خلّف وصول طفلة صغيرة عمرها أربع سنوات إلى السواحل الإيطالية بمفردها، صدمة في المجتمع التونسي، كما تداولت الصحف الإيطالية الخبر معلِنة أن السلطات الإيطالية اعتنت بالطفلة، ووفرت لها الرعاية الطبية والنفسية الضرورية.
وتحدثت وسائل إعلام محلية في تونس عن أن العائلة المكوّنة من الأب والأم وطفلتين (4 و7 سنوات) لم يتمكنوا من الصعود جميعاً إلى المركب الذي سينقلهم من الشاطئ الى سواحل إيطاليا.
الطفلة في حالة صدمة
في المقابل، قال النائب السابق في البرلمان المنحل عن دائرة إيطاليا، مجدي الكرباعي، في تصريحات صحافية، إنه "تلقى اتصالاً هاتفياً من عائلة الطفلة للتدخل ومتابعة وضعيتها مع السلطات الإيطالية"، مؤكداً أن "طفلة الأربع سنوات وصلت يوم الأحد الماضي بعدما غادر المركب تونس في اليوم الذي سبقه". وأوضح أن "المركب كان بعيداً من الشاطئ، فحمل الأب طفلة الأربع سنوات، بينما حملت الأم شقيقتها"، مضيفاً أنه "بمجرد وصول الأب إلى القارب سمع صراخ زوجته التي شعرت بأنها ستغرق خلال حملها الطفلة الثانية".
وذكر الكرباعي أن "الأب، وبحسب العائلة، وضع طفلته في القارب وعاد لنجدة الأم وابنته الأخرى، لكن الأم انتابتها حالة هستيرية وخوف فبدأت بالصّراخ. وفي ظل كل ما حصل من فوضى، قرّر صاحب المركب المغادرة وترك العائلة، خوفاً من تنبه وحدات الحرس البحري لعملية الإبحار خلسة".
وأضاف النائب السابق أن "الطفلة غادرت في المركب مع بقية المهاجرين، فيما قرّرت السلطات التونسية إيقاف الأب والأم للتحقيق معهما بتهمة إهمال قاصر والاتجار بالبشر، إضافة إلى التحقيق في مصدر الأموال التي دفعاها للمهرّب".
وأكد الكرباعي أن "الطفلة وضعت في مركز لرعاية الأطفال، وتتم متابعة وضعها النفسي، حيث أنها كانت في حالة صدمة".
شبهة الاتجار بالبشر
من جهته، أكد فريد بن جحا، الناطق الرسمي باسم محاكم المنستير وسوسة والمهدية في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "النيابة العمومية تحقق في موضوع الطفلة وأوقف الأب والأمّ وهما رهن التحقيق في شبهة الاتجار بالبشر، ولمعرفة مصادر الأموال التي دفعت إلى منظم عملية الإبحار خلسة".
وأضاف بن جحا أنه "سيتم فيها عرض الأب والأم على العدالة في الساعات المقبلة لتقرر في شأنهما بحسب ما ستثبته التحقيقات"، مشدداً على "ضرورة مراعاة المصلحة الفضلى للطفلة".
يذكر أن مصادر إعلامية محلية تحدثت عن أن العائلة من منطقة صيادة من محافظة المنستير (الساحل)، والأم عاطلة من العمل في عقدها الثالث، بينما يعمل الأب في محل لبيع الوجبات الخفيفة، وهي عائلة متوسطة الدخل، ومستقرّة وغير مدرجة في سجل العائلات المعوزة بحسب إفادات السلطات المحلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي، قد أكد أن "الاعترافات الأولية للوالدين، تفيد بأنهما منحا مبلغ 24 ألف دينار (حوالى 8 آلاف دولار)، مقابل الهجرة غير الشرعية لجميع أفراد الأسرة"، لافتاً إلى أن "النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بوالدي الطفلة بتهمة تكوين وفاق يهدف إلى اجتياز الحدود خلسة، ما أدى إلى تضرّر قاصر، كما تم الاحتفاظ بصاحب المركب الذي ادّعى أنه سُرق بعد أن قام ببيعه".
وبينما تستفحل ظاهرة الهجرة السرية التي شملت الشباب والأطفال والقصر وحتى العائلات، تلتزم الحكومة التونسية الصمت المطبق من دون أن تبتكر حلولاً تقلّص من تفشي الظاهرة، أو تتم معالجتها وفق مقاربة مختلفة عن الحلول الأمنية.
13 ألف مهاجر خلال سنة
ووفق إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تحتلّ الجنسية التونسية المرتبة الأولى في الواصلين إلى إيطاليا بنسبة 18 في المئة، بعدما كانت في المرتبة الثالثة العام الماضي، ووصل إلى السواحل الإيطالية خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية (2022)، حوالى 13 ألف مهاجر، بينهم 1300 من القصّر.
وتعتبر هذه الأرقام التي نشرها المنتدى غير مسبوقة، تعكس الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه التونسيون ما دفع بأعداد كبيرة منهم إلى ركوب البحر للوصول إلى أوروبا.
يذكر أن تونس تعيش خلال هذه الفترة، على وقع مآسٍ عدة في علاقة بالهجرة السرية ومن بينها فاجعة "جرجيس" (جنوب)، والتي خلّفت حالة احتقان كبيرة، بعد غرق مركب يحمل عشرات التونسيين، غرقوا في عرض البحر من دون أن تتمكن السلطات من العثور على جثثهم، وتتهم عائلات
الضحايا السلطات المحلية بالتقصير في التعاطي مع الحادثة ما دفع بالأهالي إلى الطلب من البحارة للقيام بحملات تمشيط في البحر بحثاً عن جثث أبناء الجهة.