في خبر عاجل، نفى حزب العمال الكردستاني الضلوع في هجوم إسطنبول، وجاء في بيان نشرته وكالة فرات للأنباء "شعبنا والأشخاص الديمقراطيون يعلمون عن كثب أننا لسنا على صلة بهذا الحادث، وأننا لن نستهدف مدنيين بشكل مباشر، وأننا لا نقبل أعمالاً تستهدف مدنيين".
وفي وقت سابق أعلنت الشرطة التركية أن المرأة السورية التي نفذت هجوم إسطنبول قالت إنها تلقت تدريباً لدى المسلحين الأكراد، ودخلت البلاد من سوريا، وتصرّفت بناء على أوامر حزب العمال الكردستاني، كما تلقّت تعليمات في كوباني شمال شرقي سوريا.
ونشرت وكالة "الأناضول" التركية على حساب "تويتر" بالإنجليزية صورتها وقالت إنها تدعى أحلام البشير.
ومن جانبها، نفت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة أميركياً وتُعد وحدات حماية الشعب الكردية أبرز فصائلها، أي علاقة لها بتفجير إسطنبول، وفق ما أعلن قائدها العام مظلوم عبدي.
وكتب عبدي في تغريدة "إننا نؤكد أن قواتنا ليست لها أي علاقة بتفجير إسطنبول، ونرفض المزاعم التي تتهم قواتنا بذلك"، مضيفاً "نعبّر عن خالص تعازينا لأهالي المفقودين والشعب التركي، ونرجو للجرحى الشفاء العاجل".
اتهامات تركية
جاء ذلك بعدما قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الإثنين 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن الشرطة اعتقلت الشخص الذي ترك القنبلة التي تسببت في انفجار إسطنبول، بحسب ما نقل عنه حساب "وكالة أنباء الأناضول" الحكومية على "تويتر" باللغة الإنجليزية.
ثم قال مسؤول تركي لرويترز أن النتائج الأولية تشير إلى أن الشخص لديه علاقات مع حزب العمال الكردستاني، ومن دون استبعاد وجود روابط مع تنظيم "داعش".
#BREAKING Istanbul terror attack suspect, named Ahlam Albashir, acted on orders from PKK terrorist group’s base in Syria’s Kobani city pic.twitter.com/g4iUE83OPu
— ANADOLU AGENCY (@anadoluagency) November 14, 2022
واتهم صويلو حزب العمال الكردستاني بالمسؤولية عن الاعتداء. وقال "وفقاً لاستنتاجاتنا، فإن منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية هي المسؤولة" عن الاعتداء، وعلم لاحقاً أن السلطات اعتقلت 46 شخصاً فيما يتعلق بالانفجار.
ولقي ستة أشخاص حتفهم وأصيب 81 آخرون، الأحد، خلال انفجار هز شارعاً مزدحماً للمشاة في وسط إسطنبول في حادثة قال عنها الرئيس رجب طيب إردوغان إنها نفذت بقنبلة "وتفوح منها رائحة الإرهاب".
وكان الاعتداء الذي وقع نحو الساعة 16:20 (13:20 ت غ) في وقت كان حشد المارة فيه كثيفاً في الشارع الذي يرتاده السكان والسياح قد نسب إلى "امرأة"، لكن وزير الداخلية لم يتحدث عن ذلك، الإثنين.
امرأة وحقيبة
واتهم نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي مساءً في تصريح صحافي "امرأة"، "بتفجير قنبلة"، من دون تحديد ما إذا كانت ضمن القتلى.
ولاحقاً، تحدث وزير العدل بكر بوزداغ عن "حقيبة" وضعت على مقعد، وقال، "جلست امرأة على مقعد لـ40 إلى 45 دقيقة، ثم وقع انفجار. كل المعطيات عن هذه المرأة هي حالياً قيد الدرس".
وهرعت سيارات الإسعاف إلى مكان الحادثة في شارع الاستقلال، وسرعان ما قامت الشرطة بتطويقه، وكانت المنطقة الواقعة في حي بك أوغلي في كبرى مدن تركيا مزدحمة كالمعتاد بالمتسوقين والسياح والعائلات.
وأظهرت لقطات فيديو حصلت عليها "رويترز" لحظة وقوع الانفجار في وسط الشارع الذي أدى إلى تطاير الحطام في الهواء وسقوط عديد من الأشخاص على الأرض.
وتوجه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بسرعة إلى المكان وكتب على "تويتر"، "أطلعت من قبل فرق الإطفاء في (شارع) الاستقلال (على الوضع). إنهم يواصلون عملهم بالتنسيق مع الشرطة"، مقدماً تعازيه لأقرباء الضحايا.
وقال أردوغان في مؤتمر صحافي، "جهود هزيمة تركيا والشعب التركي من خلال الإرهاب ستفشل اليوم مثلما فشلت بالأمس، وستفشل مرة أخرى غداً".
وأضاف، "ليكن شعبنا على ثقة من أن منفذي تفجير شارع الاستقلال سيحصلون على العقاب الذي يستحقونه"، مضيفاً أن المعلومات الأولية تشير إلى أن "امرأة لعبت دوراً فيه".
ومضى قائلاً، "سيكون من الخطأ الجزم بأن انفجار شارع الاستقلال عمل إرهابي، لكن التطورات الأولية والمعلومات الاستخباراتية التي تلقيناها من الحاكم تقول إن رائحة الإرهاب تفوح منه".
الناس تجمدوا
لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار، لكن إسطنبول ومدناً تركية أخرى استهدفت في الماضي من قبل انفصاليين أكراد ومسلحين إسلاميين وجماعات أخرى.
وقال محمد أكوس (45 سنة) وهو عامل في مطعم بشارع الاستقلال، "عندما سمعت الانفجار شعرت بالذهول وتجمد الناس، ونظروا إلى بعضهم بعضاً، ثم بدأوا في الهرب، ماذا يمكنك أن تفعل غير ذلك؟".
وأضاف لـ"رويترز"، "اتصل بي أقاربي وهم يعلمون أنني أعمل في شارع الاستقلال، وطمأنتهم".
وحلقت طائرة "هليكوبتر" فوق مكان الانفجار فيما وقف عدد من سيارات الإسعاف في ساحة تقسيم القريبة. وقال مركز شرطة قاسم باشا القريب، إن جميع فرقه موجودة في مكان الانفجار من دون ذكر تفاصيل أخرى.
وقالت وسائل إعلام محلية، إن مكتب المدعي العام في إسطنبول فتح تحقيقاً في الانفجار، وذكر الهلال الأحمر التركي أنه يجري نقل أكياس من الدم إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادثة.
وفي حال ثبوت نظرية السلطات التركية، سيكون هذا أول انفجار كبير باستخدام قنبلة في إسطنبول منذ سنوات عدة.
حظر إعلامي
وحظر المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع بسرعة على وسائل الإعلام بث مشاهد من مكان الانفجار. وعزا مدير المكتب الإعلامي الرئاسي والمستشار المقرب من الرئيس أردوغان، فخر الدين التون، ذلك إلى "الحيلولة دون بث الخوف والرعب والاضطراب في المجتمع وتحقيق أهداف التنظيمات الإرهابية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد في تصريح أن "جميع هيئات ومؤسسات دولتنا تجري تحقيقاً سريعاً ودقيقاً وفعالاً في شأن الحادثة". وحجبت مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا بعد الانفجار، بحسب موقع "نيتبلوكس" لرصد شبكة الإنترنت.
وأثار الانفجار مشاعر حزن ورعب لدى سكان هذا الحي من إسطنبول الذين سبق أن شهدوا مثل هذا الاعتداء في الماضي. وألغيت مباريات أندية إسطنبول الكبرى لكرة القدم.
وعرضت قناة "تي آر تي" الإخبارية الرسمية ووسائل إعلام أخرى مقاطع مصورة لسيارات إسعاف وأفراد من الشرطة يتجهون إلى موقع الانفجار في شارع الاستقلال الشهير في حي بك أوغلي بإسطنبول.
وأشار التلفزيون التركي "أن تي في" إلى سقوط عدد من الجرحى في انفجار قوي لم يعرف مصدره بعد ظهر الأحد في شارع الاستقلال المزدحم بقلب إسطنبول.
وأظهرت لقطات نشرتها القناة انتشار فرق الإغاثة والشرطة في المكان الذي أُخلي من المارة.
وفي صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول لحظة وقوع الانفجار، تبدو ألسنة لهب من بعيد إثر دوي انفجار وسط حالة ذعر بين المارة.
وتظهر أيضاً حفرة سوداء كبيرة في هذه الصور، إضافة إلى عدد من الأشخاص الممدين على الأرض في مكان قريب.
وفي حي غالاتا المجاور أغلقت متاجر كثيرة أبوابها قبل دوامها المعتاد. وأفاد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية أن بعض المارة وصلوا راكضين من مكان الانفجار والدموع في أعينهم.
ومع حلول الظلام كانت الباحات الخارجية للمطاعم في هذا الحي السياحي شبه فارغة.
واستهدف شارع الاستقلال في سلسلة من الهجمات الإرهابية عامي 2015 و2016. وتبنى تنظيم "داعش" هذه الهجمات التي أسفرت عن مقتل نحو 500 شخص وإصابة أكثر من ألفي شخص بجروح.
وأسفر تفجيران مزدوجان خارج ملعب كرة قدم في إسطنبول في ديسمبر (كانون الأول) 2016 عن مقتل 38 شخصاً وإصابة 155 في هجوم تبناه الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني.
تنديد دولي
وأثارت الحادثة التي تأتي قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية إدانات عدة من باكستان إلى الهند ومن إيطاليا الى ألمانيا، حيث تقيم جالية تركية كبيرة، وكذلك من السعودية وقطر والكويت والبحرين والأردن.
كما نددت الولايات المتحدة بالتفجير، إذ قالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيار، "نقف في وجه الإرهاب جنباً إلى جنب مع تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تغريدة باللغة التركية، "الألم الذي يصيب الشعب التركي الصديق هو ألمنا".
وخاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأتراك، "نشاطركم ما تشعرون به من ألم. نقف إلى جانبكم في مكافحة الإرهاب".
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، "كل أفكارنا مع شعب تركيا في هذه اللحظات الصعبة"، فيما أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي عن "التضامن مع حليفنا". وصدر الموقف نفسه من السويد المرشحة لعضوية الحلف.
وغرد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ باللغتين التركية والإنجليزية قائلاً، "بعد أن شعرت بالصدمة من أنباء التفجير الدنيء في إسطنبول الذي استهدف المدنيين الأبرياء (...) يجب على العالم كله أن يقف بشكل حازم وموحد ضد الإرهاب".
وعبرت أثينا عن "تعازيها الحارة للحكومة والشعب التركيين" على رغم علاقاتها المتوترة مع أنقرة.