لا يموت المغاربة من الجوع ولا حتى من سوء التغذية، وعلى الرغم من ذلك يتحدث مؤشر الجوع العالمي الذي أصدره أخيراً المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية عن تموقع المملكة في قائمة البلدان ذات التهديد المنخفض بالجوع وارتفاع نسبة المغاربة المصابين بسوء التغذية.
ووضع مؤشر الجوع العالمي
المغرب في المركز 47 من بين 136 دولة، بمعدل 9.2 في المئة عام 2022 بينما ارتفع نقص التغذية إلى 5.6 في المئة بين عامي 2019 و2021.
يرى مراقبون مغاربة أن مؤشر الجوع العالمي مقياس خطأ لا يمكن اعتماده في شأن حالة المغرب، بينما يسوغ آخرون سوء التغذية عند عديد من المغاربة إلى نوعية نمط الحياة والعيش السريع المليء بالضغوط النفسية.
أرقام
في المقابل، أفاد
مؤشر الجوع العالمي إلى أن المغرب يتبوأ المرتبة 47 في العالم، منتقلاً من معدل 15.8 في المئة عام 2000 إلى 9.2 في المئة خلال السنة الحالية.
ووفق المصدر ذاته، تبوأت تونس المرتبة 26 من بين 136 بلداً شملهم المؤشر الدولي والجزائر في المرتبة 32 والأردن في المركز 53، بينما تعاني 44 دولة في العالم من "مستويات جوع خطيرة أو مثيرة للقلق ". وبلغ نقص التغذية في المغرب، وفق مؤشر الجوع العالمي، نسبة 5.6 في المئة بين عامي 2019 و2021، بعد أن كان المعدل قد بلغ 4.1 في المئة بين عامي 2013 و2015.
وتبعاً للمؤشر، فإن معدل هزال الأطفال ذوي أعمار أقل من 5 سنوات بلغ 15.1 في المئة بين سنتي 2017 و2021، بينما انخفض معدل وفيات الأطفال بشكل لافت من 5.2 في المئة عام 2000 إلى 1.9 في المئة عام 2020. وتعرف منظمة الصحة العالمية سوء التغذية بأنه يعني "النقص أو الزيادة أو عدم التوازن في مدخول الطاقة والمغذيات لدى الشخص، ويشمل مصطلح سوء التغذية 3 مجموعات واسعة النطاق من الحالات الصحية.
هذه المجموعات، وفق المنظمة العالمية، تتمثل في نقص التغذية الذي يشمل الهزال (وهو انخفاض الوزن بالنسبة إلى الطول)، والتقزم (وهو قصر القامة بالنسبة إلى العمر)، ونقص الوزن (وهو انخفاض الوزن بالنسبة إلى العمر).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أسباب سوء التغذية
وعزا المتخصص في أهداف التنمية المستدامة حسن أكوزول، معدلات سوء التغذية في المغرب وفق مؤشر الجوع العالمي، إلى أمرين رئيسين، الأول يتمثل في وتيرة الحياة السريعة، والحياة تحت رحمة الضغوط النفسية، والتحركات الكثيرة، سواء في العمل أو الدراسة.
ويضيف أكوزول أن هذا النمط من الحياة المعاصرة المتسمة بالسرعة الكبيرة والتحركات الكثيفة، يدفع المغاربة رغماً عنهم إلى تناول وجباتهم الغذائية أحياناً كثيرة خارج البيت، ما يؤدي إلى نمط غذائي في أغلبه غير سليم وغير صحي.
ويضيف أن الأمر المفسر الثاني يتمثل في التكوين الغذائي نفسه الذي تغير في السنوات الأخيرة بشكل كبير، إذ إن التغذية في الوقت الراهن تتضمن عناصر ليست بالضرورة سليمة، كما أنها عسيرة الهضم ما يخلق مشكلات هضمية تظهر على شكل أمراض مرتبطة بسوء تغذية.
ويوضح أكوزول أن نمط العيش غير السليم وغير الصحي، بسبب تطور التكنولوجيا الحديثة والحركة الكثيرة والعيش وسط الضغوط النفسية، أمور جعلت الإنسان ينتقل من نمط غذائي "محافظ" يعتمد على مواد كيماوية أقل ومواد طبيعية أكثر، إلى نمط حياتي عصري يتسم بكثرة العناصر الغذائية غير الصحية وقلة المواد طبيعية، ما يفسر الوقوع فريسة لمشكلات تعلق بسوء التغذية.
معايير لا تعني المغرب
في المقابل شدد رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي، أن عدداً من المؤشرات الدولية تتضمن مقاييس خاطئة ولا يمكن تطبيقها بالضرورة على المغرب، بالنظر إلى اختلاف السياقات والخلفيات والبيئات التي تنطبق عليها مثل هذه الدراسات والمؤشرات.
وأبرز أن النمط المعيشي في المغرب يختلف كثيراً عن نمط العيش في المجتمعات الأوروبية والأميركية، بالتالي يحق التساؤل: هل من الناحية العلمية والعملية يمكن تطبيق مثل هذا المؤشر العالمي على المغرب؟.
وأضاف الخراطي "من المعلوم أنه في المغرب لا يموت الناس بالجوع، إذ لا يوجد ضحايا جوع في الشوارع، بالتالي يتعين التساؤل: هل تعطي مثل هذه المؤشرات الدولية صورة حقيقة عن وضعية الجوع أو الفقر مثلاً في المغرب"؟. ولفت أن معيار سوء التغطية أو الجوع ربما يكون من الأفضل أن يعتمد على كميات الخبز التي تلقى في القمامات"، مشيراً إلى أن المجتمع المغربي يتسم بخصوصيات معينة قد لا تجدي معه بعض المؤشرات الدولية.
وأوضح أن "وزارة الداخلية وحدها التي تمتلك حقيقة خريطة الجوع والفقر وسوء التغذية في البلاد"، مضيفاً أنه "إذا كان المعيار مثلاً هو طوابير المستولين، فوجود المتسولين لا يعني أبداً أنهم فقراء أو جوعى". وفي سياق متصل، انتقدت الهند مؤشر الجوع العالمي الذي وضعها في الرتبة 107 عالمياً، حيث اعتبرت أن المؤشر يعتمد على "مقياس خطأ"، وأنه "يعاني مشكلات منهجية خطيرة".