لولا اللافتات، لكان من الممكن أن تتخيل أنك أمام تجمع جماهيري لافتتاح مبكر لسوق عيد الميلاد في لايبزيغ. لكن حين بدأت الخطب، أصبح واضحاً أننا أمام تظاهرة معارضة لتداعيات السياسة الألمانية حيال الحرب في أوكرانيا.
ولفت تقرير نشر في "فاينانشال تايمز" إلى احتمال تنامي هذه الاحتجاجات في أوروبا بسبب احتدام الأوضاع المتوقع خلال فصل الشتاء وتزايد اللاجئين من أوكرانيا.
وشهدت ألمانيا احتجاجات تم تنظيمها من قبل اليسار الراديكالي وبعضها الآخر من قبل اليمين الشعبوي، في إشارة بحسب التقرير، إلى كيف ساهمت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتراث التاريخي المتضارب والعلاقة المعقدة مع روسيا على حل الخصومات السياسية التقليدية ودفع بحركات جديدة معارضة للوضع القائم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في لايبزيغ، مثلاً، غالباً ما يجد اليسار المتشدد واليمين المتشدد نفسيهما يتظاهران معاً في ميدان أغسطس، ويفصل بينهما خط ترام فقط.
ويشدد منظمو التظاهرات على تجنب رفع الأعلام الروسية وعدم استفزاز الشرطة، فيما قال أحد الخطباء "ألمانيا تعمل كدمية حصرية للمصالح الأميركية ومصالح الناتو". وتقول إحدى المتظاهرات، وهي متقاعدة كانت تحمل لافتة مكتوب عليها "السلام مع روسيا"، تقول "نريد أن يتوقف دعاة الحرب من الناتو عن إثارة الصراع بين ألمانيا وروسيا، وبين أوكرانيا وروسيا".
وينقل التقرير عن البروفيسور حاجو فونكه، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة قوله، "لقد أصبح كثير من المظالم المختلفة مندمجة - بشكل خطر للغاية بمصطلحات ديمقراطية في هذه الاحتجاجات، بخاصة في ألمانيا الشرقية".
ولفت إلى قيام الحركات الشعبوية بركوب موجة المشاعر المناهضة للحرب، التي على رغم ذلك تباطؤ انتشارها بسبب الإجراءات الفعالة للحكومة الفيدرالية الألمانية. لكن فونكه يلفت إلى أن المشهد لا يزال ضبابياً "لا سيما مع تزايد أعداد اللاجئين بشكل حاد في أوروبا وقدوم الطقس البارد".
وأشار التقرير إلى احتجاجات أكبر مناهضة للحرب اندلعت في جمهورية التشيك المجاورة. ففي أوائل سبتمبر (أيلول)، تجمع 70 ألف متظاهر في براغ لمعارضة الحكومة وحلف شمال الأطلسي.
ووصف بيتر يوست، وهو رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة ميتروبوليتان في براغ، المتحدثين في المظاهرة بأنهم من "مؤيدي الكرملين ومناوئي الاندماج الأوروبي" وأحياناً من مؤيدي نظريات المؤامرة. لكنه قال إن جمهورهم كان "مجموعة متنوعة تماماً وجاء معظم الناس للتعبير عن خيبة أملهم من تعامل الحكومة مع الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحالية وأزمة الطاقة. كثير من الناس لم يعرفوا أن الجماعات الموالية للكرملين تستخدمهم".
أما في سلوفاكيا، فيشير التقرير إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن 19 في المئة من السكان يفضلون انتصار روسيا في الحرب. وتقول دومينيكا هايدو وهي مديرة السياسة العامة في مركز أبحاث "غلوبسيك" لاستطلاعات الرأي، إن الاحتجاجات المناهضة للحرب أو المؤيدة لروسيا كانت صغيرة لكنها "يمكن أن تتغير خلال فصل الشتاء".
لكن في النمسا، يبدو أن الرسائل المعادية للحرب والمشاعر المؤيدة لروسيا تتمتع بقدر أكبر من الانتشار.
وساهمت شعبية الحكومة المتدنية والمنقسمة على ذاتها بسبب فضائح الفساد في استعاد حزب الحرية الشعبوي النمسوي دعم الناخبين في الاستطلاعات الأخيرة، بعد أن ألقى باللوم بلا هوادة على العقوبات والعداء لروسيا في الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي يواجهها النمسويون من الطبقة العاملة.
وتوقع أحد المعلقين أن الوقت ليس ببعيد حين يصبح الحزب "في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي".