للأسف، ينتشر العنف الأسري وسوء المعاملة في مجتمعنا. قد يطاول ذلك الأشخاص المنتمين لمختلف الطبقات الاجتماعية والعاملين في جميع أنواع المهن، بمن فيهم أولئك الذين لديهم حضور في الحياة العامة.
على أية حال، يتم إخفاء العنف الأسري، ولفترة طويلة، عن أعين الناس على رغم عواقبه الصحية الخطرة على الأفراد وعلى مجتمعنا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نحتاج إلى زيادة الوعي كي نخلق مجتمعاً يعيد الثقة إلى أولئك الذين يعانون من العنف الأسري بأنه سيتم تصديقهم والإصغاء إليهم وتقديم الدعم لهم. لهذا السبب أعمل مع نواب من جميع الأحزاب وأدعو إلى فرض واجب العناية على أرباب العمل والأحزاب السياسية لضمان عدم تعرض الناجين من العنف الأسري لمزيد من المضايقات في أماكن عملهم.
يجب إدراك أن السيطرة والمضايقة اللتين تحصلان بعد الانفصال تعدان شكلاً من أشكال العنف الأسري بحذ ذاتهما ويمكن أن تحدثا بعد فترة طويلة من انتهاء العلاقة أو الزواج، التي يتم من خلالها استخدام أساليب مختلفة من الإساءة.
تواجه النائبات السياسيات، ولا سيما المنحدرات من خلفيات وأقليات عرقية، لعوائق مختلفة وهن معرضات بشكل أكبر للمضايقة وسوء المعاملة، بما في ذلك الإساءة بدافع الشرف.
في الواقع، خلال فترة وجودي في البرلمان، تعرضت لحملة مستمرة من الإساءة والمضايقات المعادية للمرأة. فعلى سبيل المثال، في عام 2021، وبعد سنتين فقط من انتخابي للمرة الأولى كأول نائبة محجبة في المملكة المتحدة، الأمر الذي تزامن أيضاً مع الجائحة العالمية، اضطررت إلى تحمل إجراءات محاكمة استمرت ثمانية أيام أجبرت خلالها وبوحشية للتحدث عن تجارب مؤلمة وخاصة.
الشكوى التي أوصلتني إلى المحاكم كانت مقدمة من صهر زوجي السابق حول اختياري لتمثيل حزب العمال في دائرة "بوبلار آند لايمهاوس" Poplar and Limehouse الانتخابية في لندن.
النهج الذي يتبعه المسيؤون والمتمثل في إساءة استخدام نظام المحاكم للحفاظ على السلطة والسيطرة على شركاء حياتهم السابقين أو الحاليين - ما يسمى أحياناً التقاضي "الكيدي" أو "المسيء"، بتعبير آخر المطاردة عن طريق المحاكم - يصنف من قبل الخبراء على أنه شكل من أشكال العنف الأسري.
بالرغم من إثبات براءتي من جميع التهم، إلا أنني أخشى أن أظل أسيرة المحنة التي عشتها خلال هذه المحاكمة لبقية حياتي، والتي كلفتني أكثر بكثير من المبلغ الذي اتهمت بكسبه عن طريق الاحتيال.
في الواقع، استخدمت النيابة العامة مسألة العنف المنزلي ضدي. وقيل إن الإساءة كانت دافعاً لقيامي بالجرائم المزعومة. يقول راج تشادا، المحامي في شركة "هودج جونز آند ألين" للمحاماة الذي كان يدافع عني: "يحتاج المدعون العامون والمحققون إلى تكوين فهم أفضل والأخذ في عين الاعتبار الطريقة التي يتصرف بها ضحايا السيطرة القسرية والعنف الأسري وكيف يعاملهم نظام العدالة الجنائية".
قد يعتقد الناس أن الحصول على البراءة هو نهاية التجربة، لكن آثارها مستمرة وسمعتي تضررت بسببها. في الوقت الراهن، ما زلت غير قادرة على العودة إلى العمل بشكل كامل بعدما اضطررت في شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى الذهاب إلى قسم الطوارئ في المستشفى حيث منحت إجازة مرضية بسبب العنف والمضايقات المستمرة التي ينبغي علي تحملها.
لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فبينما كنت مريضة، بدأت عملية إعادة تقييم - الإجراء الذي يتخذه حزب العمال لتقرير ما إذا كان النائب الحالي سيبقى هو المرشح في الانتخابات المستقبلية.
لكن ما أريد قوله هو أنه لن يتم إسكاتي على رغم كل ما مررت به.
عندما أدركت في عام 2020 أنني ناجية من العنف الأسري، احتجت إلى وقت طويل وعصيب حتى بدأت أفهم الأمور، وما زلت إلى يومنا هذا محتاجة إلى استيعاب هذه الصدمة.
لكن مهما حدث فلن أتراجع ولن أستسلم. لقد تأثرت بشدة عندما اتصلت بي نساء من جميع أنحاء المملكة المتحدة للتعبير عن تضامنهن. إنني أدرك تماماً ماهية المعاناة التي يعيشها الناجون في مواجهة نظام يخذلهم، وأشعر أن من واجبي تجاههم الاستمرار في استخدام الصوت الذي تمكنت أخيراً من المطالبة بحقي به.
وفي نهاية المطاف، سبب استخدامي لمصطلح "ناجية" عندما أصف تجاربي هو أنني لا أريد أن تحدد الإساءة هويتي.
أريد مواصلة مسيرتي. أريد أن أكون حرة لأقوم بالمهمة التي انتخبت للقيام بها. وأريد أن تكون المملكة المتحدة بلداً يمكن فيه انتخاب الناجين من العنف الأسري والإساءة كممثلين، وألا يتم إحباطهم من خلال المضايقات والإساءات المستمرة.
أبسانا بيغوم هي نائبة عن دائرة "بوبلار أند لايمهاوس" الانتخابية ورئيسة المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب ضد العنف والإساءة الأسرية.
© The Independent