من المستشفى إلى المعتقل... الحوثيون يختطفون كبار الأطباء في صنعاء

تواصل جماعة الحوثي سياسة التضييق في فضاء الحياة العامة باعتقال ومعاقبة كل من لا يدين بالولاء لمشروعها المستمد من إيران في كل المناطق الخاضعة لسيطرتها.

واختطفت ميليشيات الحوثي أخيراً الأستاذ في كلية الطب بجامعة صنعاء، مدير أحد المستشفيات الخاصة بالعاصمة، ياسر عبدالمغني، واقتادته إلى أحد سجونها قبل أن تتمكن وساطة محلية من الإفراج عنه أمس، بعد أيام من اعتقال مماثل طال مدير عام مستشفى السعودي الألماني عبدالله الداعري.

من المستشفى إلى المعتقل

وقال مصدر صحي بالعاصمة صنعاء إن مسلحين حوثيين اعترضوا عبدالمغني في شوارع العاصمة، وأخفوه في مبنى الاستخبارات سيئ الصيت على خلفية خلافات سابقة معه.

وعبدالمغني يعمل مديراً لمستشفى يشفين الاستشاري، وأستاذاً في كلية الطب بجامعة صنعاء، ويعد أحد كبار الجراحين في اليمن، وعمل سابقاً مديراً لمستشفى 48 التابع لقوات الحرس الجمهوري الذي كان يقوده أحمد علي صالح، نجل الرئيس الأسبق.

ورفضت الجهات الأمنية في الميليشيات الانقلابية التعليق على التهم الموجهة إليها، والكشف عن الأسباب التي تبرر بها اعتقال عناصر طبية في مناطق سيطرتها.
 
ضم وإلحاق 

ووفقاً لمراقبين، فإن اختطاف عبدالمغني، بعد أيام من اختطاف الداعري، يأتي في إطار مساعي الميليشيات للاستيلاء على المستشفيات الخاصة وإخضاعها لإدارة ما يسمى "الحارس القضائي"، كما حدث لعدد من المستشفيات في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها.

وخلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2014، أي منذ انقلابها، وحتى نهاية أغسطس (آب) 2022، أقدمت ميليشيات الحوثي على اعتقال نحو 93 طبيباً وفق تقرير حديث صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات.

استنكار رسمي

وفي أول رد فعل رسمي استنكرت الحكومة الشرعية اليمنية "بأشد العبارات" اختطاف الميليشيات المسؤولين الأطباء.

وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن جريمة اختطاف ياسر عبدالمغني وعبدالله الداعري وإخفائهما قسرياً تندرج ضمن ما تقوم به ميليشيات الحوثي منذ الانقلاب من تضييق على الكوادر الوطنية لدفعها إلى الهجرة خارج البلد، ومساعيها إلى الاستحواذ على المستشفيات الخاصة، والذي أدى إلى انهيار القطاع الصحي وتردي الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.

وأضاف أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي مطالبون بإدانة الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي الإرهابية بشكل يومي في حق المواطنين في مناطق سيطرتها، والتي لم يسلم منها نخبة المجتمع من أكاديميين واستشاريين، وملاحقة ومحاسبة المسؤولين عنها.

السلوك المدمر

من ناحية أخرى، قال السفير البريطاني لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، إن المشكلة مع الحوثيين تكمن في "سلوكهم المدمر"، موضحاً أن بلاده تعتقد أن لدى الحوثيين فرصة للسلام وفتح صفحة جديدة.

وأكد السفير البريطاني في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" أنه ليس لدى الحوثيين حكومة معترف بها أو يعترف بها المجتمع الدولي.

تواصل مع الحوثيين

وكشف السفير عن وجود قنوات اتصال مباشرة له مع الحوثيين. وقال إنه التقى المتحدث باسمهم محمد عبدالسلام في مسقط قبل ثلاثة أشهر، ولكنه وصف تصعيدهم الأخير المتمثل بالهجمات التي استهدفت الموانئ النفطية اليمنية في حضرموت وشبوة (شرق) "بالهجمات الإرهابية"، مؤكداً إدانته هذه الهجمات ولكن من دون أن يكشف عن دور بلاده في إطار الضغط الدولي الرامي لحماية المصالح الدولية في المياه الإقليمية اليمنية بعد تنامي الأخطار الحوثية.

وعبر أوبنهايم عن دعمه المبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وشدد على ضرورة السعي إلى البناء على الهدنة وجعلها أكثر صلابة في اليمن.

مسيرات إيرانية

والخميس الماضي، حذر مجلس القيادة الرئاسي اليمني من أن تكرار هجمات الحوثيين على المنشآت الحيوية في البلاد يهدد إمدادات الطاقة وحرية التجارة العالمية، مبيناً أن الهجمات نفذت بمسيرات إيرانية.
واتهم رئيس المجلس رشاد محمد العليمي، في اجتماع عبر الاتصال المرئي، طهران بدعم الهجمات الحوثية، بعد أن قال إن حطام الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجمات يثبت تورط نظام طهران فيها، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".