شهدت الأيام القليلة الماضية وفيات غامضة لثلاثة من كبار رجال المال في مجال العملات المشفرة والأصول الرقمية، تزامنت مع إفلاس ثالث أكبر مجموعة تداول للمشفرات هي "أف تي إكس" والتحقيق في ممارسات صاحبها الملياردير الشاب صامويل سام بانكمان فرايد ثم لإفلاس شركة المشفرات والأصول الرقمية ""بلوك فاي".
وتعاملت وسائل الإعلام مع مقتل الملياردير الروسي فياشيسلاف تاران في تحطم طائرة مروحية في فرنسا وهو في طريقه من لوزان بسويسرا إلى موناكو بالتركيز على أنه "ثري روسي". ولم يلق الضوء على أن السلطات الروسية حظرت شركته للعملات المشفرة "فوريكس كلوب" عام 2018 في إطار حملة حكومية على شركات المشفرات والأصول الرقمية.
وفيات غامضة
وانتقل تاران، الذي يترأس مجموعة "ليبرتكس" ومؤسس منصة "فوريكس كلوب" التابعة للمجموعة، للعمل من أوروبا حيث يمتد نشاط شركاته في نحو 100 بلد. وبعدما أغلق البنك المركزي الروسي شركته مع كل شركات المشفرات وقتها، أسس تاران مجموعة "ليبرتكس" عام 2012 وتوسعت أعماله مع نمو سوق المشفرات والأصول الرقمية حول العالم.
ويجري الآن تحقيق في تحطم طائرة الهليكوبتر يوم الجمعة والتي كان يقودها طيار في غاية المهارة ولم تكن هناك ظروف جوية معاكسة من أي نوع. لكن الاهتمام بأنه روسي في الإعلام أبعد الأضواء قليلاً عن حقيقة أنه ملياردير عملات مشفرة وأصول رقمية.
ولم يربط كثيرون بين مقتل تاران الغامض، عن عمر 53 سنة، ووفاة مريبة لاثنين آخرين من أصحاب شركات العملات المشفرة والأصول الرقمية في ظروف غامضة أيضاً. فقبل مقتل تاران بيومين، توفي تيانتيان كولاندر المؤسس المشارك لمجموعة "أمبر غروب" ومقرها هونغ كونغ، التي نفذت العام الماضي تعاملات بما يزيد على 45 مليار دولار. ووجد كولاندر متوفياً في منزله عن عمر 30 سنة، ولم تعرف أسباب وفاته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي توفي نيكولاي موسيغيان غرقاً في بورتو ريكو عن عمر 29 سنة، وهو أحد مؤسسي شركة "ميكر داو" التي أطلقت العملة المشفرة "داي" إحدى العملات الرقمية على شبكة العملة المشفرة "إيثيريوم"، لكنها عملة محددة القيمة – يساوي الداي الواحد دولاراً أميركياً واحداً.
تزامنت تلك الوفيات الغامضة، في 28 أكتوبر و23 نوفمبر (تشرين الثاني) و25 نوفمبر مع العاصفة التي تسبب فيها إفلاس ثالث أكبر مجموعة عملات مشفرة وأصول رقمية وتبخر أكثر من 30 مليار دولار من سوق المشفرات.
شبكة تعاملات
هذا الأسبوع، كشف إفلاس شركة "بلوك فاي" للعملات المشفرة عن شبكة معقدة من الارتباطات بين شركات المشفرات والأصول الرقمية والإقراض والاقتراض في القطاع تلقي بعض الضوء على التعاملات التي تشبه "سلسلة الدومينو"، وتذكر بالمشتقات الاستثمارية في قطاع قروض الرهن العقاري الأميركي التي كان انهيارها سبب الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
ففي اليوم الذي تقدمت فيه شركة "بلوك فاي" بطلب الحماية من الدائنين تحت البند 11 بقانون الإفلاس في ولاية نيوجيرسي الأميركية، رفعت الشركة دعوى على صاحب شركة "أف تي إكس" المنهارة سام بنكمان فرايد تطالب فيها بأسهمه في منصة التداول "روبن هود" التي وضعها سام كضمان لقرض من "بلوك فاي" بقيمة 10 مليارات دولار.
حصل بانكمان فرايد على القرض عبر مجموعة "آلاميدا ريسيرش" للتداول في المشفرات الأصول الرقمية وحدد أسهمه التي يملكها في منصة "روبن هود" كضمان. وحين أفلست مجموعته حاولت "بلوك فاي" نقل ملكية أسهمه في "روبن هود" إليها، لكن التعقيدات الإجرائية لإفلاس شركة "أف تي إكس" حالت دون ذلك.
وعلى رغم التحقيقات التي تجرى في الولايات المتحدة وجزر الباهاما، حيث كانت شركة سام بانكمان فرايد مسجلة، لم يكشف بعد عن حجم الارتباطات والتعاملات بين الشركة المفلسة وشركات ومنصات تداول المشفرات والأصول الرقمية الأخرى. كان سام كوّن عشرات الشركات تحت مظلة "آلاميدا ريسرش" التابعة لشركته "أف تي إكس" تمتد من أستراليا وهونغ كونغ إلى أميركا والباهاما. وهناك مليارات الدولارات من القروض بين تلك الشركات وشركات مشفرات وأصول رقمية أخرى في القطاع.
صحيح أن منصة "روبن هود" تبدو حتى الآن بعيدة من تلك الشبكة العنكبوتية من التعاملات المعقدة المريبة، إلا أن دخولها في تلك القضايا ربما يكشف عن المزيد من عمليات الإقراض والاقتراض بالمليارات التي تهدد مستقبل المنصة الشهيرة بين المتعاملين الجدد في سوق المضاربات على المشفرات والأصول الرقمية. ومعروف أن "روبن هود" كانت إحدى المنصات التي جذبت مئات الآلاف من المغامرين الجدد لسوق المضاربات، وأغلبهم كان يتأثر بتغريدات الملياردير الشهير إيلون ماسك في ترويجه لعملات مشفرة جديدة بعضها وهمي مثل "دوغ كوين".
قد تؤدي التحقيقات في الوفيات الغامضة لمليارديرات المشفرات الشباب وإفلاس الشركات في القطاع إلى الكشف عن مزيد من الارتباطات والعلاقات المريبة. بخاصة وأن سوق العملات المشفرة والأصول الرقمية لا تخضع للرقابة والتدقيق الرسمي بالشكل الذي ينطبق على بقية أصول التداولات في السوق بعد.