون الوطني للكتاب
وسبق للجزائر تنظيم الصالون الوطني للكتاب تزامناً مع تظاهرة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في مدينة وهران، بمشاركة أكثر من 30 دار نشر من مختلف محافظات البلاد، وبثمانية آلاف عنوان بمختلف اللغات في شتى الاختصاصات العلمية والتاريخية والثقافية والدينية والقانون والدراسات الأكاديمية والرواية وقواميس وكتب للأطفال، ومراجع لكل الأطوار الدراسية، وهو المعرض الذي راهنت عليه السلطات بهدف إبراز تطور صناعة النشر في الجزائر، وكذا الكتاب لاسيما الشباب منهم للتعريف بإبداعاتهم عن طريق البيع بالتوقيع، إضافة إلى تحفيز الشباب والأطفال على المطالعة. كذلك تم برمجة أنشطة ثقافية عدة والتوقيع لقرابة 28 مبدعاً، ومسابقة للقصة موجه للأطفال، وورشات للأشغال اليدوية والرسم، ومعرض للفنون التشكيلية، وعروض فنية للحكواتي، ومحاضرات حول "دور المجتمع المدني في ترقية القراءة والكتابة" وأمسيات شعرية وأدبية.
تاريخ الدورة 25 كان ارتجالياً
إلى ذلك تقول الإعلامية المهتمة بالشؤون الثقافية والأدبية وردة زهور غربي إن المعرض الدولي للكتاب الذي يقام كل سنة في الفترة بين نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر، تم تنظيمه في الفترة الممتدة بين 24 و31 مارس (آذار) الماضي، وأنه سيكون هناك تعويض من خلال معرض وطني للكتاب يرافق القمة العربية المقررة في الجزائر يومي الأول والثاني من نوفمبر المقبل بسبب التخوف من عودة جائحة كورونا، أي تمت إقامته في ذلك التاريخ استثناء، وعليه فإنه من المستحيل تنظيم دورة أخرى في الموعد المعتاد والمقرر هذه الأيام. وقالت إن موازنة الدورة 25 المقررة في 2022 استهلكت في دورة مارس، بالتالي لا يمكن إقامة طبعة أخرى في أكتوبر، مشددة على أنه من أبجديات المهرجانات والمعارض أنها تحافظ على مواعيدها وتواريخها حتى لا تتصادم مع أخرى منظمة في بقية الدول، وعليه فإنه من المهم والاحترام التمسك بالتواريخ لاعتبارات عدة، أهمها أنها تسمح للمهنيين بضبط أجندتهم. وختمت أن تاريخ الدورة 25 كان ارتجالياً، وله تأثير في دور النشر والكتاب بخاصة من الناحية المادية.