تتزايد التحذيرات في الولايات المتحدة من تطبيق "تيك توك" والأخطار التي تشكلها روابطه مع الصين على الأمن القومي، بحسب منتقديه، ومن حججهم أن منصة "تيك توك" تعتمد على غرار منافساتها "إنستغرام" و"سناب شات" و"يوتيوب" بشكل كبير على تداول بيانات مستخدميها، ومعظمهم من الشباب الذين لا يكترثون كثيراً لهذا الأمر.
ويساور منتقدو "تيك توك" القلق من وصول هذه البيانات إلى شركة "بايت دانس" الأم التي تخضع نظرياً لسيطرة الحزب الشيوعي الصيني.
مبالغ فيها
إلا أن بعض الخبراء يعتبرون أن هذه المخاوف مبالغ فيها، مشيرين إلى أن عدداً من الجهات الخبيثة يمكنها الوصول إلى هذه البيانات بغض النظر عمن يملك المنصة.
الباحث في كلية السياسة العامة بـ "جامعة ديوك" جاستن شيرمان قال "إذا كنا نتحدث عن البيانات المتعلقة بالمواطنين الأميركيين فلا توجد قوانين تنظمها، وهناك القليل جداً من اللوائح التنظيمية، وتقوم الشركات باستمرار بجمع كميات هائلة من البيانات، سواء كانت شركات أميركية أم أجنبية".
ومثل جميع التطبيقات فمن المحتمل أن يؤمن "تيك توك" الوصول إلى البيانات والميزات الأخرى على هاتف المستخدم، لكن "تيك توك" قالت هذا العام إنها ستخزن في الولايات المتحدة جميع المعلومات المتعلقة بالمستخدمين الأميركيين.
المدير العام لـ Cyber Threat Alliance مايكل دانيال، وهي منظمة غير حكومية متخصصة بأمن المعلومات، قال إنه "عندما تقوم بتنزيل تطبيق على الهاتف فمن الممكن استخدام هذا التطبيق للوصول إلى أشياء أخرى".
وأوضح المنسق السابق للأمن السيبراني في مجلس الأمن القومي الأميركي أنه من خلال التطبيق يمكن لمشغل خبيث على وجه الخصوص "تفعيل الميكروفون أو الكاميرا الخاصة بهذا الجهاز من دون أن يعلم المستخدم بذلك"، بينما أشار مسؤول الاستراتيجيات الأمنية في شركة "Cato Networks" للأمن السيبراني إيتاي ماور إلى برنامج "بيغاسوس" الذي وضعته شركة "أن أس أو" الإسرائيلية ويستخدمه بعض القادة السياسيين لمراقبة المعارضين.
وأوضح، "مع ’تيك توك‘ قد نقوم بتثبيت الإصدار الصيني من بيغاسوس على هواتفنا الذكية"، مضيفاً "أعتقد أن هذا هو ما يقلق الحكومة في الولايات المتحدة".
تشكيل مشهد المعلومات
ومن الأخطار المرتبطة بـ "تيك توك"، يشير الخبراء كذلك إلى إمكان قيام السلطات الصينية بمراقبة محتوى معين ليتماشى مع سياسة الحزب الشيوعي الصيني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح دانيال أن "الحكومة الصينية يمكنها أن تأمر ’تيك توك‘ بعدم السماح بتسريب المحتوى الداعم للاحتجاج في التيبت أو تايوان عبر منصتها، وبالتالي تشكيل مشهد المعلومات" المتاح للمستخدمين.
وتؤكد "تيك توك" أنها لم تتدخل أبداً في محتواها لإرضاء السلطات الصينية، واعتبر شيرمان أنه "بالنظر إلى كيفية قيام السلطات الصينية بمراقبة المعلومات والحد من عمل الصحافيين، فليس من المستبعد على الإطلاق أن يتكرر الأمر على ’تيك توك‘ في أي مكان آخر".
التأثير في الرأي
وإضافة إلى احتمال تعديل المحتوى ذي التوجه السياسي، يثير المراقبون احتمال استخدام "تيك توك" للتأثير في الرأي وتعطيل العملية الديمقراطية في الولايات المتحدة، على غرار الحملة التي قادتها روسيا قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.
وأظهرت دراسة أجرتها منظمة "Global Witness" ومركز الأمن السيبراني للديمقراطية التابع لـ "جامعة نيويورك"، بالفعل أن "تيك توك" سربت العديد من مقاطع الفيديو التي تحوي معلومات مضللة أثناء الحملة الأخيرة للانتخابات التشريعية الأميركية.
وبعد دراسة مقارنة سجلت "تيك توك" أسوأ النتائج بين جميع المنصات التي تم اختبارها وبينها "فيسبوك" و"يوتيوب".
وفي ردها على هذه الثغرات، وضعت الشبكة الاجتماعية تدابير جديدة من الاعتدال وتطلب الآن التحقق من الحسابات الحكومية والسياسية.
ضغوط الجمهوريين
ويشكك بعض الخبراء في قدرة "تيك توك" على طمأنة مخاوف الولايات المتحدة، إذ تم نبذ المنصة من حيث المبدأ بسبب علاقاتها مع الصين، وهو أمر من شأنه أن يزداد تدهوراً مع سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب خلال يناير (كانون الثاني).
ويمارس الجمهوريون، الأكثر عداء للصين من الديمقراطيين تقليدياً، ضغوطاً على حكومة الرئيس جو بايدن التي تتفاوض حالياً مع "تيك توك" على بروتوكول محتمل من شأنه معالجة مخاوف الأمن القومي.
وتتواصل المحادثات منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفقاً لموقع "بوليتيكو"، ولا تزال الخلافات قائمة داخل الحكومة مما قد يؤدي إلى تعثرها والدفع بالدولة الأميركية نحو إرغام شركة "بايت دانس" على بيع "تيك توك".