في نهاية عام 2021، بدت الأمور وردية بالنسبة لقطاع الإسكان العالمي. وعبر 38 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كانت أسعار المنازل تنمو بأسرع وتيرة منذ أن بدأت السجلات قبل 50 عاماً. ويُظهر تحليل البيانات من شركة استشارات "أكسفورد إيكونوميكس" اتجاهاً مشابهاً. ففي 41 دولة من النرويج إلى نيوزيلندا، كانت أسعار المساكن في ارتفاع، مدعومة بانخفاض قياسي في تكاليف الاقتراض والمشترين الذين لديهم مدخرات للإنفاق. ويمكن القول، إنه لم يكن هناك وقت أفضل لامتلاك منزل، في حين أن مالكي المنازل في مختلف أنحاء العالم يتعاملون مع مدفوعات الرهن العقاري التي لا يمكن تحملها بشكل متزايد، كما أن مشتري المنازل المحتملين يواجهون أسعار المنازل التي ترتفع بشكل أسرع من الدخل. وفي الخلفية، تتعمق أزمة تكلفة المعيشة العالمية.
والنتيجة هي أن طفرة الإسكان التي يسببها الوباء في أغنى دول العالم من المرجح أن يتبعها أوسع تباطؤ في سوق الإسكان منذ الانهيار المالي. وهذا بدوره يمكن أن يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصادات المتعثرة، ومن المتوقع أن تشهد كل البلدان المدرجة في قاعدة بيانات "أكسفورد إيكونوميكس" تقريباً تباطؤاً في العام المقبل، ما يمثل التباطؤ الأكثر انتشاراً في نمو أسعار المساكن منذ عام 2000 على الأقل في عام 2009.
وقال آدم سلاتر كبير الاقتصاديين في جامعة "أكسفورد إيكونوميكس" "هذه هي التوقعات الأكثر إثارة للقلق في سوق الإسكان منذ 2007-2008، حيث تتأهب الأسواق بين احتمال حدوث انخفاضات متواضعة وأخرى أكثر حدة". وأضاف "أن الارتفاع المستمر في معدلات الرهن العقاري في الاقتصادات المتقدمة يهدد بدفع بعض أسواق الإسكان إلى ركود حاد". ويتفق صندوق النقد الدولي مع حديث سلاتر معتبراً أن سوق الإسكان العالمية تقف عند "نقطة تحول"، وما تغير، بالطبع، هو شبح ارتفاع الأسعار والصدمة الاقتصادية لهجوم روسيا على أوكرانيا.
انخفاض حاد في أسعار المنازل
وذكر تقرير الاستقرار المالي العالمي للصندوق أنه "في الوقت الذي تقوم فيه البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم بتشديد السياسة النقدية بشدة لمعالجة ضغوط الأسعار، فإن ارتفاع تكاليف الاقتراض وتشديد معايير الإقراض، إلى جانب تقييمات المنازل الممتدة، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار المنازل". وسوف ينتشر هذا "الانخفاض الحاد" على نطاق واسع، في حين أن تحليل "فايننشال تايمز" القائم على بيانات "أكسفورد إيكونوميكس" يغطي إلى حد كبير الاقتصادات المتقدمة، ويتوقع صندوق النقد الدولي أنه في سيناريو معاد للغاية، يمكن أن تنخفض أسعار المنازل الحقيقية بنسبة 25 في المئة على مدى السنوات الثلاث المقبلة في الأسواق الناشئة مقارنة بنسبة 10 في المئة في الاقتصادات المتقدمة. ومن المرجح أن يؤدي تباطؤ سوق الإسكان إلى تراجع النشاط الاقتصادي الأوسع، ما يضر بقطاع البناء ومورديه.
ويتوقع سلاتر أن التباطؤ في قطاع الإسكان يمكن أن يحسم 0.2 نقطة مئوية من النمو العالمي نتيجة لانخفاض الإنفاق، و0.6 نقطة مئوية أخرى بسبب انخفاض الاستثمار السكني. ويقدر بنك كندا أن تراجع الإسكان سيقلل النمو الاقتصادي بمقدار 0.6 نقطة مئوية إلى 0.9 في المئة العام المقبل.
"صفر كوفيد" أضر بالعقارات في الصين
وقد بدأت هذه الديناميكية بالفعل في الصين، حيث اشتدت أزمة العقارات في الأشهر الأخيرة ونما اقتصادها هذا العام بأبطأ وتيرة منذ أن بدأت السجلات في عام 1992، باستثناء فترة الوباء. وتراجعت مساحة أرضية المساكن المباعة بنسبة 26 في المئة في العام المنتهي في سبتمبر (أيلول) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ونظراً لأن بيع العقارات التي لم يتم بناؤها بعد هو مصدر رئيس للتمويل للمطورين، فإن الانخفاض الحاد مع استمرار البلاد في سياسة صفر "كوفيد" قد خلق ضغوط سيولة ذاتية التعزيز وأضر بالاقتصاد.
ارتفاع مدفوعات الرهن العقاري في أميركا وأوروبا
ولا شك أن أكبر عامل في التباطؤ هو معدلات الرهن العقاري. ففي الولايات المتحدة، استقر معدل صفقة مدتها 30 عاماً عند حوالى سبعة في المئة، أي أكثر من ضعف المعدل العام الماضي والأعلى منذ عام 2008، بعد سلسلة سريعة من زيادات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. وإلى جانب الطفرة في أسعار المنازل في العامين الماضيين، ارتفعت مدفوعات الرهن العقاري الشهرية على عقار نموذجي إلى أكثر من 2600 دولار، مقارنة بـ1700 دولار في العام السابق. وأدى ذلك إلى زيادة التضخم الذي بلغ الآن أعلى مستوياته منذ عقود عدة في عديد من البلدان، ما دفع البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم إلى تشديد السياسة النقدية بحدة. كما تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الأجور الحقيقية من المرجح أن تنخفض العام المقبل.
ويقول ناثان شيتس كبير الاقتصاديين في بنك "سيتي" الأميركي للصحيفة "هذه هي المعدلات التي أعتقد أنها من المرجح أن تكون أكثر من رياح معاكسة، ونحن نشهد بالفعل تباطؤ سوق الإسكان". وهذا النمط مشابه في عديد من البلدان حيث ارتفعت معدلات الرهن العقاري إلى أعلى مستوى لها في السنوات الأخيرة عبر منطقة اليورو، وكذلك في كندا وأستراليا ونيوزيلندا.
وتقول ميلاني ديبونو الخبيرة الاقتصادية في "بانثيون مايكرو إيكونوميكس" "مع ارتفاع معدلات الرهن العقاري وتراجع البنوك عن الإقراض وخفض الطلب، نظل واثقين من وجهة نظرنا بأن نمو أسعار المنازل في منطقة اليورو من المقرر أن ينخفض بشكل حاد، وسيتحول إلى حالة سلبية بحلول نهاية عام 2023". ويقدر مارسيل ثيليانت الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" أن مدفوعات الرهن العقاري في نيوزيلندا ارتفعت بالفعل إلى أكثر من 60 في المئة من متوسط الدخل، مقارنة بأقل من 45 في المئة قبل تفشي "كوفيد-19". ومع توقع ارتفاع أسعار الفائدة بشكل أكبر، فإنه يتوقع انخفاضاً بنسبة 25 في المئة في أسعار المنازل في نيوزيلندا عن ذروتها في نوفمبر (تشرين الثاني).
اضطراب سوق الرهن العقارية في بريطانيا
وفي المملكة المتحدة، دخلت سوق الرهن العقارية في حال اضطراب بسبب الأزمة السياسية الناجمة عن التخفيضات الضريبية الكبيرة التي اقترحتها حكومة ليز تراس قصيرة العمر. وهدأت الأسواق مع تعيين ريشي سوناك رئيس الوزراء الجديد، لكن لا يزال من المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة إلى حوالى 4.6 في المئة العام المقبل من ثلاثة في المئة الحالية. وحسبت مؤسسة "ريزليوشين فاونديشين"، وهي مؤسسة فكرية بريطانية، أنه بالنسبة لما يقرب من خُمس الأسر، يمكن أن ترتفع مدفوعات الرهن العقاري بأكثر من خمسة آلاف جنيه استرليني (592.8 دولار) سنوياً بحلول نهاية عام 2023. ونتيجة لذلك، توقع الاقتصاديون حدوث انهيار في أسعار المساكن في المملكة المتحدة في عام 2023 يتراوح من 4.4 في المئة في "أكسفورد إيكونوميكس" إلى 10 في المئة، و12 في المئة لوكيل العقارات "سافيلز"، وشركة "كابيتال إيكونوميكس" الاستشارية، على التوالي.
ويعكس الارتفاع في معدلات الرهن العقاري الزيادة في أسعار الفائدة التي ارتفعت بشكل حاد في الوقت الذي تكافح فيه عديد من البنوك المركزية أسرع وتيرة تضخم منذ عقود. وزادت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو مجتمعة معدلات الفائدة بنحو 900 نقطة أساس خلال العام الماضي، وتتوقع الأسواق زيادة 400 نقطة أساس أخرى بحلول صيف العام المقبل. كما شهدت معظم الأسواق الناشئة ارتفاعات حادة في الأسعار. ورفعت البرازيل معدلات الفائدة بقوة إلى 13.75 في المئة من اثنين في المئة فقط في يناير (كانون الثاني) 2021، وفي المجر، كانت هناك زيادة بنسبة 12.4 في المئة إلى 13 في المئة.
معادلة الفائدة والرهن العقاري
ويحسب البنك المركزي الأوروبي أنه في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، فإن زيادة معدل الرهن العقاري بمقدار نقطة مئوية واحدة تقابل انخفاضاً بنسبة تسعة في المئة تقريباً في أسعار المساكن وانخفاضاً بنسبة 15 في المئة في الاستثمار في الإسكان بعد حوالى عامين. ومع زيادة الضغوط المالية على الأسر، فإن المدخرات التي تراكمت خلال الوباء ما ساعد في دعم طفرة الإسكان الآخذة في النضوب بسرعة، في وقت لا تستطيع الأسر شراء كميات أقل بأموالها فحسب، بل إنها على الأرجح ستكافح من أجل الادخار مقابل وديعة.
وفي الولايات المتحدة، قال جيمس نايتلي الاقتصادي في "آي أن جي"، إن ارتفاع تكلفة المعيشة وتراجع أسواق الأسهم زادا من صعوبة توفير ما يكفي من دفعة مقدمة للمشترين للمرة الأولى- شريان الحياة للسوق". وتعكس القوة الموجودة في سوق الإسكان جزئياً اندفاع المشترين لإغلاق صفقات الرهن العقاري قبل زيادة معدلات الفائدة. في وقت لا تزال أسعار الإيجار قوية بسبب الطلب الثابت من أولئك غير القادرين على شراء العقارات.
وفي عديد من البلدان، يتم الحفاظ على أسعار المساكن بسبب انخفاض مخزونات المساكن. وفي أكتوبر (تشرين الأول)، كان مخزون المملكة المتحدة من العقارات المعروضة للبيع لكل مساح هو الأدنى منذ أن بدأت السجلات في عام 1978، بينما ظلت المخزونات مُنخفضة وفقاً للمعايير التاريخية في الولايات المتحدة.
تباطؤ تضخم الإسكان
لكن بوادر تراجع السوق واضحة للعيان، إذ يتباطأ تضخم الإسكان بالفعل في معظم الأسواق، بما في ذلك ألمانيا وأستراليا والصين، وسجلت أستراليا أول انكماش سنوي لها، وفي الولايات المتحدة تباطأ النمو السنوي لأسعار المنازل إلى 13 في المئة في أغسطس (آب) من 16 في المئة في الشهر السابق، وهو أسرع تباطؤ منذ بدء المؤشر في عام 1975. وتتوقع "كابيتال إيكونوميكس" أن تنخفض أسعار المنازل في الولايات المتحدة بمقدار ثمانية في المئة من الذروة إلى القاع العام المقبل.
البنوك ترفض قروض الإسكان في منطقة اليورو
وفي منطقة اليورو، ترفض البنوك بشكل متزايد قروض الإسكان إضافة إلى تشديد الشروط لتلك الممنوحة بالفعل. كما انخفض الطلب على قروض الإسكان بأسرع وتيرة في عقد، وفقاً لمسح الإقراض المصرفي للربع الرابع. وفي سبتمبر تراجعت القروض الجديدة لشراء المنازل بنسبة 30 في المئة عن الشهر نفسه من العام الماضي. وتراجعت المعاملات العقارية في المملكة المتحدة بمعدل سنوي بلغ 32 في المئة في سبتمبر. وأفاد مساحو الإسكان بأكبر انخفاض في استفسارات المشترين الجدد في أكتوبر منذ الأزمة المالية، باستثناء إغلاق سوق الإسكان خلال أول إغلاق لـ"كوفيد-19".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الولايات المتحدة، انخفضت مبيعات المنازل في سبتمبر بمعدل سنوي قدره 24 لكل فرد، أقل بكثير من مستويات ما قبل الوباء. وانخفضت طلبات الرهن العقاري إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاماً أيضاً. ويقول مارك زاندي كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتكس"، إن سوق الإسكان في الولايات المتحدة "تتبخر". ويردد بول أشوورث كبير الاقتصاديين الأميركيين في "كابيتال إيكونوميكس" هذا الرأي قائلاً إن النشاط السكني "قد دمر تماماً". في حين أن الأرقام الخاصة بتورنتو أكثر دراماتيكية، وسجلت المدينة الكندية انخفاضاً بنسبة 96 في المئة في مبيعات منازل الأسرة الواحدة وهبوطاً بنسبة 89 في المئة للشقق الخاصة.
تعلم الدروس من الماضي
ومع ذلك لا تشترك كل البلدان في المخاطر نفسها لحدوث تراجع في قطاع الإسكان. وفي كندا ونيوزيلندا وأستراليا، على سبيل المثال، أدى تسارع الأسعار على مدى السنوات القليلة الماضية، إلى جانب النسبة الكبيرة من الأسر المعيشية التي لديها رهن عقاري ومستويات عالية من الديون، إلى جعل سوق الإسكان محفوفة بالمخاطر بشكل خاص. في وقت تدق السويد والمملكة المتحدة أجراس الإنذار بسبب اعتمادهما على معدلات الرهن العقاري العائمة أو قصيرة الأجل.
وتقول يوليا تشيستكوفا الخبيرة الاقتصادية في بنك "غولدمان ساكس"، إنه من بين أكبر الاقتصادات في العالم، فإنها ترى "خطراً أكبر يتمثل في حدوث ارتفاع ملموس في معدلات التأخر في سداد القروض العقارية في المملكة المتحدة". وبالمثل، في الولايات المتحدة، تعد الوتيرة السريعة لتضخم الإسكان في الماضي، إلى جانب التقييمات المرتفعة والتشديد النقدي القوي، مصادر للمخاطر. ومع ذلك، فإن البلدان الأخرى، بما في ذلك اليابان وإيطاليا وفرنسا، في وضع أفضل، وفقاً لـ"أكسفورد إيكونوميكس"، وذلك بفضل الزيادات الأكثر تواضعاً في الأسعار، والتقييمات الأقل ارتفاعاً وانخفاض مستويات ديون الأسر.
وتمتلك فرنسا وإيطاليا حصصاً منخفضة جداً من الديون ذات السعر العائم، ما يعني بعض العزلة عن التأثير المباشر لارتفاع معدلات الرهن العقاري. ولم يتضح بعد مدى خطورة أي حادث اصطدام. فعلى الصعيد العالمي، يتفاءل المحللون بأنه في معظم الاقتصادات الكبيرة، لا تشير ظروف سوق العقارات إلى انكماش عميق مثل ذلك الذي حدث خلال الأزمة المالية. وفي ذلك الوقت، انخفضت أسعار المساكن بين أكثر البلدان الصناعية بنسبة 13 في المئة من الذروة في عام 2007 إلى أدنى نقطة في عام 2012.
وأدت الأزمة إلى أكثر من مليوني حبس رهن في عام 2009 بالولايات المتحدة. وفي بلدان مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا، التي عانت من أزمة الإسكان والسيادية، كان انهيار الإسكان كبيراً لدرجة أن الأسعار لم تعد إلى ما كانت عليه في عام 2007. والاختلاف الرئيس اليوم يتمثل في قوة سوق العمل. فلن تكون البطالة حادة كما كانت في أعقاب الأزمة المالية. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل البطالة بأقل من نقطة مئوية واحدة العام المقبل، مقارنة بالانهيار المالي عندما كان يقترب من ثلاث نقاط مئوية.
ويقول سلاتر من "أكسفورد إيكونوميكس" "بينما تظل البطالة منخفضة، هناك فرصة معقولة بأن تكون حالات الانكماش في الأسعار محدودة، مع "تجميد الأسواق عند مستويات منخفضة من المعاملات". وهناك أيضاً اختلاف مهم آخر هذه المرة، وهو أنه في عديد من الأسواق، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وإسبانيا والدنمارك، تعاني الأسر من ديون رهن عقاري أقل مقارنة بالدخل مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة المالية. كما يتمتع المقترضون بحماية أفضل من خلال العقود طويلة الأجل، كما يتم تنظيم إقراض الرهن العقاري بشكل أكثر إحكاماً.
وفي مختلف أنحاء أوروبا، انخفضت حصة الرهون العقارية ذات المعدلات العائمة بشكل حاد خلال العقد الماضي، وأصبحت صفقات الرهن العقاري لمدة 10 سنوات أو أكثر هي القاعدة. وهذا ينطبق بشكل خاص على ألمانيا وهولندا وإسبانيا.
وتقول أليكسيا كورياس المديرة المساعدة في شركة التصنيف الإئتماني "فيتش"، إن انخفاض نسب القرض إلى القيمة في هولندا وانخفاض حصص الرهون العقارية ذات الفائدة فقط بشكل كبير "سيساعد على تجنب الانخفاضات الكبيرة في الأسعار" التي شوهدت بعد الأزمة المالية. ويقول توم بيل رئيس قسم الأبحاث السكنية بالمملكة المتحدة في "نايت فرانك"، إنه يتوقع أن تعود الأسعار في المملكة المتحدة إلى ما كانت عليه في صيف عام 2021، ولكن بسبب انخفاض البطالة والبنوك ذات رأس المال الجيد فإن "نوع انخفاض الأسعار المكون من رقمين الذي شهدناه خلال الأزمة المالية العالمية ’لن يتكرر’".
صفقات طويلة الأجل
وبالمثل، فإن معظم الرهون العقارية في الولايات المتحدة هي صفقات طويلة الأجل وأكثر من ثلثي المشترين مقترضون رئيسون، مقارنة بواحد فقط من كل أربعة قبل الأزمة المالية.
وإلى جانب العرض الضيق للغاية، لا يتوقع زاندي من "موديز أناليتكس"، الانخفاض نفسه في الأسعار وارتفاع حالات حبس الرهن كما حدث خلال الأزمة المالية في الولايات المتحدة، ويشير إلى أن المستثمرين المؤسسيين الذين اجتذبتهم الإيجارات المرتفعة سيدعمون الطلب على المدى الطويل، مضيفاً أنهم "صعدوا إلى الخطوط الجانبية [في الوقت الحالي] لأنهم يعرفون أن الأسعار ستنخفض، لكنهم لن ينتظروا إلى الأبد". في حين تشير الدلائل إلى أن الارتفاع المفاجئ في الطلب على المساكن المدعوم بفائدة منخفضة أصبح شيئاً من الماضي. وتقول كريستينا أربيلايز الاقتصادية العالمية في "مورغان ستانلي" إن السوق "تتراجع حول العالم"، وتحذر قائلة "بدأنا الآن نشهد انعكاساً" في ازدهار الإسكان العام الماضي "ولكن لكي نكون واضحين، لا نتوقع تكراراً لانهيار المساكن في الفترة 2006-2008".