بالتزامن مع ختام "العرس المونديالي" في قطر، جاء بيان البرلمان الأوربي ليعكر صفو الفرحة بنجاح التنظيم الذي تطلعت إليه الدوحة قبل 13 عاماً، وذلك عندما اتهمها صراحة بالتورط في قضية فساد مالي، بينما ردت قطر بالتحذير من أن هذا الاتهام "قد يؤثر سلباً في التعاون الأمني والإقليمي".
ودانت قطر الأحد، 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خلال حفل تتويج الفائز بكأس العالم 2022، التحقيق بشبهة فساد محتملة أطلقته بلجيكا ضدها، وقراراً من البرلمان الأوروبي بتعليق التعامل مع الدوحة. معتبرة أن من شأن ذلك أن يؤثر "سلباً في التعاون الأمني والإقليمي، وفي المحادثات الجارية في شأن نقص وأمن الطاقة العالميين"، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان لدبلوماسي قطري.
وقال الدبلوماسي إن قرار فرض "مثل هذه القيود التمييزية التي تحد من الحوار والتعاون على قطر قبل انتهاء التحقيق، سيؤثر سلباً في التعاون الأمني الإقليمي والعالمي، فضلاً عن المحادثات الجارية حول نقص وأمن الطاقة العالميين".
وتابع البيان، "نرفض بشدة الاتهامات التي تربط حكومتنا بسوء السلوك، وقطر ليست الطرف الوحيد الذي ذكر في التحقيق، ومع ذلك فإن بلدنا تعرض بشكل منفرد إلى انتقادات وهجمات"، مضيفاً "تابعنا هذا الأسبوع الإدانة الانتقائية لبلدنا بحذر شديد".
واعتبر الدبلوماسي أنه "من المخيب للآمال بشدة أن الحكومة البلجيكية لم تبذل جهداً للتواصل مع حكومتنا لمعرفة الحقائق عندما علمت بالاتهامات"، مشدداً على العلاقة "الوثيقة" مع بلجيكا، وقال "بلدانا تعاونا خلال جائحة كورونا، وقطر مزود مهم للغاز الطبيعي المسال لبلجيكا".
حزمة إصلاحات
من جهتها، تعهدت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا بحزمة إصلاحات واسعة النطاق لتنظيف الهيئة التشريعية وسط فضيحة فساد مرتبطة بقطر التي تستضيف كأس العالم، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت ميتسولا إن الخطة "ستشمل تعزيز أنظمة حماية المبلغين عن المخالفات في البرلمان، وفرض حظر على جميع مجموعات الصداقة غير الرسمية ومراجعة مراقبة قواعد السلوك لدينا، إضافة إلى نظرة معمقة في كيفية تفاعلنا مع البلدان الأخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأيد نواب الاتحاد الأوروبي تقرير الفساد بأغلبية 541 صوتاً مقابل اثنين، في قرار اعتبره مراقبون معبراً عن الشعور بـ "الفزع" من اتهامات بالفساد وغسل الأموال وجهت إلى واحدة منهم ونائب سابق وموظف في البرلمان.
وشدد البرلمان على أنه يستنكر محاولات الحصول على نفوذ "من خلال أعمال فساد تشكل تدخلاً أجنبياً خطراً في العمليات الديمقراطية للاتحاد الأوروبي".
ويتهم ممثلو الادعاء نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي النائبة اليونانية إيفا كايلي وثلاثة آخرين بقبول أموال من قطر في محاولة للتأثير في صنع القرار السياسي داخل الاتحاد الأوروبي.
وقال البرلمان إنه سيعلق كل الأعمال الخاصة بالملفات التشريعية المتعلقة بقطر، لا سيما في ما يتعلق بإلغاء التأشيرات واتفاق في مجال الطيران بين الاتحاد الأوروبي والدوحة، وكذلك الزيارات المزمعة حتى يتم تأكيد الاتهامات أو إسقاطها، كما سيمنع النواب القطريون من دخول مقر البرلمان.
وزارة العدل البلجيكية: كنا ساذجين
وأعلنت وزارة العدل البلجيكية الأربعاء الماضي أن تعاوناً استخباراتياً مع دول أخرى أسهم في كشف فضيحة الفساد المالي التي يعتقد أنها متصلة بقطر، في حين أكدت المتهمة والنائبة الأوروبية اليونانية إيفا كايلي براءتها بانتظار صدور قرار قضائي.
وكشفت وزارة العدل أن جهاز الاستخبارات تعاون بشكل وثيق مع دول أوروبية أخرى لأكثر من عام للكشف عن فضيحة الفساد التي تهز البرلمان الأوروبي حالياً.
ويشتبه ممثلو الادعاء في أن كايلي وثلاثة آخرين تلقوا رشاوى من قطر التي تستضيف حالياً نهائيات كأس العالم لكرة القدم ضمن محاولة للتأثير في صنع القرار داخل الاتحاد الأوروبي، في واحدة من أكبر فضائح الفساد في التكتل الذي يضم 27 دولة.
وقال متحدث باسم وزارة العدل، "كنا ساذجين للغاية لفترة طويلة جداً"، مشيراً إلى ما وصفه بعمليات سرية تقوم بها قوى أجنبية في بلجيكا.
وأضاف، "نسلح الآن أنفسنا بشكل أفضل في مواجهة هذا".
ووصف المتحدث التحقيق بأنه "قضية كبرى تعامل معها أمن الدولة منذ أكثر من عام بالتعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية لتحديد شبهات فساد أعضاء بالبرلمان الأوروبي من جانب دول مختلفة".
عمليات دهم
ونشرت الشرطة البلجيكية صورة لمبلغ 1.5 مليون يورو نقداً صادرته خلال عمليات دهم استمرت من يوم الجمعة إلى الإثنين، بما في ذلك حقيبة ممتلئة بالأوراق النقدية من فئة 50 و 100 يورو إضافة إلى حقيبتين بهما أوراق نقدية من فئة 50 يورو.
وفي المقابل نقلت "رويترز" عن مصدر قضائي قوله إن المشتبه فيهم الثلاثة الآخرين الذين اعتقلوا واتهموا الأسبوع الماضي تم استجوابهم الأربعاء أمام لجنة من ثلاثة قضاة، ستقرر ما إذا كان يتعين عليهم البقاء رهن الاعتقال أو إطلاق سراحهم.
والثلاثة الآخرون هم شريك كايلي والمساعد البرلماني فرانشيسكو جيورجي، والأمين العام لجماعة مسؤولة عن حملات سيادة القانون يدعى نيكولو فيجا تالامانكا، والعضو السابق في البرلمان الأوروبي ومؤسس جماعة ناشطة أخرى غير ربحية يدعى بيير أنطونيو بانزيري، وجميعهم محتجزون منذ الجمعة.
وقال المتحدث باسم مكتب المدعي العام الاتحادي البلجيكي إريك فان دويز لـ "رويترز" الثلاثاء، "بالنسبة إلينا هذه القضية أكثر حساسية وأهمية لأنها تمس قلب الديمقراطية الأوروبية".
وعلى رغم عدم كشف المحققين عن اسم أية دولة، إلا أن مصدراً مطلعاً قال للوكالة إنها قطر التي نفت بشدة هذه الاتهامات، كما أكد مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية أن محققين بلجيكيين يشتبهون في هذا البلد.
ماكرون يدافع عن الدوحة
وبعد قضية الفساد المرتبطة بقطر، دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس عن قراره زيارة الدوحة لدعم المنتخب الفرنسي خلال المونديال قائلاً، "أتحمل بالكامل" مسؤولية زيارة قطر.
ووفقاً لـ "رويترز" أكد ماكرون، "دعمت قبل أربعة أعوام المنتخب الفرنسي في روسيا وأنا أدعمه في قطر".
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن الاتحاد الأوروبي يحتاج أولاً إلى معرفة كل الحقائق المتعلقة بتحقيق تجريه السلطات البلجيكية في قضية فساد مرتبطة بقطر، وكذلك معرفة كل ما يتعلق بالمتورطين في الأمر قبل اتخاذ أية قرارات.
نفي قطري
من جهتها نفت الدوحة أية علاقة لها بالقضية، ونقلت "بلومبيرغ" عن مسؤول قطري قوله إن بلاده تنفي أية صلة لها بهذه الاتهامات، مشدداً على أن "أي ارتباط بهذه المزاعم لا أساس له من الصحة".
وأكدت البعثة القطرية لدى الاتحاد الأوروبي في بيان أن دولة قطر "ترفض رفضاً قاطعاً أية محاولات لربطها بالاتهامات الموجهة إلى عدد من الأشخاص والتي يتم تداولها إعلامياً"، مضيفة أن "التقارير التي تربط بين حكومة دولة قطر والادعاءات المتداولة لا أساس لها من الصحة ومنافية للواقع تماماً".
وتابعت، "تؤكد السفارة أن دولة قطر تعمل دبلوماسياً عبر العلاقات المؤسسية مع الامتثال بشكل كامل للقانون الدولي والقواعد المنظمة للعلاقات بين الدول".