Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

أمراض الطبقة العاملة في بريطانيا تضع الاقتصاد في وضع حرج

تقرير جديد صادر عن الجمعية الطبية البريطانية يسلط الضوء على مدى أهمية رعاية صحة الأمة

  تحسين صحة العمال من شأنه أن يساعد في علاج الاقتصاد المريض (غيتي)

تقول الجمعية الطبية البريطانية في تقرير جديد: "يشتد المرض على البلاد".

يأتي هذا التدخل في الوقت المناسب تماماً، إذ يحاول واضعو السياسات يائسين تحقيق النمو الاقتصادي. وتخبر مجموعات الأعمال الحكومة بأنها قد تتمكن من تحقيق هذا الهدف إذا سمحت لمزيد من العاملين بالدخول من الخارج لمعالجة نقص العمالة في البلاد.

على رغم أن هذه الخطوة من شأنها أن توفر مساعدة واضحة، تتلخص الوسيلة الأخرى لتخفيف العبء الذي تفرضه هذه النواقص على الاقتصاد في معالجة الحال الصحية المتدهورة لمئات الآلاف من الناس في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.

يشهد عدد الأشخاص الذين يوصفون للأسف بأنهم "غير نشطين اقتصادياً" نمواً مستمراً. ذلك أن أكثر من واحد من كل خمسة يبلغون سن العمل هم الآن مدرجون في هذه الفئة، وفق أحدث إصدار من مكتب الإحصاءات الوطنية. وهذا مستوى قياسي، في الأقل في ما يتعلق بالرجال.

وعلى رغم أن هذه الأرقام تشمل أيضاً أشخاصاً مثل الطلاب ومقدمي الرعاية، إلا أن مجموعة متنامية من البالغين في سن العمل قامت بترك سوق العمل نتيجة لمرض طويل الأمد. هذا ويبلغ كثر منهم، لكن ليس جميعهم، الخمسينيات من عمرهم. ومن الواضح أن "كوفيد-19" أدى دوراً في هذا الصدد. لكن هذا الوضع لا يرجع فقط إلى فيروس كورونا وأثره البعيد الأجل في الجسم، كما توضح الجمعية الطبية البريطانية، بل هي تفيد بأن صحة الأمة كانت تتدهور "قبل أن يسمع أي شخص عن كوفيد".

حتى إن الزيادات في متوسط العمر المتوقع كانت قد توقفت عام 2011، وتشير الجمعية الطبية البريطانية إلى أن "مقدار الوقت الذي يقضيه الناس في وضع صحي سيئ زاد أيضاً". لا عجب. لقد أدخل عقد من التقشف الذي مارسه المحافظون هيئة الخدمات الصحية الوطنية في أزمة عميقة. ويصح الأمر نفسه على خدمات أخرى يعتمد الناس عليها في الحصول على دعم. ومن ناحية أخرى، اتسع انعدام الأمن الاقتصادي عمقاً.

ربما استفادت الأمة من انخفاض معدلات البطالة، لكن ملايين الناس كانوا يعانون في وظائف غير آمنة في اقتصاد العمل الموقت. ونتيجة هذا كله هي أن الناس تقضي مزيداً ومزيداً من الوقت في وضع صحي سيئ. والقضية هنا، هل يكفي هذا لتحريك حكومة أشعر بأنها أضفت على القسوة طابعاً مؤسسياً؟

من ناحية أخرى، تركز الجمعية الطبية البريطانية أيضاً على شيء قد يحرك الحكومة: تسهم قوة العمل المريضة في المملكة المتحدة إلى حد كبير في إبقاء الاقتصاد في حال حرجة.

يقول التقرير: "تعاني المملكة المتحدة عدداً أكبر من الأمراض التي يمكن الوقاية منها مقارنة بالبلدان الأوروبية الأخرى، وإن عدد الأشخاص ممن هم في سن العمل الذين يبلغون عن حالات صحية متعددة ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة".

ويضيف التقرير: "يؤثر المعدل المرتفع لسوء الصحة بالفعل في ازدهارنا الاقتصادي، مع مغادرة مزيد ومزيد من الناس سوق العمل وهبوط إنتاجية العاملين. يأتي هذا على خلفية من ركود الإنتاجية على مدى العقد الماضي. وما تفشل الحكومة في فهمه هو ما عرفه آخرون منذ فترة طويلة. ذلك أن اقتصادنا يعتمد على سكان أصحاء، ومن دون عمل لتحسين الصحة سيظل الاقتصاد مريضاً".

نعم، ونعم، ونعم ثلاث مرات. بطبيعة الحال، ستترجم قوة العمل المريضة إلى اقتصاد مريض. يمكنكم وضع شخص متبلد الإحساس في رئاسة الوزراء وسيدرك ذلك. المشكلة هي أن رؤساء الوزراء ووزراء المالية المحافظين المتعاقبين، في حين أنهم واجهوا كثيراً من الأزمات التي تعين عليهم أن يعالجوها – شعرنا جميعاً بآثارها – فشلوا تمام الفشل في التعامل مع هذه المسألة. بدلاً من ذلك، قاموا بتركيز اهتمامهم على السعي المجنون وراء حملات أيديولوجية وكذلك التقليل من شأن إخفاقاتهم أمام الرأي العام. وبوسعنا أن نرى الثمار المريرة لذلك في الأرقام السلبية التي يصدرها مكتب الإحصاءات الوطنية في ما يتصل بقوة العمل الوطنية.

تتلخص الخطوة الأولى نحو معالجة المشكلة، كما تدرك الجمعية الطبية البريطانية، في التعامل مع انعدام الأمن الاقتصادي لدى الناس. إذا كنتم لا تعلمون من أسبوع إلى أسبوع ما إذا كنتم ستتمكنون من تحمل كلف تناول الطعام أو تدفئة منزلكم فستمرضون. بالتأكيد.

لقد قطعت الحكومة شوطاً ما نحو معالجة التحدي الثاني بضمانها أسعار الطاقة، في حين عززت المعونات الحكومية بما يتفق في الأقل مع معدل التضخم. لكن كما كتبت بالأمس، لم يحدث هذا في ست سنوات من الأعوام الـ10 الماضية، ويعاني الفقراء معدل تضخم أعلى بكثير من المعدلات الرسمية لأن ارتفاع كلف المواد الأساسية مثل الأغذية يفوق هذا المعدل.

ومن ناحية أخرى، تآكلت الخدمات العامة في حين تعرضت السياسات الرامية إلى تحسين الرعاية الصحية العامة لسخرية باعتبارها أمثلة على "الدولة الراعية".

ينبغي السعي إلى تحقيق هذه السياسات بحماسة متجددة. ليس من قبيل "الرعاية" محاولة تثقيف الناس في شأن الآثار الخبيثة لأشياء مثل الكحول والتبغ. وليس من قبيل "الرعاية" الترويج للمنافع المترتبة على تناول أطعمة صحية. هذا في الأقل بالنسبة إلى أولئك الذين يمكنهم تحمل كلف تناول الطعام (انظروا أعلاه).

إن من شأن تحسين صحة الأمة ومعالجة مسائل انعدام الأمن الاقتصادي أن يعمل كاستثمار في صحة الأمة الاقتصادية. وبطبيعة الحال، يتطلب هذا تمويلاً وربما يتطلب اقتراض ما يزيد قليلاً على ما يشعر وزير المالية بالراحة إزاء اقتراضه. لكن يتعين على جيريمي هانت أن يتذكر أن الاقتراض بغرض الاستثمار يشكل اقتراضاً جيداً. وسيسدد كلفه بنفسه في عوائد اقتصادية.

في سبعينيات القرن الـ20 كانت بريطانيا توصف على نحو منتظم بأنها "رجل أوروبا المريض". لكن من المؤسف أن هذه العبارة أعيد إحياؤها. ولكي تعيدها الحكومة إلى كتب التاريخ يتعين عليها أن تعالج قوة العمل المريضة في البلاد.

© The Independent