تشير الأرقام الصادرة عن أكثر من شركة سمسرة وإقراض عقاري كبرى في بريطانيا إلى أن أسعار البيوت ربما وصلت إلى قمة ارتفاعها وأخذت في الانخفاض. وفي أحدث تلك الأرقام البيانات التي أعلنتها شركة "هاليفاكس"، صباح الاثنين السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، حول انخفاض أسعار البيوت في بريطانيا في أكتوبر (تشرين الأول) بأعلى نسبة منذ نحو عامين. وكانت شركة "نيشن وايد" ذكرت، الأسبوع الماضي، أن أسعار البيوت في بريطانيا انخفضت، الشهر الماضي، للمرة الأولى منذ 15 شهراً. وبحسب أرقام الشركة، انخفضت أسعار البيوت بنسبة 0.9 في المئة في أكتوبر.
وبحسب بيانات "هاليفاكس"، انخفضت أسعار العقار في بريطانيا، الشهر الماضي، بنسبة 0.4 في المئة، وهو ثالث انخفاض شهري في أربعة أشهر. وهكذا أصبح معدل ارتفاع أسعار المنازل سنوياً عند نسبة 8.3 في المئة بدلاً من 9.8 في المئة في الشهر السابق سبتمبر (أيلول).
وأشارت تقديرات الشركة إلى أن استمرار الأوضاع الاقتصادية المتردية يعني أن انخفاض الأسعار مستمر في الفترة المقبلة، وقالت مديرة "هاليفاكس" كيم كينيرد "يتوقع أن يؤثر ارتفاع تكاليف المعيشة مع تراجع القدرة على الاقتراض العقاري بشكل سلبي في النشاط (في قطاع العقارات) لفترة".
وبمعدل الانخفاض الأكبر منذ فبراير (شباط) 2021، يصبح متوسط سعر البيت في بريطانيا عند 335 ألف و435 دولاراً (292 ألفاً و598 جنيهاً استرلينياً)، وهو أقل متوسط سعر للبيوت في بريطانيا منذ مايو (أيار) الماضي.
تأثير الوضع الاقتصادي
وبعد عامين من الارتفاع المتواصل في أسعار العقار، على رغم أزمة وباء كورونا، وبمعدلات تزيد على نسبة 10 في المئة، يرجح أن يكون منحنى ارتفاع أسعار البيوت في بريطانيا وصل إلى قمته وبدأ في التراجع. وتضيف كينيرد "بينما كان من المتوقع أن نشهد تباطؤاً "في أسعار العقارات" بعد فترة الوباء، فلا شك أن سوق البيوت تعرضت لصدمة كبيرة نتيجة الميزانية التكميلية "التي أعلنتها حكومة ليز تراس المستقيلة في نهاية الشهر قبل الماضي التي أدت إلى ارتفاع سريع وقوي في معدلات الفائدة على القروض العقارية".
ومنذ إعلان الميزانية التكميلية وانهيار سعر الاسترليني وزيادة العائد بشدة على سندات الدين العام البريطاني وشهادات ضمان القروض العقارية في الأسواق الدولية، رفعت البنوك معدلات الفائدة على القروض العقارية من نحو أربعة في المئة إلى أكثر من نسبة ستة في المئة. وذلك تحسباً لإقدام بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" على رفع معدلات الفائدة الأساسية بقوة وبسرعة.
وشهدت شركات السمسرة العقارية انخفاضاً شديداً في عدد الصفقات العقارية وانسحاب المشترين من السوق لعدم قدرتهم على تحمل قروض الرهن العقاري بفوائدها الجديدة. لكن السوق العقارية البريطانية كانت قد بدأت في الهدوء حتى قبل إعلان تلك الميزانية التكميلية واضطراب الأسواق.
أزمة كورونا
فمنذ ما قبل أزمة كورونا، كانت أسعار البيوت في بريطانيا ارتفعت بمعدل كبير بنسبة 25 في المئة بحسب بيانات شركة "هاليفاكس". وعلى رغم التباطؤ الحالي في ارتفاع الأسعار وبنسب ما دون العشرة في المئة، تظل أسعارها مرتفعة بقدر كبير. لذا ترى مديرة "هاليفاكس" أن الأسعار قد تعاود الارتفاع لتصل إلى معدلات غير مسبوقة بسبب نقص المعروض في السوق. إلا أنه على المدى القصير، ستواصل الانخفاض لفترة بخاصة مع زيادة الضرائب وخفض الإنفاق المتوقع في بيان الميزانية الذي ستعلنه حكومة ريشي سوناك بعد أيام. وستعتمد استعادة أسعار البيوت عافيتها على تحسن الطلب الذي يشهد انخفاضاً كبيراً الآن. وسيكون المؤشر على ذلك هو تحسن سوق العمل وعدم ارتفاع معدلات البطالة استناداً إلى فترة وعمق الركود الاقتصادي الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهناك شبه إجماع بين المحللين في السوق وشركات السمسرة العقارية إلى أن أسعار البيوت في بريطانيا ستواصل الانخفاض على مدى العام المقبل بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، والتقدير المتوسط أن تصل نسبة الانخفاض في أسعار العقار إلى 10 في المئة.
أسعار البيوت
وتنقل صحيفة "التايمز" عن كبير الباحثين في شركة "نايت فرانكس" العقارية توم بيل قوله "من المنطقي افتراض أن أسعار البيوت وصلت إلى ذروتها بعد ارتفاعها بأكثر من 20 في المئة خلال فترة أزمة كورونا، فبعد نحو 13 عاماً من الانخفاض الشديد في كلفة الاقتراض، فإن من يريد شراء بيت أو إعادة تمويل قرض عقاري على بيته سيشعر بمدى التغيير الذي حصل، لذا نتوقع أن تواصل أسعار البيوت الانخفاض حتى تصل إلى مستوياتها في صيف عام 2021".
وفي الإجمال، وعلى رغم الانخفاض المستمر في أسعار البيوت في بريطانيا، إلا أن التوقعات السابقة باحتمال انهيارها بشدة أو حتى انخفاضها بما بين 15 و20 في المئة تراجعت الآن. ذلك أن الانخفاض في الطلب على العقار يعود بالأساس إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي ما إن تأخذ في التحسن بعد فترة الركود حتى تعود سوق العقار إلى معادلة العرض والطلب. وفي ظل استمرار نقص المعروض ستعاود الأسعار الارتفاع ربما بعد عام أو عامين.