في أحد المخيمات المتناثرة في محافظة مأرب شرق اليمن، يلعب السبعيني أحمد علي بسيل بالتراب بجوار خيمة مهترئة وكوخ وحوش من الحشائش. يقول إنها المرة الثالثة التي يفقد فيها كل ممتلكاته ومقتنياته في رحلة النزوح التي لم تنتهِ بعد.
وأضاف بسيل "غادرت مدينة الحديدة الساحلية في غرب اليمن قبل سبع سنوات باتجاه شرق اليمن واستقرت بي الحال في إحدى مديريات جنوب مأرب التي طالها الهجوم الحوثي وتمكن من السيطرة عليها".
يقول الرجل الكهل "بسبب القصف على المنطقة التي كنت نازحاً فيها اضطررت للنزوح مجدداً، لكننا في رحلة نزوحنا لم نتمكن من اصطحاب إلا الملابس التي نرتديها".
واستطرد قائلاً "نزحنا باتجاه مخيم الرميلة، وبدأت تتشكل حياة، وفي أحد الأيام ذهبت إلى السوق لشراء بعض المتطلبات وعند عودتي وجدت الحريق قد التهم خيامنا بكل ما نملكه ونجت الأسرة والحمدلله".
ويشكو بسيل من أنه بعد كل الذي لحق به وصلت إليه جهات إغاثية وأعطوه خيمة واحدة فقط. ويضيف "نحن أسرة تتكون من خمسة أفراد والبرد قتلنا ولا يوجد تدفئة أو أي وسائل تمنع عنا البرد القارس نصحى من النوم متجمدين من البرد".
ويتساءل النازح السبعيني الذي أثقل التعب ملامحه، بلكنته التهامية "أين نجي أين نجي، أين نروح من الحوثي؟ أين نذهب؟ نزوح وراء نزوح، الحياة في المخيم جحيم، والحياة في الخيام يعلمها الله، لله الأمر من قبل ومن بعد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤول مخيم الرميلة عبدالله عبيد، إن هذا العام هو الأسوأ من بين الأعوام السابقة في المخيم من حيث "شدة الشتاء وغياب المأوى والإيواء كون الخيام أصبحت مهترئة أو تحت مواد محلية الصنع كالكراتين والقراطيس والقش".
وفي مطلع أغسطس (آب) من العام الحالي غمرت السيول مخيم الرميلة الواقع جنوب مدينة مأرب وتحول المخيم إلى جزيرة، بحسب مسؤول المخيم.
وفي نداء استغاثة، توجهت الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب لكل وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن 98 في المئة من المخيمات والمواقع والتجمعات في محافظة مأرب تعاني تأثيرات البرد، مما يجعل كثيراً من الأسر تعيش وضعاً حرجاً في ظل انعدام الحد الأدنى للتدخلات من احتياجات الشتاء.
وأضافت أنها تلقت خلال يومي السبت والأحد من الأسبوع الحالي من ديسمبر (كانون الأول) الجاري نداءات استغاثة من 67 مخيماً عبر إدارة الطوارئ والإنذار المبكر من خلال فريقها الميداني في إدارة المواقع من تأثيرات البرد وموجات الصقيع الأخيرة على الأسر النازحة في المخيمات.
وأكدت الوحدة أن الأسر النازحة تواجه شتاء قاسياً بإمكانات ومأوى مدمر ومتضرر لم يكن ينقص الأسر النازحة سوى البرد وموجات الصقيع لتكتمل معاناتهم، موجات البرد والصقيع التي اكتسحت المخيمات، أخيراً، فاقمت من معاناة هذه الأسر التي لم تكن من دون هذا الشتاء القاسي أفضل حالاً.
وأشارت الوحدة أيضاً إلى أن إجمالي أعداد النازحين المعرضين لموجة البرد بشكل مباشر 81 ألف أسرة نازحة منها 55.991 في المخيمات الموجودة في صحاري مأرب.
ناهيك بعشرات الآلاف من الأسر النازحة التي تسكن خارج المخيمات في الأحواش والمزارع والبيوت المهجورة و"الكونترات" والشبكيات المغطاة بالأغطية القماشية والطرابيل.