فرضت الولايات المتحدة جولة جديدة من العقوبات على إيران، الأربعاء 21 ديسمبر (كانون الأول)، تشمل المدعي العام ومسؤولين عسكريين رئيسين، بسبب حملة على احتجاجات أشعلت شرارتها وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان عبر "تويتر"، إنها فرضت عقوبات على المدعي العام الإيراني محمد منتظري، متهمة إياه بإصدار توجيه إلى المحاكم في سبتمبر (أيلول) بإصدار أحكام قاسية على عديد من المعتقلين خلال الاحتجاجات.
كما أدرجت الوزارة شركة "أيمن صنعت زمان فرا" الإيرانية، التي قالت وزارة الخزانة إنها تصنع معدات لقوات إنفاذ القانون الإيرانية تشمل المركبات المدرعة المستخدمة في قمع الحشود.
وفرضت واشنطن كذلك عقوبات على اثنين من كبار المسؤولين في قوات الباسيج، وهي ميليشيات تابعة للحرس الثوري تم نشرها على نطاق واسع خلال الحملة، واثنين من مسؤولي الحرس الثوري.
وهذه هي أحدث خطوة في سلسلة الإجراءات التي اتخذتها واشنطن لفرض عقوبات جديدة على المسؤولين الإيرانيين بسبب الحملة على الاضطرابات التي أشعلتها وفاة أميني، وهي شابة كردية إيرانية، في سبتمبر.
تمثل احتجاجات الإيرانيين من مختلف المشارب أحد أجرأ التحديات التي تواجه النظام الديني الحاكم منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وتتهم طهران القوى الغربية بإثارة الاضطرابات التي واجهتها قوات الأمن بأعمال عنف دامية.
المسيرات الإيرانية
من ناحية أخرى، قال مصدر مطلع لـ"رويترز" إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لا تعتزم الكشف، الأربعاء، عن فرض قيود على تصدير الطائرات الإيرانية المُسيرة، التي تستخدمها روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
جاء ذلك في تعليق من المصدر على تقرير لوكالة بلومبرج للأنباء في وقت سابق الأربعاء قال إنه من الممكن أن تعلن الولايات المتحدة عن قيود تستهدف الطائرات المُسيرة الإيرانية ضمن إعلان عن عقوبات من المتوقع أن يتزامن مع زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المفاجئة إلى واشنطن.
ويزور زيلينسكي واشنطن، الأربعاء، لإجراء محادثات مع بايدن، ويلقي كلمة أمام الكونجرس في أول زيارة خارجية معلنة له منذ اجتياح روسيا لبلاده.
وفرضت الولايات المتحدة في السابق عقوبات على شركات وأفراد اتهمتهم بإنتاج أو نقل طائرات إيرانية مُسيرة استخدمتها روسيا لمهاجمة البنية التحتية المدنية في أوكرانيا.
وأقرت إيران بإرسال طائرات مُسيرة لروسيا، لكنها قالت إنها أرسلتها قبل الحرب في فبراير (شباط)، ونفت موسكو استخدام قواتها لطائرات مُسيرة إيرانية في أوكرانيا.
واتهمت بريطانيا، التي فرضت أيضا عقوبات على الطائرات الإيرانية المُسيرة، روسيا الثلاثاء بالتخطيط لإمداد إيران بمكونات عسكرية متطورة مقابل مئات الطائرات المُسيرة.
تراجع قضائي
أمرت المحكمة العليا الإيرانية، الأربعاء 21 ديسمبر (كانون الأول)، بإعادة محاكمة متظاهر شاب حكم عليه بالإعدام مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، بحسب ما كشف موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية.
وماهان صدرات هو، بحسب القضاء الإيراني، من بين 11 شخصاً حكم عليهم بالإعدام لأحداث على صلة بحركة الاحتجاجات التي تهز البلاد منذ ثلاثة أشهر، واندلعت هذه التظاهرات التي تصف السلطات معظمها بأنها أعمال شغب، على خلفية وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في السجن بتاريخ 16 سبتمبر (أيلول)، إثر توقيفها على يد شرطة الأخلاق بزعم مخالفتها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإيرانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأنزلت عقوبة الإعدام بشابين كلاهما في سن الـ 23 من العمر، دينا بقتل أو جرح أعضاء من قوى الأمن أو القوات شبه العسكرية.
ودين الشاب العشريني ماهان صدرات بتهمة الحرابة في الثالث من نوفمبر، بعد أن أشهر سكيناً مثيراً الخوف ومقوضاً الأمن حوله، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
ونفى الشاب أن يكون قد أشهر سكيناً، لكنه أقر بأنه أضرم النيران في دراجة نارية، وفق "إرنا"، وعلق قرار إعدامه الأسبوع الماضي.
وأفاد موقع "ميزان أونلاين" الأربعاء بأنه "بناء على بينات وإثباتات جديدة في قضية ماهان صدرات مرني، اعتبر طلب محاكمة المتهم محاكمة جديدة متوافقاً مع القانون، وأحيلت القضية إلى المحكمة لمحاكمة جديدة"، من دون مزيد من التفاصيل.
وأوضح الموقع التابع للسلطة القضائية أنه "لم يصدر بعد أي حكم نهائي" في حق الطبيب حميد قره حسنلو، ملمحاً إلى أنه لم يحكم عليه بعد بالإعدام بعد أن كانت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية أوردت، الأربعاء، أنه "تم إلغاء حكم الإعدام في حقه".
وكانت منظمة العفو الدولية التي أبلغت أيضاً عن صدور حكم إعدام في حق الطبيب كشفت عن أن حميد قره حسنلو وزوجته كانا متوجهين إلى مراسم تشييع أحد المتظاهرين عندما "علقا في فوضى" اعتداء قاتل أودى بحياة أحد عناصر الـ "باسيج".
لعة العقوبات
قالت مصادر تجارية وبيانات شحن إن عشرات السفن التجارية المحملة بالحبوب والسكر عالقة قبالة الموانئ الإيرانية بعد تأخرها لأسابيع، إذ تعطل مشكلات الدفع تدفق البضائع إلى البلاد.
وأعفت القوى الغربية المواد الغذائية من العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي، لكن تأثير العقوبات على النظام المالي الإيراني جعل من تسديد طهران مدفوعاتها للشركات الدولية أمراً معقداً وغير منتظم.
وأظهرت بيانات تتبع السفن على "رفينيتيف" عدم قدرة السفن على تفريغ شحناتها بسبب مشكلات الدفع الأخيرة، مع وجود ما لا يقل عن 40 ناقلة سائبة عالقة خارج ميناءي بندر الإمام الخميني وبندر عباس، وهما من الموانئ الإيرانية الرئيسة.
ولم يتسن الحصول على تعليق من وزارة الخارجية الإيرانية.
وقالت منظمة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية في تقرير لها في نوفمبر (تشرين الثاني) إن نحو 37 سفينة تحمل 2.2 مليون طن من البضائع لم تتمكن من تفريغ حمولاتها بسبب "مشكلات متعلقة بالمستندات والسداد بالعملة الصعبة" في ميناء بندر الإمام الخميني.
ويمثل الأمن الغذائي أولوية بالنسبة لإيران وقد زادت الحاجة إلى الواردات الغذائية بسبب الجفاف الذي أضر بإنتاج الغذاء المحلي لموسمين متتاليين.
ومن المتوقع أن تستورد إيران 5.5 مليون طن من القمح في موسم 2022-2023، انخفاضاً من 8 ملايين طن في الموسم السابق، لكنها لا تزال أعلى بكثير من المستويات العادية استناداً إلى بيانات وزارة الزراعة الأميركية.
وأظهرت البيانات أنه في المواسم الخمسة السابقة بلغ متوسط الواردات 1.1 مليون طن فقط.
وشهدت إيران اضطرابات استمرت شهوراً دعا خلالها المتظاهرون من جميع قطاعات المجتمع إلى سقوط نظام الحكم الديني، وشكلوا أحد أكبر التحديات للجمهورية التي يحكمها رجال الدين الشيعة منذ ثورة عام 1979.
وقدر مصدر تجاري غربي مطلع على الأمر أن الشحنات العالقة خارج موانئ إيران تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار.