أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في افتتاح "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية" أن هذه القمة تؤسس لانطلاق مرحلة تاريخية جديدة من العلاقات بين الصين والسعودية، مضيفاً أن بلاده تهدف لتعميق التعاون مع بكين في المجالات كافة وتنسيق وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية.
وأضاف أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر الصين شريكاً أساسياً مهماً لها وتتطلع إلى تبادل الخبرات معها وخلق شراكات متنوعة، مشيداً بالتطور المتسارع للعلاقات بين الجانبين وتنوعها من الطاقة إلى التجارة والتعليم البيئة والصحة وغيرها، ومشيراً إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الخليجية.
وقال ولي العهد السعودي إن دول مجلس التعاون الخليجي مهتمة بالتعاون مع الصين لاستكشاف سبل مواجهة التحديات العالمية بما فيها الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد العالمية وأمن الطاقة، مؤكداً أن الدول الخليجية ستبقى مصدراً موثوقاً لتلبية احتياجات العالم والصين للطاقة.
وأكد الأمير محمد أن دول المجلس الخليجي تستمر في بذل كل الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتدعم الحلول السياسية والحوار لجميع التوترات والنزاعات الإقليمية والدولية لتحقيق السلام والازدهار، مؤكداً أن ذلك لن يتحقق إلا بخروج جميع الميليشيات المرتزقة من جميع الأراضي العربية ووقف التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية.
الرئيس الصيني شي جينبينغ تعهّد من جانبه إقامة علاقات وثيقة في مجالي الأمن والطاقة مع دول الخليج خلال اجتماعات مع قادة بلدان المنطقة، في ثالث وآخر أيام زيارته للمملكة.
وشارك جينبينغ في رحلته الخارجية الثالثة منذ بدء جائحة فيروس كورونا، في اجتماع قمة مع زعماء وممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي الست واجتماع قمة آخر مع قادة الدول العربية. وجاءت المناقشات غداة محادثات أجراها مع المسؤولين السعوديين أسفرت عن بيان مشترك أكد على "أهمية الاستقرار" في أسواق النفط.
وقال شي في بداية القمة الصينية – الخليجية، "ستواصل الصين دعم دول مجلس التعاون الخليجي بحزم في الحفاظ على أمنها... وبناء إطار أمني جماعي للخليج". وتابع، "ستواصل الصين استيراد كميات كبيرة من النفط الخام من دول مجلس التعاون الخليجي"، متعهداً في الوقت نفسه بمجالات أخرى للتعاون في مجال الطاقة بما في ذلك واردات الغاز الطبيعي المسال.
وفي وقت سابق، تحدث بيان صيني سعودي مشترك عن ضرورة التركيز على الانبعاثات بدلاً من مصادرها في معالجة مسألة التغير المناخي، وهو النهج الذي أيدته دول الخليج الغنية بموارد الطاقة.
وتم الإعلان عن 46 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم حول عدة قطاعات، من الإسكان إلى تدريس اللغة الصينية، بينما يسعى الجانبان إلى تحقيق منافع اقتصادية واستراتيجية من خلال تعميق التعاون. وأكّدت الرياض وبكين "أهمية مواصلة العمل المشترك في كافة المجالات وتعميق العلاقات في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والوصول إلى آفاق جديدة وواعدة".
وفي مؤتمر صحافي عقب انتهاء القمتين، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن المملكة تريد التعاون مع كل من الولايات المتحدة والصين، مضيفاً أن المنافسة أمر جيد لكن الاستقطاب ليس كذلك.
وأكد البيان الختامي لـ"قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية" حرص الجانبين على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل والعمل على تعميق التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات من خلال الآليات القائمة في إطار منتدى التعاون العربي الصيني.
واحتضنت السعودية، الجمعة، أعمال القمة الصينية العربية، بعد أن بدأ القادة العرب التوافد باكراً نحو الرياض منذ الأربعاء الماضي، تزامناً مع وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي عقد الخميس محادثات مطولة واتفاقات "شراكة استراتيجية شاملة" مع القيادة السعودية، في سياق ما قال زعيم الحزب الشيوعي، إنه رغبة مخلصة في تسجيل بلاده "قصة ذائعة الصيت" مع العرب مجدداً، عطفاً على تاريخ علاقات الحضارتين الممتدة لآلاف السنين.
ويعلق الطرفان العربي والصيني آمالاً عريضة على أن تفضي مخرجات القمة إلى نقل التعاون بين التكتلين إلى آفاق تعاون أوسع، وسط ما يشهده العالم من تحولات استراتيجية وتحديات اقتصادية وتنموية عارمة، في أعقاب أزمات الغذاء والتقلب المناخي والصراع في أوكرانيا.
وترى الجامعة العربية في القمة الأولى للعرب مجتمعين مع الصين فرصة "مهمة وتاريخية"، مؤكدة أنها ستسهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية والارتقاء بآليات التعاون بين الجانبين.
وكان الملك سلمان وجه الدعوة إلى الزعيم الصيني لحضور ثلاث قمم سعودية وخليجية وعربية بدأت أعمالها منذ السابع من ديسمبر الحالي، في زيارة رسمية تختتم اليوم الجمعة، بعد تناول "سبل تعزيز العلاقات المشتركة في المجالات كلها، وبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي" للعرب جميعاً مع بكين، في خطوة وصفها الكاتب اللبناني سمير عطا الله بـ"غير المسبوقة"، إذ إن شيئاً كهذا لم يحدث من قبل بحسب رأيه "لا في علاقات الصين مع أي دولة من دول العالم، ولا في علاقات العالم العربي مع أي دولة من دول العالم: أن تدعو دولة عربية في موقع السعودية إلى قمة عامة، لمناسبة زيارة خاصة يقوم بها رئيس دولة في موقع الصين. الجميع، من عواصمهم يراقبون هذا التطور الذي لا سابقة له في العلاقات الدولية"، مرجحاً أنها مبادرة مفاجئة لواشنطن وموسكو وأوروبا على حد سواء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي القمة الموسعة، اليوم، للعرب مع الصين في وقت تنظر فيه الولايات المتحدة للتقارب الصيني مع مناطق نفوذها في الشرق الأوسط بكثير من الريبة على الرغم من كونها ذات طابع اقتصادي وليست أمنية كسابقتها مع واشنطن، بينما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين فرض أميركا عقوبات على الصين تستهدف نحو 170 كياناً بسبب ما تعتبره واشنطن صيداً غير قانوني في المحيط الهادئ، وسط مخاوف من أن الصين تمارس الصيد الجائر وتستخدم أسطول الصيد لتوسيع نفوذها البحري، تزامناً مع عقوبات أشد على روسيا عقاباً لها على استخدام طائرات إيرانية مسيرة في حربها مع أوكرانيا.
وسيتم فرض كثير من العقوبات بموجب قانون ماجنيتسكي العالمي، وهو قانون صدر في 2016 ويصرح للحكومة الأميركية بمعاقبة المسؤولين في الحكومات الأجنبية الذين يعتبرون من منتهكي حقوق الإنسان، وتجميد أصولهم ومنعهم من دخول الولايات المتحدة.
وذكر تقرير عن التعاون الصيني العربي في العصر الجديد أصدرته وزارة الخارجية الصينية في وقت سابق من الشهر الحالي أن بكين "وقعت وثائق تعاون في شأن البناء المشترك للحزام والطريق مع 20 دولة عربية وجامعة الدول العربية".
ووفق تقارير اقتصادية عربية، فإن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين بلغ 330 مليار دولار العام الماضي بزيادة قدرها 37 في المئة عن عام 2020، مما يؤكد في نظر كثيرين أن كلا الجانبين تتسم مصالحه بالوضوح في العلاقة القائمة بينهما، من دون أي أعباء تذكر كتلك التي تحيط بالعلاقة ذات البعد الأمني والسياسي مع واشنطن.
إليكم تغطيتنا لمستجدات القمتين العربية والخليجية مع الصين في الرياض عندما حدثت.