أُلقي اللوم في تزايد عدد الاطفال الذين يبحثون عن المساعدة في مسائل الصحة العقلية إلى التخفيضات الحادة في ميزانيات السلطة المحلية.
ويدعو السياسيون وقادة المجالس الحكومة إلى ضخّ المزيد من التمويل في خدمات الأطفال إذ كشف تحليل للأرقام بأنّ عدد الشبان الذين حدّدتهم المجالس بأنّهم يعانون من مشاكل في الصحة العقلية ارتفع إلى 54 في المئة خلال أربع سنوات.
فقد ارتفع العدد من 133600 في العامين 2014-2015 ليبلغ 205702 خلال العامين 2017-2018 مع تسجيل أكثر من 560 حالة يومياً كمعدّل خلال العام الماضي.
وقالت جمعية الحكم المحلي LGA التي أجرت التحليل أنّ مراكز الأطفال وخدمات الدعم الأسري - الحيويّة في الاعتناء بالأطفال قبل أن تصبح المشكلات أكثر خطورة- قد فقدت 60 بنساً من كلّ جنيه استرليني واحد حصلت عليه من الحكومة المركزية خلال العقد الأخير.
وتمّ إلغاء بعض هذه الخدمات أو إنهائها كلّها مع اضطرار حوالي ألف مركز تابع لمبادرة Sure Start -التي تُعنى بالأطفال وتوفّر الخدمات الصحية والتعليمية في سنوات الطفل الأولى- على الإقفال منذ العام 2010.
وقالت جمعية الحكم المحلي أنّ المجالس تعتني حالياً بـ75420 طفلاً وأنّه تمّ تسجيل زيادة قدرها 84 في المئة من الأولاد الذين يستفيدون من خطط حماية الطفل في حين أنّ تسعة مجالس من أصل 10 مجبرة على تخطّي ميزانياتها المخصصة للرعاية الاجتماعية للأطفال.
كما شهدت خدمات الصحة العامة التي تدعم أيضاً تطوّر الطفل المبكر اقتطاعاً بلغ 700 مليون جنيه استرليني من ميزانياتها خلال خمس سنوات.
وقالت باربارا كيلي وزيرة الصحة العقلية والرعاية الاجتماعية في حكومة الظل بأنّ الاقتطاعات من ميزانيات المجالس المحلية أدّت إلى فقدان خدمات الدعم الأسري. ووصفت ما أسمته "أزمة في الصحة العقلية للأطفال" مضيفةً: "من دون خدمات التدخّل المبكر الحيويّة، ينتهي المطاف بالأولاد إلى الوقوع في الأزمات. "
وقالت إنه بالإضافة إلى زيادة الاستثمار في خدمات الصحة العقلية للأطفال والشباب، يتوجب على الحكومة تمويل المجالس المحلية "بشكل صحيح" لضمان قدرتهم على تقديم خدمات الدعم الأسري التي يؤدّي غيابها إلى تفاقم مشاكل الصحة العقلية لتصبح أكثر خطورة.
وقالت المستشارة أنطوانيت برامبل رئيسة مجلس الأطفال والشباب في جمعية الحكم المحلي: "من الواضح أننا نواجه أزمة في صحة الأطفال العقلية وتكافح المجالس لتزويد الدعم الذي يحتاجه الأولاد بشدّة."
وأضافت أنّ ضغوط التمويل في خدمات الأطفال وصحتهم العامة أجبرت العديد من المجالس على اقتطاع بعض خدمات التدخّل المبكر "الحيوية" التي بوسعها دعم الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية ذات مستوى متدنٍّ وتساعدهم على تجنّب مشاكل أكثر خطورة في وقتٍ لاحق من حياتهم.
وأردفت برامبل قائلةً: "من المهمّ أن تقوم الحكومة بتمويل هذه الخدمات بشكل كافٍ ضمن مراجعة الإنفاق لهذا العام حتى نتمكن من معالجة هذه الأزمة الملحة والتأكد من حصول الأطفال على المساعدة التي يحتاجونها. إنه أقل ما يستحقونه وقد تكون عواقب عدم معالجة هذه الأزمة الآن مدمرة للشباب وأسرهم على حدّ سواء."
جاء ذلك بعد أن نبهت الكلية الملكية للأطباء النفسيين RCP إلى أنّ الاقتطاعات الحادة في ميزانيات مراكز Sure Start - التي أظهرت أنها تجنّب آلاف حالات الدخول إلى المستشفيات كلّ عام وتوفّر ملايين الجنيهات على الخدمة الصحية الوطنية- في المناطق الأكثر فقراً فاقمت الضغط على خدمات الصحة العقلية للأطفال وأججت أزمة الصحة العقلية للأطفال في المملكة المتحدة.
ردّاً على الأرقام الجديدة، قال د. جون غولدن، نائب رئيس كلية الطفل والمراهق في الكلية الملكية للأطباء النفسيين: "تقع خدمات الصحة العقلية والخدمات الاجتماعية للأطفال والمراهقين تحت وطأة ضغطٍ متزايد مع موارد غير ملائمة لتلبية الحاجات. إنّ التحقيق في التدخّل المبكر والوقاية هو أمر أساسي وبوسع مراكز الأطفال وخدمات الدعم الأسري أن تساعد في تجنّب تفاقم المشكلات. للأسف، يساهم واقع أنّ العديد من هذه المراكز أُجبرت على إغلاق أبوابها بسبب نقص في التمويل في تزايد الضغط على النظام ويعاني المزيد من الأطفال جرّاء ذلك."
وقال متحدّث بإسم وزارة الصحة والرعاية الصحية: "تشكّل صحّة أطفالنا العقلية أولويّة بالنسبة لهذه الحكومة ولهذا نقوم بتحويل الخدمات من خلال خطّة الخدمة الصحية الوطنية الطويلة الأجل - المدعومة بمبلغ 2,3 ملياري جنيه استرليني إضافي سنوياً- وبهذا سيتمكّن 345000 طفلاً وشاباً إضافياً من الحصول على رعاية صحة عقلية متخصصة بحلول 2023-2024. يُعدّ التدخل المبكر أمراً حيوياً ونحن نذهب أبعد من ذلك، إذ نقوم بتجربة وقت انتظار معياري مدته أربعة أسابيع للعلاج وتدريب قوة عاملة جديدة متخصصة في الصحة العقلية للمدارس في جميع أنحاء البلاد فضلاً عن تعليم الطلاب ما هي الصحة العقلية والبدنية الجيدة."
© The Independent