Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل مقبول الاحتفاء بأعمال مايكل جاكسون والتغاضي عن سيرته الذاتية؟

مع وصول المسرحية الغنائية التي حققت نجاحاً مبهراً في أميركا إلى لندن، نتساءل عما إذا كان من المناسب إنتاج عمل يتجنب تماماً الأسئلة المقلقة المثارة حول إرث الفنان

مايكل جاكسون يغادر قاعة المحكمة في يونيو 2005 في استراحة بعد المرافعات الختامية في محاكمة تحرشه بطفله في سانتا ماريا (غيتي)

عندما افتتح عرض "مايكل جاكسون: مسرحية غنائية" MJ the Musical، وهو إنتاج جديد ضخم يعرض في مسارح برودواي عن الفنان الراحل، في وقت سابق هذا العام، استعان بعض كتاب المراجعات الفنية بأغنية "الرجل في المرآة" Man in the Mirror الشهيرة لملك البوب إلى جانب أغنيات أخرى في عناوين مقالاتهم. جاء في عنوان "نيويورك تايمز": "في مسرحية مايكل جاكسون "لا أحد" ينظر إلى "الرجل في المرآة""، وفي "ذا غارديان": "استعراض ساحر من الأغنيات الناجحة لا ينظر "في المرآة"". أما "أسوشييتد برس" فكانت أكثر مباشرة في تعليقها "بعض "الإثارة"، الكثير "سيئ""، بينما اختار موقع "فالتشر" عنواناً أكثر ملاءمة معلناً أن "مسرحية مايكل جاكسون الغنائية موجودة في حجرة ضغط عال من الإنكار". لكن بالعموم، أعرب النقاد عن عدم ارتياحهم للطريقة التي احتفى بها العرض بجاكسون من دون الكثير من التدقيق على ما يبدو، متجاهلاً مزاعم الاعتداء الجنسي على الأطفال التي لاحقته لسنوات عدة.

ومع ذلك، حقق العرض نجاحاً كبيراً، إذ فاز بأربع جوائز "توني"، وهذا الأسبوع جاء الإعلان عن أن مسارح "ويست إند" في لندن ستستقبل المسرحية الغنائية في عام 2024، وهو خبر أستغربه شخصياً. هل نحن بحاجة حقاً إلى مسرحية موسيقية جديدة عن جاكسون، الشخص الذي طغى الجدل على إرثه لفترة طويلة؟ تقول المؤشرات من برودواي إننا حتى لو كنا بحاجة إلى عرض جديد، فحتماً ليس هذا.

يبدو أن الفريق الإبداعي للعرض كان على دراية بهذا السؤال. اتخذ القرار بأن يكون قالب المسرحية هو مدة التحضير لجولته الغنائية التي حملت عنوان ألبومه "خَطِر" Dangerous وانطلق بها في عام 1992 تحديداً، أي السنة التي سبقت توجيه أي اتهامات علنية ضده. يأتي صحافي من شبكة "أم تي في" ويحاول استفزازه بأسئلة مزعجة حول سلوكه المثير للريبة، فيجيب على ما يبدو: "مع كل احترامي، لكنني أريد أن يدور هذا الحوار حول موسيقاي". بالتأكيد إنه يريد ذلك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقف وراء العرض صناع مسرحيون قديرون: أخرجه كريستوفر ويلدون، الذي حول فيلم "باريس أميركية" An American Paris إلى نسخة مسرحية أنيقة، وكتبت النص الكاتبة المسرحية لين نوتيج، التي فازت بجوائز عدة عن مسرحيتها "عَرَق" Sweat حول تدهور الصناعة في المناطق المعروفة بحزام الصدأ في أميركا. لكن، الأهم من ذلك، أن العرض إنتاج مشترك مع الجهة المتحكمة بملكية جاكسون الفكرية، التي لطالما أنكرت بشدة أي مزاعم. غالباً يكون الحال هكذا مع المسرحيات الموسيقية المعتمدة على أغنيات رائجة: من دون دعم ملكية الفنان، يصعب الحصول على حقوق استعمال أغنياته، لكنها ليست صفقة سهلة، ما يعني أن القصة غالباً ما تتجاوز أي سلبيات. في العرض الافتتاحي للمسرحية في برودواي، تم إبعاد مراسل لمجلة "فارايتي" على ما يبدو لأنه كان يطرح "أسئلة حرجة".

كيف علينا أن نتعامل مع الفن العظيم الذي أنتجه أشخاص إشكاليون؟ هذه واحدة من النقاشات الأكثر إثارة للجدل في عصرنا. لا يمكن إنكار أن جاكسون صنع موسيقى بوب رائدة وشبه مثالية. وما زالت هذه الموسيقى مستمرة، ويمكن لأي شخص أن يستمتع بها متى شاء. إذا كنت لا تزال تحبها، فلا بأس في ذلك؛ إذا كنت لا تجرؤ على تشغيل أغنياته، فهذا مقبول أيضاً. أخيراً، كنت في مقهى يصدح بأعظم أغانيه وكان لدي إحساس يشعرني بالغثيان بأنني كنت محاصرة في مكان لم يطلع فيه أحد على الأخبار لمدة 20 عاماً، لكن بالطبع، هذه مشاعري الشخصية فقط، وعلاقة كل شخص بموسيقى جاكسون علاقة فردية. لكن الطريقة التي نختار بها تأطير حياته، والأهم من ذلك، قرار الاحتفال بها من دون أي اعتراض، هو خيار مختلف تماماً. بعد وثائقي "مغادرة نيفرلاند" Leaving Neverland الصادر عام 2019 والمتضمن شهادات مفصلة ومروعة من شخصين وجها اتهامات لجاكسون، بات من الصعب أيضاً التصالح مع سيرته الذاتية.

يزداد وضوحاً أن أعمال السيرة الاعتيادية ما عادت تصلح للعصر الذي نعيشه. إنها منمقة بإفراط، ونمطية جداً، ونظراً لرغبتنا المستمرة منذ فترة طويلة في تصفية الحسابات، يُنظر إلى إخفاء سلوك الشخصيات العامة أو التاريخية الأكثر إثارة للاعتراض على أنه فشل أخلاقي. المسرحيات الغنائية التي تعتمد على أغنيات معروفة، بشكل أساسي تلك التي تتناول سيرة ذاتية منسوجة بين أغنيات، غالباً ما تكون غير مناسبة لهذا المستوى من التعقيد. خذوا مثلاً عرض "تينا: مسرحية تينا تيرنر الغنائية" Tina: The Tina Turner Musical، التي تناولت العنف المنزلي الذي تعرضت له المغنية على يد زوجها السابق آيك تيرنر. في حين أنه من الجدير بالثناء رؤية مسرحية موسيقية رائجة تتناول مثل هذا الموضوع الشائك، لكن تنفيذه كان غريباً. في العرض الذي حضرته، قوبل الممثل الذي لعب دور آيك بصيحات الاستهجان عندما تقدم لتحية الجمهور في نهاية العرض وكأنه شخصية شريرة من مسرحية للأطفال.

العام الماضي، حاولت مسرحية "انهض، قف" Get Up Stand Up الموسيقية عن بوب مارلي على الأقل تناول العلاقات النسائية التي اشتهر بها نجم موسيقى "الريغي" من خلال إسناد أداء بعض أفضل أغانيه إلى مؤديات، غنت غابرييل بروكس التي لعبت دور زوجته ريتا أغنية "لا يا امرأة، لا تبكي" No Woman No Cry بطريقة مفجعة. بالطبع، التجارب التعيسة أو الصفات الشخصية غير المرغوب فيها هي مسألة مختلفة تماماً عن مزاعم الجرائم الخطيرة. لكن تظل المشكلة قائمة: صممت هذه العروض بشكل أساسي لمنح المشاهدين قضاء ليلة ممتعة في نشاط خارج المنزل، وغالباً ما ينتهي الأمر بتحويل العناصر الأكثر تعقيداً العمل إلى نشاز واضح. جادلت صحيفة "نيويورك تايمز" في مراجعتها لمسرحية مايكل جاكسون الغنائية بأن تجنب العرض الأسئلة الأكثر إزعاجاً يجعله في الواقع أقل جودة. كتب جيسي رين: "في نهاية المطاف، المشكلة مع "مسرحية مايكل جاكسون" ليست في موقفها الأخلاقي ولكن في الطريقة التي يشوه بها هذا الموقف قيمتها كعمل ترفيهي".

سيتكوّن لدى معظمنا رد فعل داخلي عندما نسمع اسم "مايكل جاكسون". يعتقد البعض أنه بريء. البعض لا يظن ذلك. يستطيع البعض الاستمتاع بموسيقاه. البعض غير قادر على هذا ببساطة. سيشتري البعض تذكرة لحضور مسرحية مايكل جاكسون الغنائية ويقضي وقتاً ممتعاً؛ بينما يرفض البعض حتى لمسها عن بعد بعصى طويلة. حقيقة أن العرض في برودواي كان يكسب بالمتوسط أكثر من مليون دولار في الأسبوع في شباك التذاكر ما يشير إلى أن الحضور في ويست إند سيحبونه أيضاً على الأرجح. صحيح أن أغنيات مايكل جاكسون ستعيش، لكن السؤال عن كيف نستطيع رواية قصة الرجل نفسه، بعيد كل البعد عن أن يكون ببساطة التفريق بين "أبيض وأسود".

سيفتتح عرض "مايكل جاكسون: مسرحية غنائية" على خشبة مسرح الأمير إدوارد في مارس (آذار) عام 2024.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات