تشير "الخسائر والأضرار" التي أدرجت رسمياً، الأحد السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، على جدول أعمال مؤتمر الأطراف حول المناخ في شرم الشيخ إلى التداعيات التي لا مفر منها للتغير المناخي التي تقدر من الآن بعشرات مليارات الدولارات، ويتوقع أن تصل إلى مبالغ خيالية.
وكان هذا الاعتراف منذ سنوات مطلباً أساسياً لأكثر الدول عرضة لتداعيات التغير المناخي، والتي عادة ما تكون مسؤوليتها محدودة جداً على صعيد انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحترار.
ويركز اتفاق باريس المبرم في عام 2015، والذي يشكل الوثيقة الرئيسية لمكافحة الاحترار المناخي، على عنصرين رئيسين هما "تخفيف" أو تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة و"تكيف" الدول مع الآثار المادية والاجتماعية المتوقعة مثل ارتفاع مستوى البحار أو تغير المنظومات الزراعية على سبيل المثال.
إلا أنه يشير في المادة الثامنة إلى "ضرورة تجنب الخسائر والأضرار المرتبطة بالتأثير الضار للتغيرات المناخية (...) وخفضها إلى الحد الأدنى ومعالجتها"، لكنه كان يحيل خصوصاً إلى ما يعرف بـ"آلية وارسو" التي استحدثت عام 2013 خلال "كوب 19" في بولندا "لدعم اعتماد مقاربات لمواجهة الخسائر والأضرار".
لكن منذ ذلك الحين، استمر عددها وحجمها في الارتفاع كما تظهر الكوارث المتكررة في 2022 عبر العالم، من فيضانات وحرائق هائلة وموجات قيظ وجفاف.
وبلغت الكلفة من الآن مستويات مرتفعة جداً. وتفيد الأمم المتحدة بأن الفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان، وأثرت على 33 مليون شخص، تسببت في أضرار وخسائر اقتصادية تزيد على 30 مليار دولار.
وقدرت دراسة حديثة أعدتها مجموعة "في 20" التي تضم 58 بلداً "ضعيفاً" أمام تداعيات التغير المناخي، كلفة الكوارث المناخية على اقتصاداتها بـ525 مليار دولار منذ 20 عاماً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع تواتر الكوارث والاحترار الآخذ في الارتفاع يتوقع أن ترتفع بشكل كبير كلفة الأضرار التي يعجز التكيف عن لجمها. وقد تتراوح هذه المبالغ بين 290 و580 مليار دولار في السنة في 2030 وبين ألف و1800 مليار في 2050 وفق الأرقام التي أوردها معهد غرانثام حول التغير المناخي من كلية لندن للاقتصاد.
وإزاء هذه المبالغ الضخمة تطالب أكثر الدول عرضة لتداعيات بآلية تمويل محددة لهذا المجال. إلا أن الدول الغنية تظهر تحفظاً منذ البداية. فهي تخشى العواقب المالية لـ"اعتراف" كهذا بالخسائر والأضرار، وتفيد بأن التمويل المناخي يتمتع من الآن بقنوات عدة، وأن استحداث آلية جديدة سيزيد من التعقيدات من دون طائل. إلا أن عجزها المتواصل في الإيفاء بوعد سابق برفع مساعداتها للدول النامية لتخفيف التداعيات والتكيف مع التبدل المناخي إلى مئة مليار سنوياً في 2020، أضعف موقفها. وبلغت هذه المساعدة حتى الآن 83 مليار دولار لعام 2020، وفق آخر الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، والتي تطعن بها الدول الهشة.
وأعرب مسؤول استراتيجية المناخ لدى "كلايمت أكشن نتوورك" الائتلاف العالمي الرئيس الذي يضم أكثر من 1800 منظمة غير حكومية، هارجيت سينغ، عن قلقه قبل افتتاح مؤتمر "كوب 27" بقوله "إدراج الخسائر والأضرار على جدول الأعمال نضال مستمر منذ عشر سنوات، لكن هل سيكون الأمر مجرد كلام أو نقاش فعلي ومهم؟".
ولا توفر النقاشات المدرجة على جدول أعمال المؤتمر أي فكرة عن آليات التمويل. كذلك، لن تتطرق إلى مسألة المسؤولية أو التعويض. وهذا التوضيح مهم في حين أن بعض الدول تدرس إمكان القيام بملاحقات أمام القضاء الدولي.
ويفترض أن تفضي هذه النقاشات إلى نتيجة بحلول 2024، وهو الإطار الزمني نفسه الذي حدد خلال مؤتمر "كوب" السابق في غلاسغو عام 2021.