يعرف جورج أوزبورن [وزير الخزانة بين عامي 2010 و 2016] تماماً شعور كون المرء وزيراً للخزانة في حكومة الظل المعارضة عندما يتهيأ حزبه لاستلام الحكومة بعد الانتخابات المقبلة. أوزبورن ذكر في برنامج أندرو نيل الحواري يوم الأحد الماضي أن الضغط الذي تعرض له حينها تضاعف فجأة وكأنه "انفجار مصحوب بنيران مشتعلة"، لأنه كان عليه الإجابة عن أسئلة حول رؤية الحكومة المقبلة لمسألتي الضرائب والإنفاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أوزبورن رأى أن ريتشل ريفز (وزيرة الخزانة في حكومة الظل العمالية الحالية) تواجه الموقف نفسه، في الوقت الذي توجد فيه بعض الفجوات الكبيرة في خطط حزب العمال. وجهة النظر هذه اتفق معها الوزير السابق إد بولز الذي كان أيضاً في البرنامج، إذ قال "إن ما استمعنا إليه من ليزا ناندي [وزيرة الدولة لشؤون تحقيق المساواة والإسكان في حكومة الظل] ليس نهجاً يمكن الاعتماد عليه"، فقد سأل أندرو نيل ليزا ناندي كيف يمكن لحكومة حزب العمال أن تقترض 28 مليار جنيه استرليني سنوياً لتمويل خطتها المتعلقة بالمناخ في الوقت التي تعلن الالتزام بهدفها المتعلق بخفض نسبة الديون من الدخل القومي!
بولز قال إن "لدى حزب العمال الوقت"، وإن السيدة ريفز ستتوصل إلى خطة ما، لكن لا سبيل في أن يستمر الوضع الراهن – الذي يشير إلى أن خطة المناخ تعد استثناءً من قواعد إعداد الموازنة المالية التي من شأنها أن تقيد حكومة العمال بالشدة نفسها التي تعانيها حكومة المحافظين – لوقت طويل.
وحتى الآن، يبدو أن الغموض الذي يكتنف القواعد المالية يساعد حزب العمال، لكن كلما توفرت قناعة بأن الحزب على الأرجح سيشكل الحكومة المقبلة، بادر صحافيون مثل أندرو نيل بتوجيه أسئلة صعبة حول أدائها المتوقع.
وعندما تقرر السيدة ريفز إجراء مقابلة صحافية سيكون عليها الإجابة عن الأسئلة نفسها. وقد قيل لي إن حزب العمال لا يزال ملتزماً خطة المناخ، وإن وزراء حكومة الظل لديهم تعليمات لاستخدام رأي مكتب مسؤولية الميزانية الذي أفاد بأن تأخير العمل بالخطة قد يعني أن كلفة الوصول إلى نقطة الصفر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ستكون مضاعفة.
وقد قيل لهم أيضاً أن يطرحوا أن الحزب سيعرض خلال الانتخابات المقبلة كيف سينفذ خطة الازدهار البيئي الخضراء ضمن "قواعد مالية متينة"، غير أن السيدة ريفز قد تتعرض لضغوط لكي تشرح ذلك في الوقت الراهن بالنظر إلى أن الحالتين تبدوان غير متوافقين.
غير أن المشكلة قد تكون أسوأ بالنسبة إلى السيدة ريفز بعد الإضافة التي لم يلحظها الجميع، والتي قام بها وزير الخزانة الحالي جيريمي هانت على القواعد المالية للحكومة، والتي كنت قد أشرت إليها بعد يوم من إعلان موازنة الخريف المصغرة.
فإضافة إلى تخفيض نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي، وضع هانت هدفاً للعجز السنوي بحيث لا تتجاوز نسبته 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهذا إجراء قديم كانت قد فرضته معاهدة ماستريخت، وشكل أحد الاختبارات التي تمر بها أي دولة ترغب في تبني عملة اليورو، لكن تم تجميده في الوقت الراهن بالنسبة لأعضاء منطقة اليورو.
ما أعلنه هانت إجراء اعتيادي تتطلبه الحكمة المالية في الأوقات العادية، لكنه سيشكل عقبة إضافية أمام مقدرة حكومة العمال على "الاقتراض من أجل الاستثمار"، والذي بات سلوكاً رائجاً في الآونة الأخيرة ذات الفوائد المنخفضة.
وحتى اليوم لم تذكر السيدة ريفز أي شيء حول قاعدة الثلاثة في المئة هذه، لكن سيتوجب على حزب العمال أن يتبناها، وإلا فسيقول حزب المحافظين عنها وعن زعيم حزبها كير ستارمر بأنهما ينويان السماح للاقتراض بتمزيقنا في الوقت الذي تقوم فيه دفعات معدل الفوائد على الديون باستهلاك الأموال العامة بالفعل.
وهذا نمط سائد منذ عام 1997، فلقد اعتاد الحزب المعارض خوض انتخابات حاسمة مستنداً إلى مهاجمة خطط الحكومة المتعلقة بالضرائب والإنفاق. ففي عام 1997 وافق رئيس الوزراء العمالي توني بلير ووزير خزانته غوردون براون على خطط المحافظين المتعلقة بالإنفاق خلال أول عامين من حكومة العمال.
وخلال عام 2010 خاض الجميع الانتخابات وهم يطرحون خططاً متنافسة متعلقة بخفض حجم الاقتراض الحكومي السنوي بقدر كبير (وفقاً لطرح المحافظين) وبالقدر المعقول (وفقاً لحزبي العمال والديمقراطيين الأحرار)، لكن جميع الأحزاب وافقت على نقطة البداية [التي وضعها العمال].
وسيتوجب على ستارمر وريفز أن يفعلا الشيء نفسه لأن أي خطة معارضة لخطط المحافظين المتعلقة بالضرائب والإنفاق يجب أن تخضع للمحاسبة ولقيود مشددة.
وحتى اليوم يطرح حزب العمال ببساطة أنه سيتم الالتزام بالقواعد، من دون تقديم أي توضيح حول ذلك.
وكما قال الوزير السابق بولز، "فإن هذا نهج لا يمكن أن يستمر"، وسيتوجب على السيدة ريفز أن تتقدم بخطة أفضل في أقرب وقت ممكن.
© The Independent