تلقى الآباء والأمهات في المملكة المتحدة تحذيرات تحثهم على التنبه إلى وجود أية أعراض محددة لدى أولادهم بعد ارتفاع إصابات بكتيريا "المكورات العقدية من المجموعة أ" Strep A.
ووفق أرقام صدرت حديثاً لقي 19 طفلاً في أقل تقدير حتفهم في مختلف أنحاء المملكة المتحدة نتيجة أشكال عدوانية من هذا النوع من البكتيريا، في حين أقرت الحكومة البريطانية بوجود مشكلات في إمدادات بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الإصابات ذات الصلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد أثيرت مخاوف كثيرة نظراً إلى أن عدد الإصابات أعلى مما يسجله هذا الوقت من العام عادة، وكشفت أحدث البيانات الصادرة عن "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" (UKHSA) يوم الخميس الـ 15 من ديسمبر (كانون الأول)، ارتفاع الحالات بنسبة 27 في المئة خلال الأسبوع الماضي.
ورُصدت الإصابات في شتى أنحاء البلاد مع تسجيل يوركشاير وجنوب غرب وجنوب شرق إنجلترا أعلى المستويات من "المكورات العقدية من المجموعة أ".
وذكر خبراء في "وكالة الأمن الصحي" أنهم يحاولون أن يتبينوا ما إذا كان الارتفاع في الإصابات مرده نقص في المناعة ناجم عن الإغلاقات التي كانت دخلتها البلاد لاحتواء "كوفيد" [ينشأ نقص المناعة عندما يحصل النظام المناعي على استراحة من التعرض للبكتيريا والفيروسات والفطريات والكائنات الدقيقة الممرضة أخرى].
وطبقت الحكومة البريطانية ما يسمى "بروتوكولات النقص الخطر" serious shortage protocols (SSPs) على ثلاثة أدوية من البنسلين، علماً أنها مضادات حيوية تستخدم في مكافحة الالتهابات البكتيرية.
وبناء على تلك البروتوكولات يسمح القانون للصيادلة الآن بإعطاء المرضى أدوية بديلة تحل محل الدواء الموصوف، وذلك في حال توفر الصيغة المحددة المذكورة في الوصفة الطبية من قبيل محلول عن طريق الفم مثلاً.
وتهدف "بروتوكولات النقص الخطر" المتبعة في كامل المملكة المتحدة إلى تقليص حاجة المرضى إلى الرجوع إلى طبيبهم العام كي يحصلوا على وصفة طبية مختلفة عندما لا يجدون الدواء الموصوف. وتذكيراً يأتي البنسلين على شكل محلول وحبوب، لكن بعض الصيادلة قالوا إنهم "لا يجدون تفسيراً" وراء استغراق الحكومة وقتاً طويلاً قبل سن هذه البروتوكولات بعدما كانوا اشتكوا طوال أسابيع من صعوبات يواجهونها في الحصول على مضادات حيوية معينة.
وأكد مسؤولون في قطاع الصحة أن الإصابات لا تزال غير شائعة على رغم الارتفاع في عدد الحالات، ووفق بيانات "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" فإنه لكل 100 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين سنة وأربع سنوات منذ سبتمبر (أيلول)، سجلت إنجلترا 1.5 إصابة بعدوى "المكورات العقدية الغازية من المجموعة أ" (اختصاراً "آي جي أي أس" iGAS)، علماً أن هذا النوع هو أخطر أشكال العدوى المرتبطة بهذه البكتيريا [في هذه الحال تدخل البكتيريا إلى أجزاء من الجسم لا توجد فيها عادة مثل الرئتين أو مجرى الدم].
وبلغ عدد إصابات "المكورات العقدية الغازية من المجموعة أ" بين 12 سبتمبر و11 ديسمبر 836 حالة، مع ارتفاع بنسبة 27 في المئة في الأسبوع الأخير من هذه الفترة الممتدة لـ 13 أسبوعاً.
من جهتها، تحرص السلطات على إبقاء حالات "iGAS" تحت المتابعة الوثيقة، وقد تبين أنها تسجل معدلاً مرتفعاً من الوفيات، إذ أزهقت أرواح ما بين تسعة و12 في المئة من كل المصابين المسجلين خلال السنوات الخمس الماضية.
وتظهر بيانات صادرة عن "وكالة الأمن الصحي" وفاة 16 شخصاً دون الـ 18 من عمرهم في إنجلترا منذ سبتمبر بسبب هذه البكتيريا، وكذلك سجلت ثلاث وفيات أخرى في صفوف الأطفال في بلفاست وويلز، ليصل إجمال عدد الوفيات في المملكة المتحدة إلى 19 وفاة.
وبالنظر إلى عدد الوفيات المسجلة هذا العام في إنجلترا، تعود المرة الأخيرة التي شهدت فيها البلاد فترة حادة نسبياً من عدوى "المكورات العقدية من المجموعة أ" إلى 1017- 2018، عند حدوث أربع وفيات بين أوساط الأطفال دون سن الـ 10 في إطار زمني مماثل.
وذكرت "هيئة الصحة العامة في اسكتلندا" أنها سجلت 13 إصابة من "iGAS" لدى أطفال دون الـ 10 سنوات من العمر، وذلك بين بداية أكتوبر (تشرين الأول) والأول من ديسمبر.
من جانبها أفادت السلطات المحلية في ويلز أن الحالات لديها لا تزال نادرة، وتحدث في هذا الشأن الدكتور كولين براون، نائب مدير "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة"، فقال إن الحمى القرمزية و"التهاب الحلق" من الأمراض الشائعة في مرحلة الطفولة التي تعالجها المضادات الحيوية بسهولة، كما رجا الدكتور براون الناس لزيارة الموقع "أن أتش أس دوت يو كي" NHS.uk، والاتصال بالرقم 111 في المملكة المتحدة أو التواصل مع عيادة الطبيب العام إذا واجه أطفالهم أعراض هذه العدوى كي يخضعوا لتقييم يوفر لهم العلاج المناسب.
ووفق الدكتور براون، "في حالات نادرة تدخل هذه البكتيريا مجرى الدم وتسبب مرضاً خطراً يسمى ’داء المكورات العقدية الغازية من المجموعة أ‘ ونعلم أن هذا النوع يبعث القلق في نفوس الأمهات والآباء، ولكني أؤكد أننا بينما نشهد زيادة في إصابات الأطفال عموماً، لا يزال هذا الشكل من المرض غير شائع".
وبين الـ 12 من سبتمبر والـ 11 من ديسمبر قاست البلاد 7750 إصابة بالحمى القرمزية، في ارتفاع بلغ 17.4 في المئة خلال الأسبوع الأخير من الفترة الممتدة على 13 أسبوعاً.
وسجل شمال شرقي إنجلترا الارتفاع الأكبر، إذ تضاعفت العدوى تقريباً لتصل إلى 775 حالة، مع إصابة 28.9 شخص لكل 100 ألف شخص.
وإزاء هذا الواقع يهيب مسؤولو الصحة بالأهل التواصل مع "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" على الرقم 111 أو الاتصال بطبيبهم العام إذا كانت حال طفلهم تزداد سوءاً، أو كان يأكل قدراً من الطعام أقل كثيراً من المعتاد، أو كان حفاضه يبقى جافاً لمدة 12 ساعة أو أكثر، أو في حال ظهرت عليه علامات جفاف أخرى.
كذلك عليهم طلب المساعدة الطبية إذا كان عمر طفلهم أقل من ثلاثة أشهر وبلغت حرارته 38 درجة مئوية، أو إذا كان أكبر من ثلاثة أشهر ووصلت درجة حرارة جسمه إلى 39 درجة مئوية أو أعلى، ولا بد من توخي الحذر أيضاً إذا ظهر التعب الشديد على الطفل أو بدا سريع الانفعال والغضب.
وسعت الحكومة البريطانية إلى الحد من القلق في شأن العدوى على رغم أنها طلبت من الأهل البقاء متيقظين عندما يتفقدون أطفالهم بحثاً عن أي أعراض.
وذكر مكتب "داونينغ ستريت" أن الحكومة البريطانية لم تكن على علم بأي نقص حالي في المضاد الحيوي "أموكسيسيلين" amoxicillin، الذي يستخدم في علاج هذه العدوى البكتيرية.
ولدى سؤاله عن الارتفاع الأخير في عدد الحالات، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء "إننا نشهد عدداً أكبر من إصابات ’البكتيريا العقدية من المجموعة أ‘ هذا العام مقارنة بالأعداد المعتادة.
وأضاف المتحدث، "البكتيريا التي نعرفها تسبب عدوى خفيفة تعالجها المضادات الحيوية بسهولة، وفي حالات نادرة تنتقل إلى مجرى الدم وتسبب مرضاً خطراً، ولا تزال هذه الحال غير شائعة، ولكن من المهم أن يبحث الآباء والأمهات عن الأعراض".
وأكد المتحدث باسم "داونينغ ستريت" أن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في جاهزية تامة لمواجهة هذه الظروف والتعاون مع وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة."
وختم منبهاً الأهل الذين تنتابهم أي مخاوف في شأن إصابة أولادهم إلى أن يتصلوا بـ "هيئة الخدمات الصحية الوطنية".
© The Independent