منذ سنوات طويلة، نشط طلاب الجامعات السودانية في السياسة وكانوا وقود الثورات، وأسهموا في إسقاط الأنظمة الاستبدادية، منذ حكم الرئيس عبود حتى الرئيس المخلوع عمر البشير.
يتمثل نشاط الطلاب، في النقاشات السياسية التي تقابلها الأجهزة الأمنية بقمع شديد، وكان الطلاب النشطين سياسياً في حالة اعتقال دائم وإبعاد وتهم، أبرزها التي وُجهت الى الطالب عاصم عمر المتهم بقتل شرطي أثناء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام 2016 ، لكن التهمة أُسقطت مع الاحتجاجات الأخيرة لتخفيف ضغط الشارع باعتبار أن قضية عمر كانت من أهم القضايا التي تبناها الناشطون والمحامون.
التظاهر السلمي
يقول المحامي أسعد العباسي في حديث لـ "اندبندنت عربية"، "إنه ضد ممارسة الطلاب العمل السياسي في ظل حكومة ديمقراطية، لكن هذه الظروف تحتم عليهم التظاهر السلمي والمناهضة ضد الفساد، وذلك ليس من حقهم فقط، بل واجبهم تجاه بلدهم باعتبارهم قادة المستقبل. التظاهر السلمي حق يكفله القانون".
ليست التهم وحدها التي تلاحق الطلاب، بل تمتد لتشمل الموت، إذ أصيب طوال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير عدد من الطلاب بطلقات نارية أثناء احتجاجاتهم داخل أروقة الجامعة، وآخر ما حصل استشهاد الطالب محجوب الذي تعرض لضرب مفرط من قبل الأجهزة الأمنية، مما أدى إلى وفاته فوراً.
إسقاط النظام
منذ ثورة ديسمبر التي كانت بمشاركة غالبية الجامعات السودانية الحكومية، أغلقت أبواب الجامعات بسبب الضغط الطلابي على النظام بعد خروج الآلاف منهم ينادون بإسقاط النظام، معبرين عن رفضهم للأنظمة العسكرية بصورة سلمية.
وخلال مطالبتهم بنظام جديد، تعرض طلاب لإصابات خطرة في أعينهم وأيديهم بسبب عبوات "البمبان" (الغاز مسيل للدموع)،
وما كان أمام نظام البشير سوى إغلاق الجامعات لأجل غير مسمى لتهدئة الشارع من المد الطلابي.
استمرار الإغلاق
ويستمر إغلاق الجامعات بسبب عدم التوافق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، فيما يُجمع الطلاب على عدم فتح الجامعات في الوقت الراهن لأسباب عدة، منها عدم الأمان.
تقول الطالبة في كلية الطب- جامعة الخرطوم ريم مصطفى أن "عدم الأمان يحول دون الدراسة، بسبب القمع الذي يتعرض له الطلاب. أما ما يخص العمل السياسي، فهو أمر جيد لأن فترة الجامعة فترة مهمة لبناء الوعي السياسي، فنحن قادة المستقبل، لذلك تتخوف الجهات المسؤولة من المنابر السياسية داخل الجامعات".
ويعتبر الأستاذ الجامعي في جامعة أم درمان الإسلامية أنور محمد عثمان أن استقرار الجامعات مرهون بالاتفاق الذي سيتم ونوعه، وإذا فُتحت الآن سيؤثر المشهد السياسي في التحصيل الأكاديمي".
تأييد قرار الإقفال
تضرر من قرار إغلاق الجامعات آلاف الطلاب والطالبات، وفقدوا بعد هذا القرار سنة دراسية، ناهيك عن سنة أخرى فقدها طلاب جامعة الخرطوم، إثر احتجاجات 2016، ولكن المفاجأة كانت عندما غرد الطلاب عن تأييدهم لقرار إغلاق الجامعات تحت هاشتاغ «#لا_تعليم_في_وضع_أليم»، داعين الى العمل السياسي هذه الفترة وكنس المؤسسات التعليمية وتنظيفها من رموز النظام السابق واستعادة نقابات أساتذة الجامعات. المتضررون ليسوا فقط الطلاب الذين يدرسون في الجامعات، فطلاب المرحلة الثانوية لن يستطيعوا دخول الجامعات في وقتها المحدد، ولن يتمكنوا من التقديم الإلكتروني للجامعة، الذي يتم عن طريق الإنترنت الذي عُطل بصورة عامة.
في المقابل، لوّح المجلس العسكري مرات عدة أن الجامعات السودانية لن تفتح في ظل الظرف الذي تمر به البلاد، معلناً أن خسائر جامعة الخرطوم وصلت الى 135 مليون دولار، أثناء وبعد عملية فض الاعتصام التي تم فيها تخريب "كلينيك" جامعة الخرطوم.