اتفق ممثلون للحكومة والمعارضة الفنزويليتين، السبت 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، على أن تدير الأمم المتحدة صندوقاً من أجل مليارات من الدولارات مودعة حالياً في بنوك أجنبية، وسيتم إلغاء تجميدها تدريجاً لمواجهة أزمة إنسانية في الدولة الغنية بالنفط.
وفي وقت طلبت فيه الحكومة والمعارضة من الأمم المتحدة ذلك أشادت الولايات المتحدة بالاتفاق، واعتبر مسؤول أميركي رفيع أنه "مرحلة مهمة في الاتجاه السليم".
وقال المسؤول الذي لم يشأ كشف هويته "ننضم إلى المجتمع الدولي الذي رحب باستئناف المفاوضات".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد رحب بالمحادثات باعتبارها "خطوة مهمة نحو إعادة الديمقراطية إلى الفنزويليين".
وكتب بلينكن عبر "تويتر"، "سنتطلع إلى توصل الأطراف إلى اتفاقات دائمة ترسم المسار من أجل انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في عام 2024".
كذلك دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا، في بيان مشترك، الفنزويليين إلى "إظهار حسن نية من أجل التوصل إلى اتفاق شامل يؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة في 2024 وإلى إعادة تأهيل المؤسسات الديمقراطية وإنهاء الأزمة الإنسانية في فنزويلا".
أضافت الكتلة الأوروبية والدول الأنكلوسكسونية الثلاث أنها ستواصل "العمل مع شركائها الدوليين لتلبية الاحتياجات الملحة للفنزويليين داخل بلادهم وخارجها"، مؤكدة "استعدادها لمراجعة حزمة العقوبات في حال إحراز تقدم كبير من جانب النظام" في كراكاس.
استئناف النشاط النفطي
توازياً، أجازت الإدارة الأميركية لمجموعة "شيفرون" النفطية أن تستأنف جزئياً أنشطة التنقيب في فنزويلا.
وقالت وزارة الخزانة إن المجموعة يمكنها أن تعاود جزئياً أنشطة الشركة التابعة لها في فنزويلا بالشراكة مع الشركة الفنزويلية العامة "بيتروليوس"، مع التأكد من أن الأخيرة "لن تتلقى أي عائدات من مبيعات النفط التي تقوم بها شيفرون" التي لن تتمكن من إحياء أنشطة أخرى مع الشركة الفنزويلية العامة.
أضافت الوزارة في بيان أن هذا الرفع الجزئي للعقوبات "يعكس سياسة الولايات المتحدة البعيدة المدى الهادفة إلى رفع العقوبات شرط (إحراز) تقدم ملموس على صعيد التخفيف من معاناة الشعب الفنزويلي ودعماً لعودة الديمقراطية" إلى هذا البلد.
في المقابل، أوضح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن بقية العقوبات "ستظل قائمة مع استمرار الولايات المتحدة في تنفيذها بشدة ومحاسبة أي فرد ينتهك القانون الأميركي عبر الضلوع في الفساد وعدم احترام دولة القانون في فنزويلا".
إلى ذلك، سيسمح للأفراد والشركات الأميركيين بتأمين بعض أنواع السلع والخدمات في فنزويلا، مع الإشارة إلى أن الأفراد الأجانب الذين يشاركون في عمليات التبادل هذه لن تطاولهم العقوبات الأميركية.
وأكدت مجموعة "شيفرون" النفطية العملاقة في بيان أنها حصلت على تصريح باستئناف أنشطتها جزئياً، وجددت "التزامها تنفيذ أعمالنا ضمن الإطار التنظيمي المفروض" من أجل "تأمين حضور بناء في البلاد".
واعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي بوب ميننديز أن الاتفاق الموقع يمثل "خطوة ملحة وضرورية لمواجهة بؤس الشعب الفنزويلي ومعاناته".
ولاحظ ميننديز المؤيد بشدة لمواصلة الضغط على الحكومة الفنزويلية، أن الاتفاق "لا يتضمن أي إشارة إلى النية المفاجئة لـ(الرئيس الفنزويلي) نيكولاس مادورو للتحرك من أجل مصلحة شعبه".
مادورو مع الحوار
واستؤنفت المحادثات في مكسيكو سيتي بين الحكومة ومعارضيها السياسيين السبت بوساطة من النرويج بعد أن ظلت معلقة لأكثر من عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت مصادر لوكالة "رويترز" في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن الأموال المجمدة تزيد على ثلاثة مليارات دولار.
وجمدت بنوك أميركية وأوروبية الأموال المودعة في حسابات لفنزويليين في الخارج بعد أن شددت الولايات المتحدة عقوبات خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب بهدف الضغط على رئيس فنزويلا مادورو لاتخاذ خطوات نحو إجراء انتخابات حرة.
ونشر مادورو بياناً عبر "تويتر" قال فيه، "سنسعى دائماً للحوار مع المجتمع الفنزويلي كله. نواصل اتخاذ خطوات مهمة لمصلحة بلدنا".
وقال مادورو في وقت سابق إن الهدف من المحادثات هو استعادة الموارد "المختطفة" من أجل الاستثمار العام، "ثم سنرى ما هي القضايا الأخرى التي يمكن مناقشتها".
استخدام الأموال
ومن المقرر أن تستخدم الأموال للمساعدة في استقرار شبكة الكهرباء في البلاد وتحسين البنية التحتية للتعليم ومواجهة تأثير الأمطار والفيضانات القاتلة هذا العام.
وغادر أكثر من 7.1 مليون فنزويلي بلادهم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة هذا العام، وهاجر كثير منهم إلى دول أخرى في أميركا اللاتينية أو إلى الولايات المتحدة، إذ تكافح فنزويلا معدلات التضخم المرتفعة ونقص الغذاء والدواء.
وأظهرت تقديرات الأمم المتحدة أن أكثر من نصف المهاجرين الفنزويليين لا يحصلون على ثلاث وجبات في اليوم.
وتواجه فنزويلا عقوبات أميركية وأوروبية، بينها حظر نفطي فرضته واشنطن، الأمر الذي فاقم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها هذا البلد من دون تحقيق أي نتائج ملموسة على الصعيد السياسي.
وكانت المفاوضات الفنزويلية قد استؤنفت في مايو (أيار) مع تخفيف لبعض العقوبات الأميركية في ضوء تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا على أسعار النفط. فقد دفع ذلك الولايات المتحدة إلى إعادة درس موقفها من كراكاس.
وأقرت الحكومة الأميركية علناً بأن المحروقات الفنزويلية يمكن أن تكون مفيدة للسوق الدولية.