شمس ساطعة على مدار العام وأمواج متلاطمة على شاطئ المحيط الأطلسي ممتدة على مساحة 750 كيلومتراً ورياح مرسلة خلال فصول السنة، جميعها قدرات موريتانيا الطبيعية التي تأمل في أن تحقق لها طاقة نظيفة مع صفر انبعاث من الكربون.
وانتبهت الحكومات الموريتانية المتعاقبة في وقت متأخر لأهمية موقعها الجغرافي، فقبل عقد من الزمن لم يكن الحديث عن الطاقات المتجددة وارداً في السياسات التنموية العامة بالبلد الذي يعاني توفير حاجاته من الطاقة.
وقبل سبعة أعوام فقط دشنت الإمارات في العاصمة نواكشوط محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية الكهروضوئية التي طورتها شركة "مصدر" التابعة لأبوظبي وتولد المحطة 15 ميغاواط من الطاقة، وكانت عند استكمالها أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في أفريقيا وأول محطة شمسية لتوليد الكهرباء على نطاق المرافق الخدمية بالبلاد.
وبحسب منشورات شركة الكهرباء الموريتانية فإن المحطة تمثل 10 في المئة من إجمال قدرة الشبكة الكهربائية بموريتانيا بقدرة تبلغ 25409 ميغاواط/ساعة من الطاقة النظيفة سنوياً، ويسهم المشروع في تفادي انبعاث 21225 طناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، إذ تضم 30 ألف لوح شمسي وتكفي لإمداد نحو 10 آلاف منزل في نواكشوط بالكهرباء.
"انبعاثات الكربون"
المهندسة في الطاقات المتجددة عزيزة سيد بونا ترى أن "موريتانيا وضعت استراتيجية لرؤية 2030 تتضمن الوصول إلى صفر في المئة من انبعاثات الكربون، وذلك بإنتاج 100 في المئة من الطاقة المتجددة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت "سيتحقق ذلك باستغلال موارد البلاد في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والهوائية والمائية، وكذلك باستغلال النفايات التي تعتبر من مسببات انبعاث الكربون في إنتاج الطاقة الحيوية".
وتقود المهندسة الشابة مشروعاً لإنتاج الـ "بيوغاز" والسماد العضوي من النفايات يعد الأول من نوعه في موريتانيا.
وعن تجربتها قالت عزيزة إن "موريتانيا من الدول الغنية بالثروة الحيوانية، ويمكن أن نستغل نفايات الحيوانات في استخراج مصدر للطاقة النظيفة قريب من المواطن ويسد حاجاته، وسيقلل هذا المشروع من استخدام الفحم وقطع الأشجار اللذين يعدان من أهم مسببات التلوث البيئي والتصحر".
سباق دولي
وسعياً منها إلى تلبية الأهداف المناخية التي تنوي الوصول إليها قبل نهاية العقد الجاري، أطلقت موريتانيا مشاريع عدة للطاقة المتجددة ما بين مشروعين للهيدروجين الأخضر وآخرين للطاقة الشمسية وواحد لطاقة الرياح.
ويعد مشروع محطة "توجونين" للطاقة الشمسية واحداً من المشاريع التي تعتمد عليها موريتانيا في دخول عالم الطاقة الشمسية، وتسهم المحطة في تخلص البلاد من 57 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتصل كلفتها إلى 35 مليون دولار.
وتخوض موريتانيا سباقاً محموماً للحصول على مصادر طاقة نظيفة وذلك لحجز مكانة متقدمة ضمن الدول المنتجة لهذا النوع من الطاقة، وتعتمد لتحقيق أهدافها على الظروف المناخية المواتية والاستثمارات الحكومية الواعدة في مجال الطاقة النظيفة.
تحديات كبيرة
ويرى العارفون بمجال الطاقات المتجددة في موريتانيا أن البلد يواجه تحديات حقيقية يحصرها محمد فال أبليله في "ارتفاع كلف الاستثمار الأولي مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية، وكذلك نقص الخبرة المعرفية في هذا المجال".
وقال محمد فال الذي يدير شركة للطاقة المتجددة، إنه على موريتانيا "تشجيع استغلال الموارد المتاحة من خلال إقرار الإطار التشريعي لمصادر الطاقة النظيفة مع خلق روابط واضحة بين المشغلين والمقاولين وموردي الطاقة والهيئات الحكومية".
وطالب سلطات بلاده "بجذب شركاء متعددي الجنسيات لجعل موريتانيا مركزاً دولياً لإنتاج الطاقة، وكذلك دعم وتعزيز المشاريع والشركات التي تعمل على استخدام الطاقة المتجددة".