Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ظاهرة النشل تقلق المجتمع التونسي وتروع المارة ليلا

الشرطة تؤكد تحقيق نسبة نجاح تفوق 60 في المئة في التعامل مع عمليات السطو

دوريات للشرطة في وسط العاصمة تونس (اندبندنت عربية)

عرفت تونس في الآونة الأخيرة ارتفاعاً في حالات النشل أو ما يعرف بـ"البراكاج" على رغم أن مؤشر "نامبيو" العالمي للجريمة أورد في تقريره أن البلاد سجلت مستويات دنيا للجريمة عالمياً وعربياً. لكن هذه الظاهرة القديمة المتجددة أصبحت تقلق المارة وترعبهم في الطرقات، بخاصة أصحاب السيارات في ساعات الليل، فكثيراً ما تروج مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي توثق عمليات سطو مرعبة، الأمر الذي زاد من مخاوف التونسيين.

هذا ما أكده وزير الداخلية توفيق شرف الدين في تصريح إعلامي سابق حول تفاقم ظاهرة النشل والجريمة في تونس، قائلاً "إحصائياً الجريمة بصدد التراجع والتركيز على الظاهرة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يجعل المواطن يخيل له أن الجريمة تفاقمت"، لكنه شدد على أن هذا غير صحيح.

أضرار جسيمة

لكن بعيداً من الإحصاءات أصبحت هذه الظاهرة تقلق المواطنين في تونس ومنهم مراد الطبيب الشاب الذي يعمل في مستشفى عمومي والذي تحدث عن تجربة مروعة عاشها عندما أنهى حصته الليلية وخرج من المستشفى متجهاً إلى منزله في أحد أحياء تونس القريبة من العاصمة. وبينما هو يستمتع بأغنيته المفضلة، تفاجأ بحجرة تخترق زجاج سيارته الأمامي ولحسن حظه كان الطريق خالياً من المارة، فاستطاع السيطرة على المقود، لكن شباباً يحملون الحجارة والعصي هرعوا نحوه لمهاجمته، فتمكن من الهرب بعد أن هشمت الحجارة سيارته وأحدثت فيها أضراراً جسيمة.

أما الشاب وسيم، فنجا من الموت المحتم خلال عملية نشل حاسوبه المحمول ومحفظته، إذ قضى الشاب العشريني أسبوعين بالتمام والكمال في المستشفى فاقداً للوعي بين الحياة والموت، وذلك إثر العنف الشديد الذي تعرض له والضرب المبرح على رأسه قبل سرقة كل ما يملك.

ويقول وسيم "التجربة المروعة التي عشتها بيّنت مدى التساهل الكبير على المستويين الأمني والقانوني مع هؤلاء المجرمين"، معتقداً بأن"الحل لن يكون إلا بردع قوي وحاسم للحد من هذه الظاهرة".

هذه بعض الحالات من أخرى كثيرة أدت أحياناً إلى وفاة أحدهم نتيجة عمليات نشل مال أو مجوهرات وغيرها من مقتنيات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مؤشر الجريمة

ويرى باحثون في علم الاجتماع أنه لا يمكن اعتبار العنف من سمات المجتمع التونسي لأنه لم يخض حروباً أهلية أو يعرف نزاعات مسلحة، لكنهم أرجعوا خوف التونسيين من تنامي هذه الظاهرة، أولاً لتناولها بكثرة إما في وسائل الإعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضاً لأسباب أخرى أهمها الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.

وصنف مؤشر "نامبيو" العالمي للجريمة، تونس العاصمة، في المركز 177 دولياً لعام 2021 من بين 427 مدينة حول العالم، وأشار التقرير إلى أن تونس سجلت مستويات دنيا للجريمة عالمياً وعربياً وعلى الصعيدين المغاربي والأفريقي، متأخرة على عاصمة غانا أكرا التي احتلت المرتبة الأولى في مؤشر السلامة الأمنية، وحصلت تونس على تقييم 47.1 نقطة في مؤشر الجريمة.

من جهته أكد مدير إدارة شرطة النجدة في وزارة الداخلية عماد نماشة أن العناصر الأمنية تمكنت من تحقيق نسبة نجاح تفوق 60 في المئة في التعامل مع عمليات السطو، وقال إنه خلال شهر واحد تم توقيف بين 1300 و1500 شخص محل تفتيش، لافتاً إلى أن الفئة العمرية الأكثر إثارة للمشكلات تتراوح بين 11 و15 سنة.

تغيرات مورفولوجية وسوسيولوجية

من جانبه يرى الباحث في علم الاجتماع الهادي العلوي أن "النشل أو السطو هو سلوك قديم موجود في المجتمع التونسي، عادة يكون عند فئة معينة من الناس أو في بيئة محددة ومناطق سكنية معينة، لكن اليوم الظاهرة أصبحت منتشرة في كل الأوساط الشعبية حتى في الراقية منها"، وتابع "عادة هذه السلوكات لها صور نمطية معينة سواء في المظهر أو الطريقة أو الوسط الاجتماعي الذي يتربى فيه النشال واليوم تغيرت هذه الصورة".

كما انتقد الباحث تناول وسائل الإعلام ظاهرة النشل والعنف بصفة عامة، قائلاً "عادة يكون الهدف من تناول هذه الظواهر معالجتها والحد منها، لكن اليوم يتم التعاطي معها على أنها مادة للنشر بهدف جلب مزيد من الجمهور المتقبل، سواء كان ذلك عبر وسائل إعلام تقليدية أو وسائل إعلام عصرية"، واعتبر أن "التركيز على هذه السلوكات ونشرها بكثرة، يجعل المتقبل يخيل له أنها ظاهرة جديدة انتشرت بقوة"، لكن بحسب تقديره "هي ظاهرة قديمة ضخمها الإعلام وروجتها وسائل التواصل بقوة". غير أن العلوي ذكر تغيرات جديدة على هذه الظاهرة، مورفولوجية وسوسيولوجية وقال "أصبحت هذه الظاهرة مرتبطة أكثر بالعنف وذلك بسبب تناول الحبوب المخدرة التي تجعل المجرم من أجل السرقة يعنف ويقتل من دون شفقة أو رحمة".

وذكر الأسباب التي وصفها بالتقليدية لانتشار هذه الظاهرة، وهي الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها تونس خلال العشرية الأخيرة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير