قال المستشار الألماني أولاف شولتز اليوم السبت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصمم على احتلال أجزاء من أوكرانيا ولا يظهر أي حدود لوحشيته، لكن لا يزال من المهم إبقاء قنوات الاتصالات معه مفتوحة لتحيُّن لحظة إنهاء الحرب.
وأضاف شولتز خلال فعالية في بوتسدام بالقرب من برلين "عندما أتحدث مع بوتين، فإنه يقول بوضوح شديد إن الأمر بالنسبة له يتعلق بغزو مكان ما... إنه يريد ببساطة احتلال جزء من الأراضي الأوكرانية بالقوة".
وشولتز من أكثر القادة الغربيين تحدثا بشكل مباشر مع بوتين منذ الغزو في 24 فبراير (شباط)، واستمر آخر حديث بينهما عبر الهاتف لمدة ساعة وكان في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وقال شولتز إنه لم يتضح عدد الجنود الروس الذين قتلوا حتى الآن في الغزو لكن العدد ربما يصل إلى 100 ألف.
وأضاف شولتز "رأينا الوحشية التي يستطيع الرئيس الروسي أن يمارسها... في الشيشان حيث قضى تقريبا على البلد بأكمله. أو في سوريا حيث لا يوجد ضبط للنفس. الأمر بهذه البساطة".
ومضى يقول "لدينا آراء مختلفة تماما. ومع ذلك سأستمر في التحدث معه لأنني أريد أن أشعر باللحظة التي يمكن فيها الخروج من هذا الوضع. وهذا غير ممكن دون أن نتحدث معا".
معركة باخموت
منذ الصيف، يستعر القتال حول باخموت التي تحاول موسكو بلا كلل الاستيلاء عليها من دون أن تنجح، على الرغم من دعم مجموعة فاغنر شبه العسكرية، في معركة تتحول إلى هاجس من أجل مدينة دمر جزء كبير منها حتى الآن.
في الأسابيع الأخيرة، أصبحت المعارك ترتدي طابعا رمزيا أكبر بالنسبة للمسؤولين الروس لأن الاستيلاء على المدينة سيأتي بعد سلسلة من الهزائم المهينة، مع الانسحاب من منطقة خاركيف (شمال شرق) في أيلول (سبتمبر) ومن مدينة خيرسون (جنوب) في تشرين الثاني (نوفمبر).
ومؤخرا، تقدمت القوات الروسية قليلاً باتجاه باخموت وأعلنت استيلاءها على بلدات صغيرة، من دون أن يبدو أنها في وضع يسمح لها بغزو المدينة التي بقي فيها نصف سكانها الذين كان عددهم يبلغ سبعين ألف نسمة قبل الحرب، بحسب السلطات الأوكرانية.
في مواجهة الأوكرانيين الذين سمح لهم الوقت بالإعداد للدفاع عن باخموت، يلقي الروس بكل ثقلهم على ما يبدو في المعركة للاستيلاء على هذه المدينة الواقعة على بعد 80 كلم شمال دونيتسك ومئة كلم غرب لوغانسك، وهما معقلان للانفصاليين المؤيدين لروسيا.
وصرح مسؤول غربي لوكالة الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع ردا على سؤال عن الأهداف الروسية في باخموت "نحن محتارون".
ومع بداية فصل الشتاء، يعتقد عدد من المحللين أن خط المواجهة الحالي سيستقر بعد أسابيع من التقدم الأوكراني في الشمال الشرقي والجنوب.
يتلقى الجيش الروسي في معركته للسيطرة على باخموت دعما من مرتزقة من مجموعة فاغنر بينهم سجناء حصلوا على وعود بتخفيف عقوباتهم مقابل قتالهم في أوكرانيا وجنود احتياط مدنيين تم تجنيدهم في أيلول (سبتمبر) أيلول.
الاستراتيجية نفسها متبعة في أي مكان آخر وتتلخص في قصف مدفعي للمدينة وتدمير كل البنى التحتية، على أمل انسحاب المدنيين والجنود الأوكرانيين.
على الرغم من كل شيء، اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال الأسبوع الجاري ب"مواجهة صعبة جدا" في الموقع. وقال إن "كل متر مهم".
شاهد فريق من وكالة الصحافة الفرنسية مؤخرا في منطقة دونيتسك الجيش الأوكراني يعيد مدفعية ثقيلة إلى المنطقة ومجموعات من جنود الاحتياط على طول الطرق المؤدية إلى باخموت التي تسيطر عليها كييف.
ويرى مراقبون أن معركة باخموت تكشف قبل كل شيء رغبة موسكو في تحقيق أول انتصار بعد أشهر من النكسات ضد الجيش الأوكراني المعزز بأسلحة غربية.
عقوبات أسترالية
في مقال رأي في صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" قالت وزيرة خارجية أستراليا بيني وونغ، السبت 10 ديسمبر (كانون الأول)، إن الحكومة ستفرض عقوبات تستهدف أشخاصاً وكيانات في روسيا رداً على ما وصفته بتعرض حقوق الإنسان لانتهاكات "جسيمة"، ولفتت إلى أن سبعة من الروس متورطين في ما وصفته وزيرة الخارجية بمحاولة اغتيال زعيم المعارضة السابق أليكسي نافالني ستفرض عليهم عقوبات تتعلق بحقوق الإنسان. وإضافة إلى عقوبات حقوق الإنسان، أضافت وونغ أن أستراليا ستفرض عقوبات مالية إضافية على ثلاثة إيرانيين وشركة إيرانية واحدة لتزويدها روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها ضد أوكرانيا، ولفتت إلى أن "ذلك دليل على الدور الذي تلعبه إيران في زعزعة استقرار الأمن العالمي، هذا الإجراء يؤكد أن أولئك الذين يقدمون الدعم المادي لروسيا سيواجهون عواقب".
عقوبات مالي
ويأتي هذا الإعلان بعد أن فرضت حكومة حزب العمال التي تمثل يسار الوسط الأسترالية في أكتوبر (تشرين الأول) عقوبات مالية وحظر سفر على 28 من الانفصاليين والوزراء والمسؤولين الذين عينتهم روسيا بعد أن أعلن الرئيس فلاديمير بوتين ضم أربع مناطق في أوكرانيا.
وفرضت أستراليا منذ بدء الصراع عقوبات على مئات الأفراد والكيانات الروسية، بما في ذلك معظم القطاع المصرفي الروسي وكل الهيئات المسؤولة عن الديون السيادية للبلاد.
الاتحاد الأوروبي يجمد أصولاً روسية
في الأثناء، جمدت دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها بلجيكا ولوكسمبورغ مليارات الدولارات من أصول أثرياء روس وكيانات فرضت عليها عقوبات بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا، وفي المجموع يخضع 1241 فرداً و118 كياناً لعقوبات تشمل تجميد الأرصدة وحظر الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بسبب دورهم في الصراع في أوكرانيا.
وذكرت بروكسل الدول الأعضاء بأن تجميد أصول الأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات أمر إلزامي وكذلك توفير البيانات المتعلقة بها، وأشارت الرسالة إلى أنه "مع ذلك تظل المعلومات المقدمة وتواتر التحديثات متفاوتة بين الدول الأعضاء"، مضيفة "هذا يقوض جهودنا المشتركة"، ويدرس الاتحاد الأوروبي مقترحات في شأن سبل استخدام الأصول الروسية المجمدة للمساعدة في دفع كلفة إعادة إعمار أوكرانيا.
العقيدة العسكرية
وسط هذه الأجواء، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن إمكان تعديل العقيدة العسكرية لبلاده من أجل إتاحة تنفيذ ضربة استباقية لنزع سلاح العدو، وكان بوتين يرد على سؤال طرحه عليه صحافي خلال زيارة له إلى بشكيك، وطلب منه توضيح تصريح أدلى به في وقت سابق هذا الأسبوع في شأن استخدام أسلحة نووية. وقال بوتين إن موسكو تدرس تبني ما سماه مفهوم واشنطن للضربة الاستباقية، مضيفاً "أولاً، طورت الولايات المتحدة مفهوم الضربة الوقائية، وثانياً هي تعمل على تطوير نظام ضربات يهدف إلى نزع سلاح (العدو)".
واعتبر أنه ربما ينبغي لموسكو التفكير في تبني "الأفكار التي طورها الأميركيون لضمان أمنهم"، لكنه قال "نحن فقط نفكر في هذا الأمر". وشدد الرئيس الروسي على أن صواريخ بلاده وأنظمتها التي تفوق سرعة الصوت "أكثر حداثة لا بل أكثر كفاءة" من تلك التي تمتلكها الولايات المتحدة.
وألمح بوتين إلى أن موسكو لن تستخدم سلاحاً نووياً إلا رداً على هجوم من هذا النوع، قائلاً "نعتبر أسلحة الدمار الشامل، السلاح النووي، بمثابة وسيلة دفاع، (اللجوء إليها) يستند إلى ما نسميه الرد انتقاماً: إذا تعرضنا لضربة، نضرب رداً على ذلك". لكنه كشف أن "التهديد بحرب نووية يتزايد" نظراً إلى المواجهة بين روسيا والغرب في شأن أوكرانيا، محملاً الأميركيين والأوروبيين مسؤولية ذلك.
ونددت الخارجية الأميركية بهذه التصريحات قائلة "إن أي حديث عن الأسلحة النووية، مهما كان غامضاً، هو عمل غير مسؤول إطلاقاً".
شرق أوكرانيا
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الوضع في مناطق رئيسة من جبهة دونباس شرق البلاد لا يزال صعباً للغاية، لكن قوات كييف تصد الهجمات الروسية وتلحق بها خسائر كبيرة، وأضاف زيلينسكي في خطاب مسائي مصور أن القوات الروسية دمرت بلدة باخموت، إحدى مراكز القتال في الآونة الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت أعلنت فيه بريطانيا أن روسيا تحاول الحصول على صواريخ باليستية من إيران، حذر البيت الأبيض من "شراكة دفاعية كاملة" بين روسيا وإيران. وقالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا ودوارد، الجمعة التاسع من ديسمبر ، إن روسيا تحاول الحصول على مزيد من الأسلحة من إيران، بما في ذلك مئات الصواريخ الباليستية، وتعرض على طهران في المقابل مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والفني.
وأضافت ودوارد أن إيران نقلت، منذ أغسطس (آب)، مئات الطائرات المسيرة إلى روسيا التي استخدمتها "لقتل المدنيين واستهداف البنية التحتية المدنية بشكل غير قانوني" في أوكرانيا.
وتنفي إيران إمداد موسكو بالطائرات المسيرة وتنفي روسيا استخدام طائرات مسيرة إيرانية لمهاجمة أوكرانيا، ولم ترد البعثتان الإيرانية والروسية لدى الأمم المتحدة على الفور على طلب للتعليق.
وقال مسؤولان إيرانيان كبيران ودبلوماسيان إيرانيان لوكالة "رويترز" في أكتوبر إن إيران وعدت بتزويد روسيا بصواريخ أرض - أرض، إضافة إلى مزيد من الطائرات المسيرة.
وقالت الولايات المتحدة إنها لاحظت استمرار طهران بتزويد روسيا بطائرات مسيرة، لكن واشنطن لم تلحظ دليلاً على أن إيران نقلت صواريخ باليستية إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا.
وجاءت تصريحات ودوارد قبل اجتماع لمجلس الأمن في وقت لاحق من الجمعة، بطلب من روسيا، لمناقشة أسلحة الصراع في أوكرانيا التي تقول روسيا إنها "تقع في أيدي قطاع طرق وإرهابيين" في أماكن أخرى بأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
البيت الأبيض يحذر
واعتبر متحدث باسم البيت الأبيض أن "الشراكة الدفاعية الكاملة" بين موسكو وطهران تلحق "ضرراً" بأوكرانيا والدول المجاورة لإيران و"المجتمع الدولي"، وأشار جون كيربي إلى استخدام الجيش الروسي طائرات إيرانية مسيرة في أوكرانيا، مؤكداً أن روسيا في المقابل "تقدم لإيران مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والتقني"، الأمر الذي "يحول علاقتها إلى شراكة دفاعية شاملة وكاملة"، وأضاف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أنه وفقاً للاستخبارات الأميركية، تدرس موسكو وطهران إطلاق إنتاج مشترك للطائرات المسيرة في روسيا.
وتابع أن موسكو تعتزم في المقابل تزويد طهران بمعدات "متطورة" ومروحيات وأنظمة دفاع مضادة للطائرات وطائرات مقاتلة، ولفت إلى أن إيران تدرس بيع روسيا "مئات" الصواريخ الباليستية، وأوضح كيربي أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على "ثلاثة كيانات مركزها روسيا" تنشط خصوصاً في "حيازة الطائرات المسيرة الإيرانية واستخدامها".
إخراج تصريح ماكرون من "سياقه"
وأكد الإليزيه أن تصريح الرئيس إيمانويل ماكرون في شأن منح روسيا "ضمانات أمنية" أخرج من "سياقه"، وذلك قبل انعقاد مؤتمر جديد، الثلاثاء، في باريس في شأن مساعدة أوكرانيا، وشددت الرئاسة الفرنسية على أن "الحوار بين رئيس الجمهورية (ماكرون) والرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي ممتاز"، مضيفة، "هناك فرق بين بعض الحركات أو بعض الأشخاص الذين يسعون إلى اجتزاء قسم من جملة خارج سياقه، وبين واقع العمل الذي نقوم به، والذي يتم فعلاً دون صعوبة".
وعند حديثه مع نظيره الأميركي جو بايدن في بداية ديسمبر عن الهيكلة الأمنية في أوروبا وإعادة بنائها بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، شدد الرئيس الفرنسي على أنه سيكون من الضروري أيضاً إعطاء "ضمانات" لروسيا لإيجاد توازن معها، هذه الهيكلة الأمنية التي وضعتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ثم روسيا، تتعثر منذ سنوات، وتصر فرنسا على ضرورة أن يكون الأوروبيون على طاولة المفاوضات عند التفاوض في شأن اتفاقات جديدة للحد من الأسلحة.
وقال ماكرون مشيراً إلى مطالب روسيا المتكررة بعد 30 عاماً من سقوط الاتحاد السوفياتي، إن "إحدى النقاط الأساسية هي الخوف من أن يأتي حلف شمال الأطلسي إلى أبوابها، ونشر أسلحة يمكن أن تهدد روسيا".
وقد أعرب مسؤولون أوكرانيون ومن أوروبا الشرقية عن انزعاجهم، وحتى معارضتهم لفحوى ذلك التصريح، وأوضح الإليزيه أن رئيس الدولة الفرنسية "يصف ما يطالب به الأوكرانيون أنفسهم"، وتابع، "الأوكرانيون أنفسهم هم بالطبع أول من يريد إنهاء هذه الحرب، وفي نهاية المطاف، في نهاية الحرب، هناك مفاوضات".
وسيعقد مؤتمر "من أجل الصمود وإعادة الإعمار في أوكرانيا" في باريس، الثلاثاء، هدفه "شرح احتياجات أوكرانيا لضمان صمودها الاقتصادي في زمن الحرب وإعادة إعمارها على المدى المتوسط"، بحسب وزارة الاقتصاد الفرنسية.
وختمت الرئاسة الفرنسية، "نتحدث مع بعضنا بعضاً يومياً، وأحياناً مرات عدة في اليوم للإعداد لهذا المؤتمر، لا توجد صعوبة".