الصيف الماضي، عاد الشبح ليطاردني. لقد خرجت في أول موعد غرامي مع رجل. اتفقنا أن الأمور بيننا تسير على ما يرام، وخططنا للقاء مرة أخرى بعد عودتي من إجازتي. كنا نتبادل الرسائل أثناء سفري والأحاديث الجيدة، بالتأكيد كان الحوار بيننا أفضل من الأسئلة الاعتيادية "هيه، ما الذي تفعله الآن؟". على كل حال، بعد مرور أسبوع على عطلتي، رددت على رسالة وصلتني منه عبر تطبيق "واتساب"، وفجأة... اختفى. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يرد فيها بعد بضعة أيام، لذلك لم أستغرب. ربما كان مشغولاً. لكن عندما لم يصلني رد بعد سبعة أيام، حذفته من اهتماماتي. كان تفسيري أنه لم يعد مهتماً. لقد تعرضت لـ"الاختفاء المفاجئ" ghosting.
كان مصطلح "الاختفاء المفاجئ"، جزءاً من اللغة المتداولة المرتبطة بالمواعدة الغرامية عبر الإنترنت لعقد من الزمن تقريباً. لتبسيط المفهوم، إنه يعني التوقف عن التواصل مع شخص ما من دون سابق إنذار، تتوقف عن الرد على رسائله، ومتابعته على وسائل التواصل الاجتماعي ولا ترد على مكالماته، وفي النهاية تتلاشى تماماً من حياته. في الماضي، وصف خبراء المواعدة الغرامية هذا بأنه سلوك سام، من دون وجود أي استثناء. حتى أن دراسات أشارت إلى أن الاختفاء من دون سابق إنذار قد يسبب ضرراً نفسياً لبعض الأشخاص. لكن الآن، على ما يبدو، يختبر عديد من الأشخاص في أوساط المواعدة تبدلاً في عواطفهم للطرف الآخر. علاوة على ذلك، هناك حالات يعتبر فيها الاختفاء المفاجئ مقبولاً، بل ومحبذاً.
بعد أسبوع من آخر رسالة تبادلناها، تلقيت رداً. ادعى الرجل أنه لم يتواصل معي، لأنه "لم يكن يعرف كيف يراسلني"، ويبدو أنه كان مشتتاً بسبب خبر صعب كان عليه أن يطلعني عليه. قال لي أخيراً إنه كان يواعد فتاة أخرى وأراد معرفة أين ستسير الأمور معها بدلاً مني. كتب في رسالته "أنا آسف لأنني لم أكن أكثر صراحة... شعرت بالسوء، لأنني قضيت معك وقتاً ممتعاً حقاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كيف كان رد فعلي المباشر؟ لقد ضحكت. بصراحة، عندما تصل إلى سن الـ30، وهو ما حدث معي قبل شهر واحد فقط، تكون على دراية جيدة بالمتعة منقطعة النظير التي تمثلها المواعدة الغرامية في هذا العصر. أنا شخصياً لا أجيد استخدام التطبيقات إطلاقاً. صبري محدود، ولا أستطيع التركيز لفترات طويلة، وأنا بالتأكيد لست مستميتة من أجل أن تكون لدي علاقة عاطفية. يبدو المسعى برمته أشبه بمهمة روتينية. بالتالي، من المؤكد أنني سأعتبر نفسي منافقة إذا غضبت من شخص ما زال غريباً تماماً في نهاية المطاف.
بعدما انتهيت من الضحك، شعرت بالانزعاج. كان هذا الرجل يراسلني بانتظام لأكثر من شهر، وقد قرر للتو أنه غير مهتم؟ لماذا اختفى ثم قرر العودة ليرعبني برسالة إقرار بالذنب؟ هل اعتقد أنني فتنت به بعد لقاء واحد لدرجة أنني سأغرق في حال من اليأس مثلما حدث لأوفيليا في مسرحية هاملت إذا لم أسمع منه بعد الآن؟ رغبة مني في التأكيد له أن ذلك لن يحدث، أجبت على رسالته بـ إيموجي يهز كتفيه، وكتبت "بالتأكيد سأتابع حياتي. اعتن بنفسك". كان هدفي فقط التأكد من أنه يعلم أنني بخير، أتفهمون قصدي؟
يبدو أنني لست الوحيدة التي سئمت من هذه المصادفات الغريبة. على وسائل التواصل الاجتماعي، تسعى نساء أخريات إلى طرد الأشخاص المزعجين الذين سيتحولون إلى أشباح، كي يتمكن من المضي قدماً في حياتهن. الأسبوع الماضي فقط، شاركت فنانة ستاند أب كوميدي كارلي أكويلينو مقطعاً على "تيك توك"، نقلت فيه عن شخص خرجت معه في موعد غرامي أخيراً: "أوه، أعتقد أنك فتاة رائعة حقاً، لكن..."، ثم تخرج لسانها عابثة لتقول بلامبالاة مبهجة: "لا أحد يهتم! ... اختف من حياتي فجأة. أعفني من سماع تبريراتك. لقد كانت أموري جيدة. اعتقدت أن المنية وافتك".
كانت الردود على المقطع، ومعظمها من النساء، مسرورة بموقفها. كتبت إحداهن "’اختف فجأة‘ Ghost Me سيكون شعاري لعام 2023". وعلقت أخرى قائلة "أفضل بنسبة ألف في المئة أن يختفي الشخص فجأة من حياتي على أن يقول لي كل الأسباب التي تجعله غير معجب بي". وعندما قالت إحداهن مازحة "مدى تأييدي للاختفاء المفاجئ يكاد يجعلني معادية للنسوية"، ردت أكويلينو بإجابة حكيمة جداً "كيف يمكن اعتبار الأمر معادياً للنسوية إذا كنت لا ترغبين في سماع الهراء الذي يقولونه فقط لتخليص أنفسهم من الشعور بأنهم حثالة؟".
لأن هذه هي طبيعة المراسلات في عصرنا، أليس كذلك؟ التطهر من الذنوب حتى لا يشعر المرسل بأنه "وضيع"، لأنه "قرأ" رسالتك ولم يجب عنها. لسنوات، قيل لهؤلاء الرجال إن الاختفاء المفاجئ هو وضاعة من الدرجة الأولى. لكن هل الأمر حقاً بهذا الوضوح والبساطة؟ هناك بطبيعة الحال، ظروف يتجاوز فيها الاختفاء المفاجئ الحد المقبول. ربما لا يمكنك الاختفاء فجأة من حياة امرأة كنت متزوجاً بها لمدة 20 عاماً. أيضاً، ربما لا ينبغي عليك الانسحاب من حياة فتاة كنت تخرج معها في مواعيد غرامية منذ ستة أشهر. وربما لا تقم بحجب صديقة أقمت معها علاقة غرامية في حالة سكر ذات ليلة ثم وعدتها بأن تظلا صديقين، حتى لو استأنفت علاقتك مع حبيبتك السابقة بعد بضعة أسابيع (يااه، المثال الأخير، حدث معي). إذاً، ما الأمثلة على متى يمكن اعتبار الاختفاء المفاجئ مقبولاً؟ عندما تظهر إشارات مقلقة من شخص تلتقي به. عندما يكون اللقاء عديم الفائدة وكلاكما يعرف ذلك بالتأكيد. أو عندما يكون الموعد الغرامي مع دونالد ترمب.
يبدو أننا ربما تسرعنا كثيراً في استنكار الاختفاء المفاجئ على أنه سلوك سيئ من دون النظر في السيناريوهات التي لا تعد ولا تحصى التي قد يحدث فيها. هل نحتاج حقاً إلى خاتمة في كل سيناريو يحدث على الإطلاق؟ لا أعتقد أن تأكيد الرجل أنه لم يعد مهتماً جعلني أشعر بحال أفضل، لقد استنتجت ذلك بنفسي. وإذا لم يكن أي من الطرفين يطالب بتفسير، ألا يوضح ذلك أن هناك تفاهماً مشتركاً؟ لذا من فضلكم، أعفونا من تلك المواساة التي لا تقدم ولا تؤخر. في الوضع المرعب لمشهد المواعدة الغرامية الحديثة، الاختفاء المفاجئ هو أقل ما يخيفنا.
© The Independent