حذر نشطاء من أن غلاء المعيشة يهدد سلامة العاملات في مجال الجنس، من خلال إجبارهن على قبول زبائن ذكور يحتمل أن يكونوا خطرين، وسبق للعاملات أن رفضن طلباتهم.
وقالت "مجموعة بائعات الهوى الإنجليزية" الناشطة إن مئات النساء قمن بالاتصال بخط المساعدة الخاص بالمنظمة للحصول على المشورة بشأن أزمة تكاليف المعيشة منذ أغسطس (آب) الماضي، لكن هذه الأعداد قد تكون "غيضاً من فيض" على الأرجح، إذ يخشى عديد منهن طلب المساعدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت المجموعة الناشطة إن المتصلات أثرن مخاوف حيال قضايا السكن وإشعارات الإخلاء والتأخيرات الجسيمة في سداد المستحقات وبنوك الطعام والديون وقسائم الطعام والمساعدات الحكومية ومزاعم حول تعرضهن لمضايقات من الملاّك. هذا إضافة إلى ارتفاع عدد تقارير العنف وسوء المعاملة وظروف العمل الاستغلالية.
قالت بعض العاملات في مجال الدعارة لـ "اندبندنت" إن عدد الزبائن بات أقل بسبب قيام بعضهم بتقليص النفقات، مما يعني أنهن مجبرات على قبول عملاء وخدمات جنسية كن قد رفضنها في السابق.
وعن هذا أشارت نيكي آدمز، المتحدثة باسم المجموعة التي تدعم العاملات في مجال الجنس: "يدل وجود مئات النساء [اللاتي يطلبن المساعدة] على وجود آلاف أخريات لا يعرفن إلى أين يتوجهن للحصول على المساعدة. لا يسعى عديد من النساء للحصول على المساعدة لأنهن يخشين الكشف عن هويتهن كعاملات في الجنس، لذلك يعانين بصمت".
وأشارت إلى أن جميع المتصلين هم من النساء، في حين أن حوالى ثلثيهن من الأمهات، موضحة أن هناك ارتفاعاً في عدد المتصلات منذ نهاية أغسطس الماضي للتعبير عن قلقهن حيال توفير الزي المدرسي لأطفالهن قبل بدء العام الدراسي.
وتضيف آدامز: "تتصل بنا بعض النساء للحصول على معلومات حول بدء العمل في مجال الجنس لأنهن لا يستطعن تحمل التكاليف المتزايدة للطاقة والغذاء والتنقل... كما تعود أخريات لامتهان هذا الأمر بعد عقود من العمل في وظائف أخرى لأن ارتفاع تكاليف العيش يعني أنهن لم يعدن قادرات على تغطية نفقاتهن".
وأوضحت الناشطة أن الجمعية كانت تسمع عادة عن عاملات في الجنس أجبرن على القيام بالعمل في بيت دعارة، أو الخروج إلى الشارع من أجل "سداد فاتورة معينة".
وتوضح آدامز أنه يتم إجبار بعض النساء على مرافقة عملاء كن سيقلن لهم لا في السابق، أو كانوا سيتعرضون للتدقيق من قبل بيوت الدعارة، وهو أمر "له تداعيات مقلقة للغاية على سلامتهن".
وأشارت الناشطة، التي تؤيد منظمتها إلغاء تجريم الدعارة، إلى أن عديداً من النساء يخشين إبلاغ الشرطة عن العنف وسوء المعاملة لخوفهن من تعرضهن للاعتقال.
في حين أنه ليس من غير القانوني قيام الأفراد بشراء أو بيع خدمات الجنس في المملكة المتحدة، إلا أن الإغراء والعمل في الشارع وتجمع المشتغلين بالجنس معاً كمجموعة، وقيام بائعات الهوى بالترويج لأنفسهن، تعد جميعها ممارسات غير قانونية.
آدامز تنتسب أيضاً إلى ائتلاف لمنظمات المشتغلين بالجنس يدعى "مومسات في مواجهة مشقة العيش" يدعو إلى تعليق عمليات إخلاء المساكن، إضافة إلى إعفاء العاملات في الجنس من الاعتقال لضمان قدرة النساء على التبليغ عن العنف من دون خوف.
إيلا، وهو اسم مستعار لفتاة تبلغ من العمر 22 سنة من يوركشر، حيث تمتهن الجنس إلى جانب عملها في قطاع الأعمال الخيرية، قالت لـ "اندبندنت" إنها تشعر بـ "ضغوط" أزمة تكاليف المعيشة التي يزيدها انخفاض عدد الزبائن وتوضح: "كان هناك كثير من الأشخاص الذين يطلبون خدماتي للمرة الأولى، أكثر بكثير مما كان يمكنني قبوله على الإطلاق. لكن الآن هناك أسابيع حيث يكون الطلب منخفضاً بشدة لدرجة أنني لا أعرف ما الذي سأفعله... يحاول الناس خفض الأجور أكثر والتعامل مع الأمر بدناءة. الآن، أنا أقول نعم للأشخاص الذين كنت سأقول لهم لا في الأحوال العادية. أنا أقول نعم للأفعال التي لا أقبلها في العادة. تجعلني أزمة تكاليف المعيشة أعرض نفسي للخطر وأقوم بأشياء لست مرتاحة للقيام بها".
كما تعاني إيلا من إرهاق وألم مزمنين وتقول إن أزمة غلاء المعيشة أجبرتها على العمل حتى عندما تكون مريضة. تضيف: "في السابق، إذا كنت أعاني من ألم شديد وأبكي وأتناول كثيراً من المسكنات، كنت سألغي التزامات العمل في مجال الجنس، لكنني الآن أجد نفسي مضطرة للقيام بها".
بدورها تقول أليكس، وهي عاملة بالجنس تبلغ من العمر 26 عاماً، لـ "اندبندنت" إن أزمة تكاليف المعيشة دمرت خططها "لاعتزال" العمل في مجال الجنس أو أخذ استراحة منه.
وتوضح أليكس التي تعمل أيضاً في قطاع الأعمال الخيرية وتشتغل في مجال الجنس بين الحين والآخر منذ حوالى عقد من الزمن: "مثلي مثل عديد من المشتغلات بالجنس، كان لدي عملاء يدركون كلفة أزمة المعيشة وقد يتمادون بطلباتهم أكثر من المعتاد لشعورهم أنهم قادرون على الحصول على خدمات أكثر لأن الأزمة تمثل اختلالاً في توازن القوى أكثر من ذي قبل... مثلي مثل جميع العاملات في مجال الجنس، كان علي التفكير في قابلية تسويق الخدمات التي أقدمها حالياً حيث تزداد محدودية العمل".
وتوضح السيدة آدامز أن العاملات في مجال الجنس اللاتي رجعن إلى هذه الصناعة بعد أن أمضين سنوات يقمن بوظائف أخرى تحدثن عن اضطرارهن إلى العمل لساعات أطول وبأجور أقل أيضاً.
وأضافت آدامز: "في مكان عمل [إيلا] السابق، كان موظف الاستقبال جيداً واعتاد على التدقيق في الزبائن حتى لا يسمح لأي شخص مخمور أو ملحاح بالدخول. لكن الآن تستميل النساء جميع أنواع العملاء لأنهن غير قادرات على رفض فرص العمل".
تقول آدامز إن العاملات في مجال الجنس لسن مؤهلات للحصول على مزايا في مكان العمل مثل غيرهن من العاملين، وحذرت من أن أزمة تكاليف المعيشة "تجعل قيام الحكومة بإلغاء تجريم العمل في الجنس ضرورياً أكثر من أي وقت مضى".
وتساءلت: "لماذا تجب معاقبة النساء بحصولهن على سجل إجرامي على جهودهن البطولية في كثير من الأحيان لإطعام أنفسهن وأحبائهن؟ [عند عدم تجريم الاشتغال بالجنس] يحق للعاملات فيه التمتع بالحقوق المتاحة للعمال الآخرين، ويمكنهن القيام بتنظيم أفضل لتحسين ظروف عملهن ورفع أجورهن. يجب أن يحدث هذا فوراً لأن المشتغلات بالجنس في أزمة".
© The Independent