Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرض الضريبة على الثروة في الجزائر يصطدم بصعوبات 

تعتري الخطوة مطبات عديدة بسبب حساسيتها وغياب الإرادة السياسية بخاصة أن الخاضعين لها هم في الغالب ذوو نفوذ وسلطة

لا يزال الشارع يترقب انطلاق عملية فرض الضريبة على الثروة (التواصل الاجتماعي)

لا يزال البحث عن تحصيل ضريبة الثروة يشغل بال الحكومة في الجزائر، بعد شكوك الشارع بأن الملف طوي على خلفية صعوبة الوصول إلى تحديد هوية الأثرياء، وجاء مشروع قانون الموازنة لعام 2023، ليعيد التدقيق في الموضوع بغية الانطلاق في العملية.

تعديل وتتميم... وقراءات

تنص المادة 34 من مشروع القانون المتواجد على طاولة مكتب البرلمان، على تعديل وتتميم أحكام المادة 21 من قانون الإجراءات الجبائية، التي تشير إلى أنه "يمكن لأعوان الإدارة الجبائية أن يشرعوا في التحقيق المعمق في الوضعية الجبائية الشاملة للأشخاص الطبيعيين الذين لديهم موطن جبائي في الجزائر بالنسبة إلى الضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على الثروة سواء لديهم التزامات متعلقة بهاتين الضريبتين أو لا".
وأبرز النص، أنه" يمكن أيضاً أن يخضع لهذا التحقيق الأشخاص الذين ليس لديهم موطن جبائي في الجزائر، عندما تكون لديهم التزامات بعنوان هاتين الضريبتين نفسهما"، مضيفاً أنه "بمناسبة هذا التحقيق يقوم الأعوان المحققون بمراقبة التطابق بين المداخيل المصرح بها والذمة والحالة المالية والعناصر المكونة لنمط البيت الجبائي"، ونهى أنه "لا يمكن القيام بتحقيق معمق في الوضعية الجبائية الشاملة لشخص طبيعي في ما يتعلق بالضريبة على الدخل، والضريبة على الثروة دون إعلام".
وبينما تعتبر جهات أن هذا التدبير يهدف إلى توسيع مجال التحقيق المعمق في الوضعية الجبائية الشاملة إلى الضريبة على الثروة، ترى أخرى أنه يندرج ضمن جهود الإدارة الرامية إلى تحديد هوية الأشخاص الخاضعين للضريبة على الثروة وحصر المادة الخاضعة التي تستعمل لحساب هذه الضريبة.
العدالة الأفقية؟
في المقابل، يعتقد أستاذ الاقتصاد بوزيان مهماه، في رده على سؤال حول أسباب عدم دفع أغنياء الجزائر للضريبة على الثروة، أن "الثروة هي ملكية ولا يمكن أخذ الملكية من أحد إلا بالحق، لذا ينبغي وضع قانون عادل وشفاف وقابل للتنفيذ"، مشدداً أن الخطوة تقتضي تحديد المفهوم بدقة وما المقصود بالثراء وما سقفه، مع تحديد آليات الإحصاء الفعال والشفاف للثروة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أنه في ظل غياب آليات التصريح والتدقيق والفحص لمكامن الثروة، فإن أي تطبيق لها سيكون ظالماً، لأنه سيعتمد الإحصاء الصوري فقط وهنا صلب المشكلة، مع وجود كتلة نقدية مهولة خارج دائرة التداول الرسمي وعدم وضع آليات لمعرفة أصحابها الحقيقيين، موضحاً أن الضريبة على الثروة تستند إلى قاعدة العدالة الأفقية، أي المعاملة المتساوية لدافعي الضريبة، بتحقيق منطق العدالة في الاقتطاع المالي بين الموظف المساهم في الوعاء الضريبي من خلال الضريبة على الدخل، والغني الذي يستفيد من خدمات هذا الموظف ليراكم الثروة.

صعوبات واختلافات
سبق أن وجه الرئيس تبون تعليمات بإعادة إحياء ضريبة الثروة مع تحديد شروطها، وتخفيض الرسوم المطبقة على أجور العمال والموظفين، وهو ما تم الاستجابة له في قانون الموازنة لعام 2021 الذي تضمن فرض ضريبة على الثروة بالنسبة إلى الأملاك والعقارات والأموال، وحددت الضريبة آنذاك 15 في المئة لكل من يملك أموالاً بين 100 و150 مليون دينار فما فوق، أي بين 700 ألف و1.1 مليون دولار، ترتفع كلما ارتفعت قيمة الثروة المملوكة، لكن تطبيقها واجه صعوبات في ظل عدم وجود إحصاءات بعدد الأثرياء المعنيين.
وفي كل مرة تتم فيها إثارة الموضوع، تتحرك عناصر المشهد العام في البلاد من سياسيين واقتصاديين وفئات واسعة من الشعب، وبينما يرى بعض الطبقة السياسية أن القرار ديماغوجياً يستهدف الحد من الأسئلة التي يطرحها الشارع في شأن إذا كان الأثرياء يدفعون الضريبة، أم أن إجراءات شد الحزام والتقشف تسري على المواطن البسيط فقط، يشدد اقتصاديون على أن تحصيل الضريبة على الثروة يبقى صعباً على أرض الواقع في ظل العراقيل التي يجب إزالتها، ما يجعل المادة القانونية صماء، في حين يراقب الشارع أخباراً تثلج الصدور بالكشف عن عدد الأثرياء المعنيين بالضريبة.
وفي خضم تصاعد الانشغال، حاولت الحكومة بعث رسائل طمأنة، وقال في وقت سابق الوزير الأول أيمن بن عبدالرحمن، على هامش جلسات برلمانية لمناقشة قانون الموازنة لعام 2021، إن "إدارة الضرائب بصدد إعداد بطاقة للخاضعين للضريبة على الثروة، من خلال إحصاء وتقييم ممتلكاتهم بما يسمح بتطبيق هذه الضريبة بكل عدالة وشفافية، طبقاً لأحكام قانون الضرائب"، كما أوضح أن الضريبة على الثروة تفرض على الممتلكات ذات القيمة على غرار الطائرات والسيارات الفخمة وغيرها، كما أن فرض الضريبة على الأغنياء يندرج ضمن إرساء العدالة الاجتماعية، منوهاً بوضع آليات خاصة من خلال بطاقة وطنية للغشاشين والمتهربين من الضرائب.
فراغ قانوني؟
في سياق متصل، يقول رئيس الجمعية الوطنية للمستشارين الجبائيين الجزائريين، بوبكر سلامي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن الإدارة الجبائية لها الحق في التحقيق الجبائي لكل مكلف بالجباية على أساس تصريحاته الجبائية أو وضعيته الجبائية للتأكد من مطابقة عملياته على تصريحاته، ولها الحق بفرض الضريبة على الفارق بين الوضعية الحقيقية والتصريحات الجبائية، لكن كان هناك فراغ قانوني، حيث لم يكن القانون يوضح صراحة بأنه يمكن التحقيق في مداخيل الأشخاص الذين ليس لديهم ملف جبائي وتصريح منتظم بالمداخيل، وهذه الفئة عادة لا تخضع للتحقيق على رغم أن نفقاتهم مرتفعة ولا يصرحون بمداخيلهم أو يصرحون بمداخيل أقل بكثير من نفقاتهم".
ويشير إلى نقص الوسائل وحساسية موضوع الضريبة على الثروة التي شكلت عائقاً في وجه الإدارة الجبائية من أجل فرضها ومتابعتها على رغم ما يمكن أن تدره على الخزينة العمومية.
ويتابع سلامي، أنه وفقاً لما سبق، تدخلت السلطة ممثلة في الحكومة لإعطاء الأدوات القانونية والتشريعية الواضحة لأخذ هذا الموضوع بجدية أكثر للتكفل بالضريبتين، الضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على الثروة، وربطها بمستوى الإنفاق للوصول إلى مستوى الدخل وفرض الضريبة الواجبة، موضحاً أن الضريبة على الثروة واجهت صعوبات كبيرة للتطبيق في الميدان بسبب حساسيتها وغياب الوسائل والميكانيزمات والإرادة السياسية، بخاصة أن الخاضعين لها هم في غالب الأحيان أشخاص ذوو نفوذ وسلطة، إضافة إلى صعوبة تحديد قيمة الأملاك.
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي