تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو، الثلاثاء 13 ديسمبر (كانون الأول)، الحكم بأسلوب يصب في مصلحة جميع الإسرائيليين، في الوقت الذي تضغط فيه الأحزاب القومية الدينية المرشحة للانضمام إلى حكومته الائتلافية الجديدة لإقرار تشريع مثار خلاف.
ومن شأن مشروع قانون مقدم للمراجعة الأولية أمام البرلمان أن يمنح سلطات وزارة الدفاع للسياسي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش للتشجيع على إقامة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، حيث يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم.
وستجمع مشاريع قوانين أخرى سلطة الحكومة على الشرطة في يد قومي متطرف آخر هو إيتمار بن غفير، وتمكن السياسي اليهودي المتشدد أرييه درعي من تولي وزارة المالية، على رغم إدانته بالاحتيال الضريبي.
وحل حزب ليكود المحافظ، الذي يتزعمه نتنياهو، بالمركز الأول في الانتخابات التي جرت يوم الأول من نوفمبر (تشرين الثاني).
ويخطب نتنياهو ود القوميين المتدينين بعد أن تجاهلته بعض الأحزاب السائدة بسبب محاكمته الجارية بتهم الفساد، وقال أمام الكنيست، وسط مقاطعة من نواب يسار الوسط، "لقد تم انتخابنا لنقود بطريقتنا، طريقة اليمين القومي وطريقة اليمين الحر، وهذا ما سنفعله".
وأثارت الحكومة الجديدة المرتقبة مخاوف في إسرائيل وخارجها حول مستقبل قيم تل أبيب العلمانية والعلاقات العرقية المتوترة ومحادثات السلام المتعثرة مع الفلسطينيين.
"الوضع الراهن"
لكن نتنياهو، الذي تقلد رئاسة الوزراء بالفعل لفترة قياسية بلغت 15 عاماً، قال إن كل فرد سيعيش خلال حكمه "وفقاً لعقيدته الخاصة، لن تتحول هذه إلى دولة ذات قانون ديني، بل ستكون دولة نرعى فيها مصالح جميع مواطني إسرائيل".
وأضاف "سنحافظ على الوضع الراهن"، مستخدماً عبارة تنطبق على كل من حرية العبادة بإسرائيل وتنظيم دخول المسجد الأقصى، الذي يؤجج في بعض الأحيان العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وصلاة اليهود هناك محظورة بموجب اتفاق إسرائيلي مع الفلسطينيين، ودعا بن غفير إلى إنهاء ذلك الحظر.
وكان بن غفير وسموتريتش من بين 40 مشرعاً، أي ما يعادل ثلث البرلمان، وقعوا على مذكرة تطالب بيني غانتس وزير الدفاع المنتهية ولايته لإنهاء الاحتجاز من دون محاكمة لمستوطنين اثنين من الضفة الغربية يشتبه في أن لهما صلات بجماعات مسلحة، قائلين إنهما لم تطبق عليهما الإجراءات القانونية الواجبة.
ورفض غانتس الثلاثاء المذكرة ووصفها بأنها "دعم للإرهاب"، ويقول فلسطينيون إن إسرائيل تحتجز أيضاً 835 فلسطينياً في ما يسمى "بالاحتجاز الإداري".
واتهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد، الذي ينتمي لتيار الوسط، نتنياهو (73 سنة) بأنه يشكل تهديداً على الديمقراطية الإسرائيلية.
وقال أمام الكنيست "نتنياهو ضعيف ومرعوب من محاكمته، فالأفراد الأصغر منه سناً والأكثر تشدداً وتصميماً استولوا على السلطة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأمام نتنياهو، الذي ينفي تهم الفساد الموجهة إليه، فرصة لتشكيل الحكومة حتى 21 ديسمبر، وإلا فستعاد الانتخابات مرة أخرى.
حكومة "يمينية ليبرالية"
تعهد رئيس نتنياهو الثلاثاء بإحداث حال من التوازن بين المصالح الدينية والعلمانية، لكنه يتعرض لسيل من الانتقادات من لبيد وجماعات مكافحة الفساد، الذين يحذرون من أن مطالب شركائه المستقبليين ستؤدي إلى تآكل الديمقراطية في إسرائيل وتلحق الضرر بمبدأ الفصل، الضعيف أصلاً، بين الدين والدولة.
وجرى التوصل إلى اتفاقات مع الجماعات اليمينية المتطرفة التي تدعو إلى إنهاء حظر صلاة اليهود في مجمع المسجد الأقصى.
ولا يزال نتنياهو منخرطاً في محادثات مع الجماعات الدينية المتشددة، التي تريد فرض قيود على الأعمال التجارية والمواصلات في يوم السبت اليهودي والفصل بين الجنسين على الشواطئ.
وقال نتنياهو أمام الكنيست "لن يتوقف (إنتاج) الكهرباء يوم السبت كما هو معمول به حالياً، وستكون الشواطئ مفتوحة للجميع كما هو الحال الآن".
ويستخدم مصطلح "الوضع الراهن" في إسرائيل للإشارة إلى التعاون بين الجماعات العلمانية والدينية والتنسيق القائم منذ عقود مع السلطات الإسلامية في ما يخص المسجد الأقصى بالقدس، إذ يسمح لليهود بزيارته وليس الصلاة فيه.
بينما يرفض لبيد وآخرون في حكومة يسار الوسط المنتهية ولايتها الانضمام إلى نتنياهو ولو جزئياً بسبب استمرار محاكمته في قضايا فساد.
وتأتي تصريحات نتنياهو ولبيد في الوقت الذي انتخب فيه الكنيست رئيساً جديداً له، الذي من المتوقع أن يمرر مجموعة من القوانين المثيرة للجدل لمساعدة نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة.
رئيس الكنيست الجديد
وانتخب البرلمان الإسرائيلي رئيساً جديداً، الثلاثاء، هو حليف وثيق لنتنياهو سيشرف على الموافقة على التشريع الذي سيساعد في تشكيل الحكومة الجديدة.
ويحل ياريف ليفين العضو البارز في حزب الليكود اليميني محل ميكي ليفي من حزب يش عتيد الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد.
قد لا يبقى ليفين في منصبه لفترة طويلة إذ يتوقع خبراء سياسيون إسرائيليون أن يتولى حقيبة وزارية بارزة في ائتلاف نتنياهو، الذي يتوقع أن يكون الأكثر يمينية في تاريخ تل أبيب.
لكن قبل أن يتم تشكيل تلك الحكومة يجب على البرلمان أن يقر قانوناً يسمح لأحد أقوى حلفاء نتنياهو الزعيم اليهودي المتشدد أرييه درعي بتولي حقيبة وزارية بعد أن دين بالتهرب الضريبي في 2021.
حصل درعي، الذي يترأس حزب شاس الديني المتشدد، على وعد بوزارتي الداخلية والصحة في حكومة نتنياهو المقبلة. ومن المتوقع أن يتحرك ليفين بسرعة لتمرير تشريع يتيح لدرعي شغل مناصب حكومية.
وحصد تكتل اليمين بزعامة نتنياهو مع حلفائه اليهود المتشددين واليمين المتطرف غالبية من 64 مقعداً في الكنيست من أصل 120 إثر الانتخابات التشريعية.
وسمح ذلك بتكليفه تشكيل حكومة تحظى بالأغلبية في أعقاب فترة غير مسبوقة من الجمود السياسي نظمت خلالها خمسة انتخابات في أقل من أربع سنوات.
لكن تبين أن محادثات نتنياهو الائتلافية معقدة مع مطالبة قادة اليمين المتطرف بتولي حقائب حساسة.
والأسبوع الماضي، منح الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ نتنياهو مهلة إضافية من 10 أيام لتشكيل حكومته.