أعلن الكرملين، الخميس الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، أن روسيا لم تقرر بعد إذا ما كانت ستمدد مشاركتها في الاتفاق الذي يتيح تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود والذي تنقضي مهلته في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وأوضح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، "قبل اتخاذ قرار بشأن التمديد، سنحتاج إلى تقديم تقييم شامل لفعالية الاتفاق". ويفترض تجديد الاتفاق الذي أبرم في يوليو (تموز) بوساطة تركيا والأمم المتحدة، في 19 نوفمبر.
وقال بيسكوف إن عودة موسكو "لا تعني" أنها ستقرر بالضرورة تمديد الاتفاق. وأضاف أن روسيا وثقت بضمانات أوكرانيا بعدم استخدام الممر الإنساني لأهداف عسكرية فقط لأن تركيا توسطت فيها، مشيداً بدور أنقرة في تأمين تلك الضمانات.
وفي هذا الإطار، قالت أوكرانيا الخميس إنها لم تتعهد بأي التزامات جديدة تتجاوز شروط الاتفاق لإقناع روسيا باستئناف مشاركتها فيه.
وعلقت روسيا مشاركتها في الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة السبت بعد هجوم على سفن من أسطولها في البحر الأسود. واستأنفت مشاركتها فيه الأربعاء، وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها تلقت ضمانات من أوكرانيا بأنها لن تستغل ممر تصدير الحبوب عبر البحر الأسود في عمليات عسكرية ضد روسيا.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو، في بيان على "فيسبوك"، أن كييف لم تقدم شيئاً جديداً لروسيا لضمان عودتها إلى الاتفاق. وقال، "لم تتعهد دولتنا بأي التزامات جديدة غير المنصوص عليها بالفعل في اتفاق تصدير الحبوب".
وأضاف، "تذكروا أنه بموجب هذا الاتفاق يلتزم الطرفان بضمان توفير بيئة عمل آمنة يمكن الاعتماد عليها لممر تصدير الحبوب. ولم تعرض أوكرانيا ممر تصدير الحبوب قط للخطر"، مؤكداً أن أوكرانيا ملتزمة بكل وضوح بشروط الاتفاق.
وتابع نيكولينكو، "لم تستغل أوكرانيا ممر الحبوب عبر البحر الأسود لأغراض عسكرية، ولا تعتزم فعل ذلك على الإطلاق". وقال إن روسيا عادت إلى اتفاق تصدير الحبوب "بفضل الدبلوماسية النشطة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. بالتنسيق مع أوكرانيا، تحدثا بلغة يفهمها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".
استئناف الإبحار
وغادرت ست سفن شحن محملة بالحبوب الموانئ الأوكرانية، الخميس، بعد يوم من عودة روسيا إلى اتفاق يتيح تصديرها عبر البحر الأسود، وفق ما أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار.
وزارة البنية التحتية الأوكرانية قالت بدورها إن سبع سفن تحمل منتجات زراعية أبحرت من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود الخميس. وأضافت في بيان أن السفن تحمل نحو 290 ألف طن من المنتجات الغذائية وتمضي باتجاه دول أوروبية وآسيوية، من دون الخوض في تفاصيل.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس، إن موسكو دعت الأمم المتحدة إلى المساعدة في تنفيذ جزء من اتفاق نقل الحبوب.
وقالت الأمانة العامة للأمم المتحدة في مركز التنسيق المشترك إن الوفد الروسي استأنف العمل في المركز الذي يدير عمليات اتفاق نقل الحبوب عبر البحر الأسود ويتخذ من إسطنبول مقراً، وإن الوفد شارك في عمليات تفتيش السفن الخميس. وأضافت أن طابور السفن التي تنتظر عمليات التفتيش تقلص بشكل كبير، إذ يوجد حالياً أكثر من 120 سفينة في انتظار التحرك، ومعظمها من السفن التي ستنطلق في رحلات داخلية.
استدعاء السفيرة البريطانية
واستدعت روسيا الخميس السفيرة البريطانية وحذّرت لندن من "عواقب وخيمة" بعد اتهامها بريطانيا بمساعدة كييف في تنفيذ هجوم على أسطول موسكو في البحر الأسود في شبه جزيرة القرم الأسبوع الماضي.
وقالت وزارة الخارجية في بيان، "هذه الأعمال العدائية من جانب المملكة المتحدة تنطوي على خطر تصعيد الوضع وقد تؤدي إلى عواقب غير متوقعة وخطيرة".
محطة زابوريجيا
مرة جديدة، يتبادل المسؤولون الأوكرانيون والروس الاتهامات بشأن محطة زابوريجيا النووية. ففيما قالت شركة الطاقة النووية الأوكرانية (إنرجواتوم)، الخميس، إن الكهرباء انقطعت عن المحطة بعد قصف روسي دمر خطوط الضغط العالي الباقية، قال أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف إن موسكو منعت هجوماً أوكرانياً على المحطة.
وقالت "إنرجواتوم" إن محطة زابوريجيا النووية انفصلت مرة أخرى عن شبكة الكهرباء وباتت تعمل على مولدات الديزل فقط، مضيفةً أن الوقود في المحطة، التي يحتلها الروس ويديرها أوكرانيون، يكفي لتشغيل المولدات لمدة 15 يوماً.
وأثار القصف المتكرر للمحطة احتمال وقوع حادث خطير على بعد نحو 500 كيلومتر من موقع أسوأ كارثة نووية شهدها العالم، والتي وقعت في تشرنوبل عام 1986. واقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي عبّرت مراراً عن مخاوفها بشأن قصف المحطة، تحديد منطقة أمان نووي وحماية أمنية حول المحطة.
وتقول أوكرانيا إن روسيا تقصف المحطة بشكل متكرر، بينما تقول روسيا إن أوكرانيا تقصف المحطة، وينفي كل من الجانبين مزاعم الآخر.
وقال باتروشيف، وهو حليف مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن القوات الأوكرانية "تواصل قصف محطة الطاقة النووية في زابوريجيا بأسلحة غربية، مما قد تؤدي إلى كارثة عالمية". وأضاف أن القوات الخاصة الروسية منعت ما قال إنه "هجوم إرهابي" على المحطة.
هجمات واسعة
ميدانياً، قال مسؤولون أوكرانيون الخميس إن موسكو شنت هجمات في مناطق واسعة من أوكرانيا، وإن قصفاً عنيفاً في العديد من المناطق ألحق أضراراً بالبنية التحتية.
ووقعت هجمات روسية في كريفي ريه بوسط أوكرانيا، وسومي وخاركيف في الشمال الشرقي. وحدث قتال شرس في منطقتي لوغانسك ودونيتسك بشرق البلاد.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية الخميس، "يحاول العدو الاحتفاظ بالأراضي التي تم الاستيلاء عليها مؤقتاً ويركز جهوده على تقييد حركة قوات الدفاع في مناطق معينة".
روسيا من جهتها قالت إنها تستهدف البنية التحتية في إطار ما تسميه "عمليتها العسكرية الخاصة" لتضعف الجيش الأوكراني وتقضي على ما تقول إنه تهديد محتمل لأمن روسيا.
ونتيجة لذلك، يعاني المدنيون في أوكرانيا من انقطاع الكهرباء ونقص إمدادات المياه في الأسابيع الماضية. وتنفي روسيا استهداف المدنيين على رغم أن الصراع أودى بحياة الألوف وشرد الملايين وجعل بعض المدن الأوكرانية أثراً بعد عين.
السلطات الانفصالية في شرق أوكرانيا أعلنت من جهتها الخميس تحرير 107 جنود في عملية تبادل أسرى جديدة مع كييف التي ستستعيد من جانبها العدد نفسه من الجنود. وكتب دينيس بوشلين، وهو أحد القادة الرئيسين للانفصاليين الموالين لروسيا على "تيليغرام"، "اليوم نحرر 107 من مقاتلينا من السجون الأوكرانية" من بينهم "65 من جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين".
دعم "السبع"
ويبحث وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى أفضل السبل لتنسيق المزيد من الدعم لكييف عندما يلتقون في ألمانيا، الخميس، في أعقاب الهجمات الروسية الأخيرة على البنية التحتية الأوكرانية للطاقة.
ومن المتوقع أن يهيمن الهجوم الروسي على أوكرانيا على الاجتماع "السبع" الذي يستمر ليومين بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظرائه في المجموعة في مدينة مونستر بغرب ألمانيا، كما سيكون من الموضوعات المطروحة بقوة على جدول الأعمال الدور الصيني المتزايد حول العالم والاحتجاجات في إيران.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، "هذا المؤتمر الوزاري لمجموعة السبع يأتي في وقت مهم بالنسبة لنا"، مشيراً إلى أن المجموعة "تمثل آلية تنسيق حيوية" للتوجهات بشأن القضايا الأكثر إلحاحاً.
وذكرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للطاقة كادري سيمسون، الثلاثاء خلال زيارة إلى كييف، أن الاتحاد الأوروبي يستكشف مع الشركاء سبل زيادة الدعم لقطاع الطاقة الأوكراني. وقالت إن كييف بحاجة إلى معدات وأدوات محددة لإصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للطاقة، مضيفةً أنه يتعين حث الشركات الأجنبية على إعطاء الأولوية لنقل المعدات ذات الصلة بالقطاع إلى أوكرانيا.
وكانت الحكومة السويسرية أعلنت الأربعاء عن مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار لأوكرانيا لضمان التزود بمياه الشرب وإعادة تأهيل البنية التحتية للطاقة المتضررة مع اقتراب فصل الشتاء.
إخفاق روسي
أخفقت روسيا، الأربعاء الثاني من نوفمبر، في إقناع مجلس الأمن الدولي بإجراء تحقيق رسمي في اتهامها الولايات المتحدة وأوكرانيا بتطوير برامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، وهو ادعاء تنفيه واشنطن وكييف.
وكانت روسيا قد طلبت الأسبوع الماضي رسمياً أن تجري الأمم المتحدة تحقيقاً في هذه الاتهامات التي رددتها موسكو بانتظام منذ بدء حربها على أوكرانيا. ونال مشروع القرار الذي صاغته موسكو بعد طرحه على التصويت الأربعاء، دعم روسيا والصين بينما صوتت ضده فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، وامتنع الأعضاء الـ10 غير الدائمين في المجلس عن التصويت.
ونص مشروع القرار على "إنشاء لجنة مؤلفة من جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي للتحقيق في الادعاءات ضد الولايات المتحدة وأوكرانيا" في ما يتعلق بالتزاماتهما بموجب اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب نائب السفير الروسي دميتري بوليانسكي عن أسفه لنتيجة التصويت، قائلاً إن "الدول الغربية أظهرت بكل الطرق أن القانون لا يُطبق عليها". وأضاف، "هذه عقلية استعمارية معهودة اعتدنا عليها ولم نفاجأ بها"، متعهداً بإثارة هذه القضية في مؤتمر مراجعة اتفاقية الأسلحة البيولوجية الذي سيعقد من 28 نوفمبر وحتى 16 ديسمبر (كانون الأول) في جنيف.
وردت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد بأن "الولايات المتحدة صوتت ضد هذا القرار لأنه يستند إلى معلومات مضللة وخداع وسوء نية وافتقار تام إلى احترام" مجلس الأمن. وأضافت أن هذا القرار "علامة فارقة لخداع روسيا وأكاذيبها" و"لا أحد يصدقه إلا الصين".
وكانت الولايات المتحدة وأوكرانيا قد رفضتا الأسبوع الماضي بشكل قاطع الاتهامات الروسية التي وصفها الأميركيون بأنها "محض افتراءات".
وقال أديجي إيبو، نائب الممثلة السامية المسؤولة عن قضايا نزع السلاح في الأمم المتحدة، إن الأخيرة "ليست على علم بوجود برنامج أسلحة بيولوجية"، مشيراً إلى أن المنظمة الأممية ليس لديها تفويض أو "قدرات تقنية" للتحقيق في الاتهام.
زيلينسكي يشكر أردوغان
وبالعودة إلى قضية اتفاق الحبوب، شكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان على مساهمته في "الحفاظ" على اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية المبرم مع روسيا، بعدما أعلنت موسكو عودتها للالتزام به. وأكد زيلينسكي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أنه "شكر للرئيس التركي خلال محادثة هاتفية معه، مساهمته الفاعلة في الحفاظ على الاتفاق بشأن الحبوب".
وكان أردوغان أجرى محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في إطار جهود وساطة قادها بين كييف وموسكو.
وقال الرئيس التركي، إنه ناقش مع نظيره الأوكراني إرسال الحبوب إلى دول أفريقية بعدما اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إرسال الحبوب إلى دول مثل جيبوتي والصومال والسودان أولاً. وأضاف أردوغان في مقابلة مع تلفزيون "آي تي في" التركي، أن "المستشار الألماني أولاف شولتز غيّر موقفه ويرى الآن ضرورة إيجاد أرضية مشتركة مع بوتين".
وكانت موسكو علقت السبت مشاركتها في اتفاق الحبوب بعد هجوم بمسيرات على أسطولها المتمركز في خليج سيباستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمتها. وحمل الجيش الروسي مسؤولية هذه العملية إلى أوكرانيا بمساعدة "خبراء بريطانيين"، وأكد أنها تمت من الممر البحري المخصص للصادرات الأوكرانية.
والأربعاء، هدد بوتين بخروج روسيا مجدداً من الاتفاق في حال عمدت كييف إلى "خرق ضمانات" طلبتها موسكو. لكن الرئيس الروسي أكد أنه في حال خرجت روسيا مجدداً من الاتفاق، لن تمنع موسكو عبور "إمدادات الحبوب من أوكرانيا إلى تركيا"، مبرراً موقفه هذا بـ"حياد" أنقرة في النزاع الدائر مع كييف وبـ"الجهود التي يبذلها الرئيس أردوغان والرامية إلى ضمان مصالح البلدان الأكثر فقراً".
ترحيب أميركي
أميركياً، رحبت الولايات المتحدة بعودة روسيا إلى الاتفاق الذي يسمح بالمرور الآمن للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وحثت موسكو على تمديده في وقت لاحق من هذا الشهر.
وأشاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس بوساطة الأمم المتحدة وتركيا، لكنه قال إنه من المهم "ألا تعود الصفقة إلى سابق عهدها فحسب، بل أن تمدد كذلك في وقت لاحق من هذا الشهر". وأضاف في تصريح للصحافيين، "سيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى مزيد من القدرة على التنبؤ والاستقرار في هذه السوق، والأهم من ذلك الضغط لخفض الأسعار" في سوق الغذاء العالمية.