وجدت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الأطعمة الفائقة التصنيع [المصنعة إلى حد كبير ويضاف إليها مواد ويتلاعب بمكوناتها] ربما يكونون عرضة أكثر للإصابة بالخرف مقارنةً مع من يتناولون كميات قليلة منها.
ومعلوم أن الأطعمة الشديدة المعالجة من قبيل المشروبات الغازية، ورقائق البطاطا، والآيس كريم، والنقانق، والخبز المغلف، وحبوب الفطور بالنكهات، والطماطم المعلبة، والفاصوليا المطبوخة والمعبأة، والكاتشاب، والمايونيز، تحتوي على نسبة منخفضة في البروتين والألياف في حين أنها غنية بالسكر المضاف والدهون والملح، على ما أشار عدد من العلماء، بعضهم من "جامعة لوند" في السويد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت الدراسة، التي نُشرت أخيراً في مجلة "نورولوجي" Neurology، أن خطر الإصابة بالخرف ينخفض لدى المرء عند تضمين نظامه الغذائي مأكولات غير مصنّعة أو خضعت للحد الأدنى من المعالجة، والتخلي عن الأطعمة الفائقة التصنيع.
عموماً، "يُقصد بالأطعمة المصنعة جداً تلك المأكولات التي يكون تناولها سهلاً وطعمها لذيذاً، غير أن وجودها في النظام الغذائي لدى الشخص يجعله أقل جودة. من المحتمل أن تحتوي هذه الأطعمة أيضاً على إضافات غذائية أو جزيئات متناهية الصغر [بلاستيكية وسامة مثلاً] تجد طريقها إليها من الأغلفة والعبوات أو أثناء التسخين، علماً أن دراسات أخرى قد وجدت أن هذه الأطعمة تطرح آثاراً سلبية على مهارات التفكير والذاكرة"، كما ذكرت الباحثة في الدراسة هوبينغ لي في تصريح أدلت به في هذا الشأن.
"لم يقتصر بحثنا على اكتشاف أن الأطعمة المصنعة جداً مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالخرف، بل وجد أيضاً أن استبدال خيارات غذائية صحية بها ربما يقلص خطر الإصابة به"، أضافت الدكتورة لي.
في الدراسة، تفحص العلماء صحة 72 ألفاً و83 شخصاً، تراوحت أعمارهم بين 55 سنة أو أكثر، مستندين إلى بيانات جمعها "البنك الحيوي في المملكة المتحدة" UK Biobank، علماً أنها قاعدة بيانات ضخمة تضم معلومات صحية عن نصف مليون شخص في المملكة المتحدة.
وقال الباحثون إن المشاركين خضعوا لمتابعة استمرت 10 سنوات في المتوسط، ولم يكونوا يعانون الخرف في بداية البحث.
قدم هؤلاء إجاباتهم على استبيانين في أقل تقدير حول الأطعمة والمشروبات التي تناولوها في اليوم السابق، مع متابعة استمرت حتى مارس (آذار) 2021.
من بين الأشخاص الذين خضعوا لتقييم، وجد العلماء أن 518 شخصاً كابدوا الخرف في ختام البحث.
في مرحلة لاحقة، احتسب العلماء كمية الأطعمة الفائقة المعالجة التي تناولها المشاركون، وقارنوها بعدد الغرامات اليومية التي استهلكها هؤلاء من الأطعمة الأخرى، وذلك للحصول على نسبة من نظامهم الغذائي اليومي.
كذلك قسم العلماء المشاركين إلى أربع مجموعات متساوية، تتراوح بين استهلاك النسبة الأدنى من الأطعمة الفائقة المعالجة والنسبة الأعلى منها.
في النتيجة، وجد الباحثون أن الأطعمة الفائقة المعالجة تمثل حوالى عُشر النظام الغذائي اليومي للأشخاص في المجموعة الأدنى [من استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة]، أو نحو 225 غراماً في اليوم.
وعند المقارنة، تبين أن نسبة 28 في المئة من النظام الغذائي اليومي لمن يندرجون في الفئة الأعلى [من استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة]، أو 814 غراماً يومياً، اشتملت على أطعمة فائقة المعالجة.
شكلت المشروبات الفئة الأبرز بين المواد الغذائية التي أسهمت في ارتفاع نسبة استهلاك المواد الغذائية الفائقة المعالجة، وفق العلماء، وتلتها الأطعمة السكرية ومنتجات الألبان.
أصيب بهذه الحالة العصبية ما يزيد قليلاً على 100 من أصل 18 ألفاً و21 شخصاً في الفئة الأدنى [من استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة]، بينما أصيب 150 من هؤلاء في الفئة الأعلى [من استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة].
وعند أخذ العوامل الأخرى في الاعتبار، بما في ذلك العمر والجنس والتاريخ العائلي، قال العلماء إنه في مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المئة في الاستهلاك اليومي للأطعمة الفائقة المعالجة، بلغ خطر الإصابة بالخرف لدى الناس 25 في المئة.
وعلى رغم إقرارهم بأن الدراسة لا تثبت أن هذه الأطعمة تسبب الخرف، إنما تعمل فقط كحلقة وصل، قال العلماء إنه في حال تخلى المرء عن عُشر الأطعمة الفائقة المعالجة واستعاض عنها بأطعمة أخرى غير مصنعة أو خضعت للحد الأدنى من المعالجة فحسب- مثل الفاكهة الطازجة والخضراوات والبقوليات والحليب واللحوم - ربما تنخفض مخاطر الخرف لديه بمقدار الخمس.
وفي الختام، قالت الدكتورة لي إنه "من المشجع معرفة أن إدخال تغيرات صغيرة إلى النظام الغذائي قد تصنع فارقاً في ما يتصل بخطر إصابة المرء بالخرف"، مضيفة أن تأكيد النتائج يستدعي النهوض بمزيد من البحث.
© The Independent