على رغم انخفاض أعداد المدخنين في السعودية بنسب عالية في آخر إحصائية، بعد تشديد القوانين منذ 2017 مثل فرض الضرائب على التبغ وحظر بيعه لمن هم دون سن 18، فإن السعودية لا تزال تبحث عن وسائل جديدة لخفض عدد المدخنين إلى خمسة في المئة من عدد السكان بحلول 2030، إذ وافق مجلس الشورى أخيراً على تعديل فقرة من فقرات نظام مكافحة التدخين بمنع بيعه لمن تقل أعمارهم عن 21 سنة.
زيادة أسعار الدخان إلى 150 في المئة
في الوقت الذي طالب مجلس الشورى بالتعديل العاجل اقترحت اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ في البلاد زيادة أسعاره إلى 150 في المئة، ليصل سعر الباكيت إلى نحو 40 ريالاً (10.5 دولار)، فاعتبر الأمين العام للجنة الوطنية لمكافحة التبغ في السعودية، منصور القحطاني، أن معدل باكيت التبغ في السعودية ما زال منخفضاً بقيمة 28 ريالاً سعودياً (7.5 دولار)، مشيراً إلى أن اللجنة تسعى لزيادة أسعار منتجات التبغ إلى 150 في المئة في محاولة لكبح التدخين.
وأضاف في بيان اللجنة أنه من أنجح وسائل مكافحة التدخين رفع الأسعار وليس العلاج أو التوعية بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية.
"الشورى" يحصل على الموافقة
وكان مجلس الشورى (البرلمان) تمكن من تمرير تعديل الفقرة الرابعة من المادة الثامنة من نظام مكافحة التدخين. وشدد على منع بيع التبغ ومشتقاته لمن تقل أعمارهم عن 21 سنة، والتي كانت في النظام القائم 18 سنة، وذلك للحد من بيع التبغ ومشتقاته، لتصبح فقرات المادة الثامنة تنص على "مراعاة ألا يباع إلا داخل عبوة مغلقة تحتوي على العدد أو الكمية التي تحددها اللائحة التنفيذية، وألا يباع بآلات البيع الذاتي وألا يباع داخل وسائل النقل العامة، وألا تسجل براءات الاختراع المتعلقة به، وألا يخفض سعره، وألا يقدم على شكل عينات مجانية أو هدايا، إضافة إلى عدم استيراد أو بيع أو تقديم منتجات تحمل دعاية للتبغ ومشتقاته، ومراعاة وضع ملصق في مكان البيع يحتوي على تحذير صحي بمضار التدخين".
كما أجرى "الشورى" في جلسته أخيراً تعديلاً على الفقرة التاسعة من المادة السابعة من هذا النظام، ليمنع التدخين في الأماكن التي لم تتضمنها هذه المادة، وفي حال إيجاد مواقع للمدخنين في الأماكن التي تصنف عامة "يجب على الشخص المسؤول عنها مراعاة أن تكون معزولة وفي أضيق الحدود، ولا يدخلها من يقل عمره عن 21 سنة".
وتنص المادة في نصها المعمول به على منع التدخين في الأماكن والساحات المحيطة بالمساجد والوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات والهيئات العامة وفروعها، والجهات العامة الأخرى في الدولة، إضافة إلى المؤسسات التعليمية والصحية والرياضية والثقافية، والاجتماعية والخيرية، وأيضاً الأماكن المخصصة للعمل في الشركات والمؤسسات والهيئات والمصانع والبنوك وما في حكمها، ووسائل النقل العامة برية أو جوية أو بحرية، وفق ما تحدده اللائحة التنفيذية، وأماكن تصنيع الطعام والمواد الغذائية والمشروبات وتجهيزها وتعبئتها، ومواقع إنتاج البترول ومشتقاته ونقله وتوزيعه وتكريره، ومحطات توزيع الوقود والغاز وبيعهما، والمستودعات والمصاعد ودورات المياه.
دراسة: القوانين أعطت فارقاً كبيراً
هذا وأدت سياسات مكافحة التدخين التي انطلقت في السعودية بشكل كبير 2017 إلى زيادة متوسط سعر علبة السجائر المكونة من 20 سيجارة من أشهر العلامات التجارية، إلى ما لا يقل عن 7.33 دولار، كما انخفض الاستيراد السنوي للسجائر بنسبة تصل إلى 25 في المئة بداية من عام 2019.
ورصد الموقع العالمي "دا توباكو أتلس" المتخصص في مكافحة التدخين انخفاض أعداد المدخنين في السعودية إلى نحو الثلث بعد فرض الضرائب على التبغ.
وأشار التقرير الحديث إلى نتائج مسحين في 2014، و2020 تؤكد انخفاضاً في عدد المدخنين في السعودية بنسبة 37 في المئة بين المدخنين بعد فرض الضرائب على التبغ بكل أنواعه، وتشديد القوانين كحظر بيعه على المراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، إلا أن الإحصائية ظلت موضع تشكيك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتهدف السعودية إلى خفض استهلاك التبغ إلى نحو خمسة في المئة من عدد السكان بحلول عام 2030 بدلاً من حدود 12 في المئة بحسب إحصاءات 2019.
الأعداد في تزايد على رغم القوانين
إلا أن دراسة أخرى تثبت العكس، بحسب ما أكد استشاري قسطرة القلب بجامعة الملك سعود، رئيس جمعية مكافحة أمراض القلب، خالد الحبيب، الذي لفت إلى أن معدلات التدخين بين النساء والرجال في السعودية زادت، مشيراً إلى أن الدراسة شملت نخبة من الأطباء من مختلف دول العالم.
وقال إن الدراسة قارنت معدلات التدخين وتأثيره في الوفيات على مستوى العالم، وأجراها مركز رصد المؤشرات الصحية في مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان (العبء العالمي للأمراض)، في الفترة من 1990-2019 ونشرتها مجلة "اللانست" التي تعد من أشهر المجلات الطبية على مستوى العالم في العام الماضي.
وأوضحت أن هناك أكثر من مليار إنسان من المدخنين على مستوى العالم، وأن معدلات التدخين ما زالت على المعدل نفسه إن لم تكن زادت في كثير من الدول.
وأوضح الدكتور الحبيب أن الدراسة أظهرت أن نسبة الوفيات الناتجة عن التدخين عالمياً بلغت 20 في المئة بين الرجال و5.8 في المئة بين النساء، كما أظهرت أن انخفاض نسبة الوفيات الناتجة عن التدخين بين النساء ترجع إلى قلة عدد السجائر التي يتم تدخينها يومياً وكذلك قلة عدد ساعات التدخين لدى النساء.
ونوه الحبيب بأن الدراسة كشفت عن أن معظم دول العالم لم تنجح في الإقلال من معدلات التدخين إلى درجة كبيرة، بالتالي عدم خفض معدلات الوفيات والأمراض الناتجة عن التدخين، بما يلقي العبء والتأثير الكبير على الأنظمة الصحية في دول العالم.
تزايد المدخنين 45 في المئة خلال ثلاثة عقود
ولفت البروفيسور الحبيب إلى أن الدراسة كشفت عن أن معدلات التدخين في السعودية تصل إلى 2.2 في المئة بين النساء بزيادة 45 في المئة، فيما تصل إلى 22.6 في المئة بين الرجال بزيادة 40 في المئة، وذلك في الفترة الزمنية بين 1990 و2019.
وأشار إلى أن المعدلات المذكورة في الدراسة هي معدلات تقديرية وهي متحفظة، وأن معدلات التدخين في السعودية ودول العالم غالباً أعلى من ذلك لأن الدراسة لم تشمل أنواعاً أخرى من التدخين، مثل الشيشة والسيجارة الإلكترونية والتبغ غير المدخن (عن طريق المضغ، مثل "التنباك").
واعتبر الحبيب فرض الضرائب على الدخان من أكثر الحلول فاعلية، لأنه يصعب على المجتمع ولا سيما الفئات العمرية الصغيرة شراء الدخان مما يقلل من معدلات التدخين على المدى البعيد، إضافة إلى شن الحملات التوعوية في المجتمع من قبل القطاعات الصحية والجمعيات الخيرية (مثل جمعية مكافحة أمراض القلب) في شأن أضرار التدخين بجميع أنواعه وبخاصة التسبب بالإصابة بأمراض شرايين القلب والمخ والسرطان.