تنذر استطلاعات الرأي الإسرائيلية بخطر عدم تجاوز الأحزاب العربية نسبة الحسم في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في إسرائيل، الثلاثاء الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن انقسمت "القائمة المشتركة" التي كانت تجمع الأحزاب الأربعة لفلسطينيي 48 لتخوض الانتخابات، هذه المرة، بثلاث قوائم.
وتمثل الأحزاب الأربعة أقلية عربية لا تتجاوز نسبتها الـ20 في المئة من سكان إسرائيل، ولم تتفق على استغلال فائض الأصوات، وهو بند في قانون الانتخابات الإسرائيلية تحصل بموجبه القائمة الحزبية على فرصة إضافة نائب لها، وربما أكثر. ويعقد هذا الاتفاق عادة بين قائمتين حزبيتين من القوائم التي تنجح في تجاوز نسبة الحسم. فعند الانتهاء من فرز الأصوات يتم توزيع عدد الأصوات الصحيحة على عدد النواب (120 نائباً)، ويبقى 6 أو 7 مقاعد غير موزعة، لذلك يتم منحها لمن يملك فائض أصوات أكبر. وعندما يكون هناك اتفاق حول فائض أصوات بين القوائم، تزداد فرص الحصول على نائب أو أكثر لدى القائمة التي أبرمت "اتفاق فائض أصوات". وأما القائمة التي لا توقع على "اتفاق فائض أصوات" مع قائمة أخرى، فإن الأصوات الفائضة لديها تذهب هباءً، بالتالي يستفيد منها الحزب الحاصل على أكبر عدد مقاعد عامة، وهو في هذه الحالة "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو، إضافة إلى بعض أحزاب اليمين.
و في أعقاب رفض "حزب التجمع العربي" مطلب "الجبهة" و"العربية للتغيير" التوقيع على اتفاق فائض أصوات، تعاظم الخطر على تمثيل القوائم العربية لتنحصر الجهود حالياً في رفع نسبة التصويت.
حض الناخبين
وتبذل قوى وطنية جهوداً كبيرة لحض الناخبين العرب على التصويت بأعلى نسبة ممكنة، خشية أن يؤدي تراجع التمثيل العربي إلى انتصار نتنياهو، الذي قد يعود ويقيم حكومة يمين متطرف مع إيتمار بن غفير. وتم تشكيل ائتلاف لتشجيع المجتمع العربي على التصويت.
هذا الوضع أدخل ما يمكن تسميته "الحزب الخامس" عربياً، ويضم جيشاً من المتطوعين الذين يطرقون أبواب بيوت فلسطينيي 48 بيتاً بيتاً لحثهم على ممارسة حقهم بالتصويت، بعد أن انعكس انقسام القائمة المشتركة فقداناً لثقة الجمهور بقيادتهم والامتناع عن التصويت، وهو قرار يخدم مباشرة اليمين الإسرائيلي، الذي يتغذى ويقوى في هذه الانتخابات على ضعف قوة العرب وتراجع نسبة التصويت بينهم.
من 15 مقعداً إلى خطر عدم التمثيل
وتخوض ثلاث قوائم عربية الانتخابات بعد انسحاب "حزب التجمع العربي"، برئاسة عزمي بشارة الذي يدير الحزب من قطر، والذي قرر خوض الانتخابات الأخيرة وحده في قائمة برئاسة سامي أبو شحادة. أما القائمة الثانية فهي "القائمة العربية الموحدة" وتضم حزب الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس، و"الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" برئاسة أيمن عودة و"حزب العربية للتغيير"، برئاسة أحمد الطيبي ويخوضان الانتخابات بقائمة واحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عند تشكيل "القائمة الموحدة" حصل العرب على 15 مقعد في الكنيست، لكن الخلافات الأيديولوجية والوطنية بين "العربية الموحدة" برئاسة منصور عباس والأحزاب الثلاثة الأخرى، وفي مركزها الخلاف حول المشاركة في ائتلاف الحكومة الإسرائيلية الحالية، أدت إلى انقسام المشتركة في الانتخابات الماضية إلى قائمتين، وخاضت الحركة الإسلامية وحدها وحصلت على أربعة مقاعد فيما حصلت الأحزاب الثلاثة معاً على ستة مقاعد، أما هذه الانتخابات فتراجعت قائمة "التجمع العربي" عن قرار التحالف وانسحبت من "المشتركة" في اللحظة الأخيرة، قبل تقديم القائمة للجنة الانتخابات، على رغم إدراك قادتها لتداعيات هذه الخطوة على التمثيل العربي في الكنيست، بخاصة أن كل استطلاعات الرأي تؤكد عدم قدرتها على تجاوز نسبة الحسم.
أفضل نتائج استطلاعات الرأي بين "فلسطينيي 48" تشير إلى الاحتمال الأكبر بأن تتجاوز "الموحدة" وقائمة "الجبهة والتغيير" الانتخابات وتحصل كل منها على أربعة مقاعد فيما "التجمع الوطني" لن يتجاوز نسبة الحسم، ولكن تجاوز نسبة الحسم منوط بنسبة التصويت، حتى كتابة هذه السطور لن تتجاوز نسبة التصويت بين فلسطينيي 48 الـ40 في المئة، مما يعني أن الخطر كبير بعدم قدرة أي منها على تجاوز نسبة الحسم وضمان تمثيل للأحزاب الوطنية العربية في الكنيست، ما استنفر جيشاً من الشباب والشابات العرب للحث على التصويت آملين تجاوز نسبة 50 في المئة.
"مسألة دراماتيكية"
ويرى رئيس ائتلاف "تشجيع التصويت في المجتمع العربي" سامر سويد أن "مسألة نسبة التصويت في المجتمع العربي أصبحت دراماتيكية في الانتخابات الحالية، ليس حرصاً على العرب، بل بسبب التعادل بين الكتلتين، اللتين انتظمتا وفقاً لموقفهما من نتنياهو".
وأضاف سويد "صحيح أنه يوجد تفهم وتوجد أسباب موضعية لغضب الجمهور العربي وإحباطه، لكن طريقنا ليست سهلة، ويجب عدم إقصاء أنفسنا عن اللعبة السياسية الإسرائيلية. العكس هو الصحيح، نحن الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ملزمون أن نقاتل من أجل أبناء شعبنا الفلسطيني، ولا يوجد طريق أكثر نجاعة من زيادة قوتنا في السياسة الإسرائيلية وفرض حل عادل يضمن إنهاء الاحتلال وتحسين مكانة المواطنين العرب. نحن ملزمون أن نقاتل من أجل إلغاء قانون القومية وغيره من القوانين العنصرية ولا يوجد طريق أكثر نجاعة من زيادة قوتنا وفرض إلغاء هذه القوانين. نحن من يختنق تحت تفشي الجريمة في بلداتنا، نحصي الضحايا يومياً، ونحن من يتعين علينا أن نفرض على الدولة مكافحة الجريمة. كل هذا لا يتحقق إلا عبر المشاركة في الانتخابات، لكن التصويت والمشاركة في الانتخابات هما المستوى الأدنى للمشاركة المدنية. علينا أن نكافح في كل الساحات كي نحقق الإنجازات، لكننا لا يمكننا أن نتنازل عن الساحة البرلمانية، حيث تتخذ القرارات المهمة التي تؤثر على حياتنا، وصوتنا يجب أن يسمع هناك".
ويساوي سويد بين تمسك فلسطينيي 48 بوطنهم بعد النكبة وضرورة تمسكهم بالتمثيل البرلماني. ويقول "على هذه الشريحة الفلسطينية عدم التنازل عن حقها في التصويت وضمان تمثيلها في الكنيست تماماً كما لم تتنازل وتمسكت بأرضها وبيوتها، على رغم حرب 48 ونكبة الشعب الفلسطيني، وعلى رغم الحكم العسكري الذي صادر حريتها، وضيق على خطاها ومس بحرية حركة المواطنين العرب في العقدين الأولين من الدولة، وبالضبط مثلما لم يتنازل فلسطينيو 48، وخرجوا للتظاهر ضد مصادرة الأراضي في يوم الأرض في عام 1976، محظور علينا نحن فلسطينيي 48 التنازل عن تمثيلنا السياسي وعن منصة نطلق منها كلمتنا".
رشوة للعرب
في مقابل هذه الدعوات إلى التصويت للقوائم العربية خرجت أصوات تشبه ذلك بـ"الرشوة". ويقول بروفيسور أسعد غانم من كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا، إن "حملات حث العرب على التصويت تدب الذعر والخوف فيما التهديد والترهيب والرشوة للعرب في حالة ازدهار. فالحملة التي تهدف إلى تحفيز العرب على التصويت في الانتخابات، تعزز من بين أمور أخرى، حالة من الذعر حول الإقبال المتوقع على التصويت، مع نسب ملفقة من معظم مستطلعي الرأي والمتخصصين من جميع الأنواع، وكأن الإقبال سيكون نحو 40 في المئة، بينما في الواقع ليس هناك، ولن يكون هناك وضع تنخفض فيه نسبة التصويت بين العرب إلى أقل من 50 في المئة".