أججت قرارات بنوك مركزية كبرى برفع أسعار الفائدة المخاوف من تباطؤ اقتصادي، مما سبب انهياراً كبيراً في أسعار الأسهم حول العالم، إذ تعهدت البنوك المركزية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وعدد من الاقتصادات الكبرى بالاستمرار في رفع أسعار الفائدة بصورة أكبر لمواجهة التضخم، مما أثار مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي العام المقبل.
وتتجه الأسهم الأوروبية إلى تسجيل خسارة أسبوعية، إذ تراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.2 في المئة إلى مستوى منخفض جديد هو الأدنى في شهر، مسجلاً 427.96 نقطة، ومن المتوقع أن يتكبد خسارة أسبوعية قدرها 2.4 في المئة.
وشهد المؤشر أكبر نسبة تراجع في يوم واحد منذ مايو (أيار) في الجلسة السابقة بعد أن انضم البنك المركزي الأوروبي إلى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في القول إن التشدد في السياسة النقدية سيستمر على رغم المخاطر التي يشكلها ذلك على الاقتصاد.
وقادت أسهم الاتصالات والتجزئة الخسائر الجمعة بين القطاعات الكبرى المدرجة على "ستوكس 600"، وزادت أسهم البنوك، الحساسة للتوقعات الاقتصادية، 0.1 في المئة بعد أن هبطت بشكل حاد في الأسبوع الماضي.
وعلى رغم تراجع معدل التضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة خلال نوفمبر الماضي مقارنة بالشهر السابق، ألمحت رئيس البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، إلى أنه سيتم رفع أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة خلال أول اجتماعين للبنك العام المقبل.
وذكر مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) أن أسعار المستهلكين في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة، ارتفعت في نوفمبر بنسبة سنوية تبلغ 10.1 في المئة، في مقابل 10.6 في المئة في الشهر السابق عليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفادت وكالة "بلومبرغ" للأنباء بأن أول تباطؤ في معدل التضخم خلال عام ونصف العام سمح للبنك المركزي الأوروبي بإبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع، إذ رفع تكاليف الاقتراض بواقع نصف نقطة، بعد رفعها بواقع 75 نقطة أساس خلال المرتين السابقتين.
غير أنه في ظل التوقعات بشأن استمرار ارتفاع أسعار المستهلك بأكثر من النسبة المستهدفة التي تبلغ اثنين في المئة حتى عام 2025، واصل المركزي الأوروبي سياسات التشديد.
استقر الدولار الجمعة بعد ارتفاعه في الجلسة السابقة، إذ يحلل المتداولون مجموعة من زيادات البنوك المركزية لأسعار الفائدة واحتمال مواصلة رفع تكاليف الاقتراض لفترة طويلة.
واستقر اليورو في مقابل الدولار عند 1.063 دولار، جاء ذلك بعد انخفاضه 0.5 بالمئة الخميس، بعد أن رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، مشيراً إلى أن الرفع بعيد من الانتهاء.
وأثار ذلك مخاوف بشأن الضرر المحتمل على الاقتصاد العالمي ودفع المستثمرين نحو الدولار باعتباره ملاذاً آمناً.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول الخميس إن صناع السياسة يتوقعون زيادة أسعار الفائدة أكثر، وأن تظل مرتفعة لفترة أطول.
ودفعت التصريحات "المتشددة" للبنوك المركزية المتعاملين إلى إعادة النظر في رهاناتهم على أن الضرر الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة قد ينتهي قريباً. وقد أدى ذلك إلى عمليات بيع مكثفة في الأسهم العالمية والسندات الأوروبية، مما أدى إلى دعم الدولار والضغط على العملات التي تعتبر أكثر خطورة.
وفي مقابل الين الياباني، انخفض الدولار 0.49 بالمئة إلى 137.08، وهبط 0.07 بالمئة في مقابل الجنيه الاسترليني الذي تم تداوله بسعر 1.219 دولار.
وظل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية في مقابل ست عملات رئيسة، مستقراً تقريباً عند 104.48، بعد ارتفاعه بأكثر من 0.9 بالمئة الخميس.
وارتفع المؤشر نحو تسعة بالمئة هذا العام مع رفع مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة بشدة، مما أدى إلى جذب الأموال مجدداً نحو السندات المقومة بالدولار.
ومع ذلك، فقد انخفض ثمانية بالمئة تقريباً منذ سجل أعلى مستوى له في 20 عاماً في سبتمبر (أيلول)، إذ أنعش التباطؤ في التضخم الأميركي الآمال في قرب انتهاء رفع أسعار الفائدة، كما عززت البيانات الاقتصادية الأفضل من المتوقع في أوروبا اليورو.
وهبط الدولار الأسترالي الحساس للمخاطر 0.07 بالمئة إلى 0.67 دولار، ونزل 2.38 بالمئة في الجلسة السابقة، في أكبر انخفاض له منذ مارس آذار 2020.
ارتفاع طفيف لأسعار الذهب رغم انخفاض جاذبيته
ارتفعت أسعار الذهب قليلاً الجمعة مع هبوط الدولار، لكن المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً في سبيله الآن لتسجيل خسارة أسبوعية مع توقع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) استمرار عمليات رفع أسعار الفائدة لوقت أطول.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المئة إلى 1780.78 دولار للأوقية (الأونصة)، وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.1 في المئة مسجلة 1789 دولاراً.
ونزل مؤشر الدولار 0.2 في المئة مما جعل الذهب أقل كلفة للمشترين من الخارج.
وقال كليفورد بينيت كبير الخبراء الاقتصاديين في إيه.سي.واي سكيورتيز إن الذهب يحاول الاستقرار لكنه لا يزال يواجه ضغوطاً بسبب التقلبات المحيطة بالتضخم والنظرة المستقبلية لمعدلات رفع المركزي الأميركي سعر الفائدة.
وهبطت أسعار الذهب بما يقارب واحد في المئة خلال الأسبوع حتى الآن متراجعة بشكل حاد عن أعلى مستوى في خمسة أشهر ونصف الشهر منذ تصريح رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول، بأن مزيداً من عمليات الرفع ستتم العام المقبل على رغم انزلاق الاقتصاد صوب الركود.
ويعرف عن الذهب أنه وسيلة تحوط ضد التضخم، لكن أسعار الفائدة المرتفعة تميل إلى إضعاف جاذبيته لأنها تزيد من كلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الذي لا يدر عائداً.
وفي تلك الأثناء رفعت الهند سعر الاستيراد الأساسي للذهب والفضة، والهند أكبر مستورد في العالم للفضة وثاني أكبر مستورد للذهب.
وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة 0.2 في المئة إلى 23 دولاراً للأوقية، لكنها سجلت حتى الآن انخفاضاً نسبته اثنين في المئة للأسبوع.
وزاد البلاتين 0.6 في المئة إلى 1000.54 دولار، وارتفع البلاديوم 1.5 في المئة إلى 1817.88 دولار، لكنه يتجه إلى تسجيل أكبر تراجع أسبوعي في شهرين.