من بين الأمور التي تثير الفضول بشأن الحكومة هي أنها تعرف غالباً ما يجب أن تفعله من أجل المصلحة الوطنية، وما الذي يخدمها على أفضل وجه انتخابياً، ولكنها بكل بساطة لا تستطيع العثور على طريقة لتحقيق ذلك. وأكثر مكان يتجلى فيه ذلك هو الإسكان.
في بيان عام 2019، كجزء من "أجندة رفع المستوى"، وعد المحافظون ببناء 300 ألف منزل جديد سنوياً. بيد أنّ التقدم لم يكن مرضياً حتى لو أخذنا في الاعتبار أن الوباء كان له تأثير على ذلك. وبعد مأساة أوواب اسحق، ركّز الوزير المسؤول عن الإسكان، مايكل غوف، على مهمة تحسين الإسكان الاجتماعي. إذاً، فالحكومة تملك أفضل النوايا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم ذلك، فإن الحملة التي تدعو إلى بناء منازل جديدة ومساكن أفضل حالاً يجري إحباطها على الدوام بسبب تمرد النواب المحافظين ضد أهداف الإسكان والتخطيط للإصلاحات. ويعتبر ذلك رفضاً لاستضافة هذه المشاريع انطلاقاً من مفهوم "نعم ولكن ليس في حديقتي الخلفية" Nimbyism، وقد حدث مجدداً، مع تأخير التصويت الحاسم على التشريع الأخير. في الواقع، يدعم ما يقرب من 50 نائباً متمرداً، بقيادة الوزيرة السابقة تيريزا فيليرز، خطة لحظر أهداف الإسكان الإلزامية في إنجلترا. وهم يؤكدون أن الأهداف التي حددتها الحكومة مفرطة وتقوّض المجالس المحلية.
لكن من دون توافر شكل من أشكال التوجيه المركزي، لا يوجد ما يمنع السلطات المحلية من عرقلة التنمية التي يشعر السكان بعدم الارتياح حيالها. وإذا كان من المفترض إقامة توازن بين حقوق السكان الحاليين والتطلعات المشروعة لدى الكثيرين لامتلاك منازلهم الخاصة، فهذا لم يتحقق بعد. في غضون ذلك، تشهد سوق العقارات طفرة (على رغم أنه سيتعرض للتصويب قريباً)، وترتفع الإيجارات. يا لها من مفارقة بالنسبة إلى الحزب الذي ابتكر فكرة "ديمقراطية ملكية العقارات" وبيع وحدات الإسكان الاجتماعي إلى مستأجريها.
ولكي نكون منصفين بحق المتمردين، فهم يدركون جيداً أن السكان المحليين يميلون إلى كره التطور من أي نوع، وهؤلاء الأشخاص يمثلون الأصوات التي سيحتاج إليها النواب في الانتخابات العامة المقبلة. والجدير بالذكر أن سبب خسارة المقعد المضمون، تشيشام وأمرشام، لمصلحة الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات الفرعية في العام الماضي، يعود جزئياً إلى مخاوف بشأن التخطيط. لقد كان ذلك بمثابة تحذير لأعضاء الحزب في البرلمان.
كل هذا مؤسف للغاية، وكما يقر بعض المحافظين، فإنه يكلفهم أصواتاً كثيرة، بخاصة بين المستأجرين الشباب. في الحقيقة، لا يحظى الحزب بشعبية كبيرة بين معظم فئات المجتمع، ولكن في ما يتعلّق بأنواع حيازة المساكن، فالتناقضات صارخة. ووفق ما يشير إليه بن أنسيل البروفيسور بجامعة أكسفورد:
"المحافظون هم الأقوى بين أصحاب الملكية، وضعفاء بشكل لا يصدق بين المستأجرين من القطاع الخاص، وفي مكان ما في الوسط بين المرتهِنين ومستأجري القطاع العام". في الواقع، يحظى حزب المحافظين حالياً بدعم 14.6 في المئة فحسب من المستأجرين من القطاع الخاص، مقابل 60.8 في المئة لحزب العمال.
لن يكون من المضر للمحافظين توفير مزيد من المنازل لمزيد من الناس. استطلاع أجرته "سي تي لوكال" CT Local، التي يديرها لينتون كروسبي المستشار العقاري السابق لحزب المحافظين، بالتعاون مع معهد آدم سميث، يذكر أن زيادة بمعدّل 6 ملايين صوت للمحافظين قد يساعد في تأمين الغالبية في الانتخابات العامة المقبلة. ويمكن للحكومة أن تكسب 5 نقاط مئوية في صندوق الاقتراع، أي ما يعادل 1.6 مليون شخص يغيرون توجه أصواتهم، إذا التُزم بتشييد مليوني منزل جديد.
ولكن كما رأينا، يمكن لأي شخص أن يعد ببناء مزيد من المنازل. تكمن المشكلة المستمرة في بنائها فعلياً، وبخاصة في زمن الركود، وارتفاع أسعار الفائدة، وضعف السوق ونقص المهارات الوطنية. بيت حزب المحافظين في حال سيئة.
© The Independent