قال المجلس الديموقراطي الكردي في فرنسا إنه من "غير المقبول" عدم وصف إطلاق النار الذي وقع في باريس وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح ثلاثة آخرين، بأنه "هجوم إرهابي"، وقال أجيت بولات المتحدث باسم المجلس في مؤتمر صحافي في مطعم يبعد 100 متر عن مكان الهجوم "من غير المقبول عدم الحديث عن الطابع الإرهابي ومحاولة الإيحاء بأنه مجرد ناشط يميني متطرف جاء لارتكاب هذا الاعتداء على مقرنا"، وأضاف أن "الوضع السياسي في تركيا في ما يتعلق بالحركة الكردية يدفعنا بشكل واضح إلى الاعتقاد بأن هذه اغتيالات سياسية"، قبل أن يضيف أن المجلس يعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب "أردوغان والدولة التركية يقفان وراء هذه الاغتيالات".
"وقف هذه اللعبة الخبيثة"
ودعا ممثلو المجلس الديموقراطي الكردي السلطات الفرنسية إلى "الكف عن مراعاة السلطات التركية عندما يتعلق الأمر بأمن الأكراد".
وطالب أجيت بولات السلطات الفرنسية بـ "وقف هذه اللعبة الخبيثة"، مشيراً إلى أنه عبر للاستخبارات الفرنسية عن "مخاوف" تتعلق بأمن الناشطين الأكراد، "قبل 20 يوماً فقط".
وحول الضحايا، قال المجلس إن أحدهم فنان كردي لاجئ سياسي و"ملاحق في تركيا بسبب فنه"، والرجل الثاني وهو "مواطن كردي عادي" يتردد على الجمعية "يومياً"، وأضاف بولات أن المرأة التي قتلت كانت قد تقدمت بطلب للجوء سياسي "رفضته السلطات الفرنسية".
هجوم بالرصاص
وقُتل ثلاثة أشخاص وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في هجوم بالرصاص وقع أمام مركز ثقافي كردي في وسط باريس، واستخدمت الشرطة الفرنسية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين أكراد تجمّعوا قرب مركز ثقافي كردي في وسط باريس. وبدأت الصدامات عندما حاول الحشد اختراق طوق أمني فرضته الشرطة حول وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي توجّه إلى مكان الهجوم للاطلاع على آخر مستجدات التحقيق والتحدث إلى الصحافيين.
وأطلقت القوات الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين ألقوا من ناحيتهم مقذوفات باتجاهها وأحرقوا حاويات قمامة وأقاموا حواجز في الشارع. وحُطّمت نوافذ سيارات عدة كانت مركونة في المنطقة وكذلك سيارات للشرطة.
وردد بعض المتظاهرين هتافات مؤيّدة لحزب العمال الكردستاني، وهو منظمة كردية تصنفها تركيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على أنها "إرهابية".
وحاول العديد من المتظاهرين في وقت سابق تجاوز الطوق الأمني للوصول إلى المركز الثقافي، الذي يحمل اسم المغني الراحل أحمد كايا، والذي تستخدمه مؤسسة خيرية تنظم حفلات موسيقية ومعارض، وتساعد الشتات الكردي في منطقة باريس.
استهداف الأجانب
وقال دارمانان للصحافيين إن مطلق النار البالغ 69 عاماً وهو سائق قطار متقاعد، "استهدف بوضوح أجانب"، مضيفاً أنه "ليس مؤكداً" إذا ما كان قد حاول قتل "الأكراد على وجه الخصوص" أم لا. وتابع الوزير، "ما زلنا لا نعرف دوافعه بالضبط."
ورداً على سؤال حول إذا ما كان أي من الضحايا في إطلاق النار على صلة بحزب العمال الكردستاني، قال دارمانان إن الضحايا هم على ما يبدو غير معروفين للأجهزة الأمنية الفرنسية.
وأكّد الوزير عدم وجود معلومات حتى الآن عن صلات للمشتبه فيه مع نشطاء من اليمين المتطرّف، وقال إن الرجل عضو في نادي رياضي للرماية "ولديه عدة أسلحة مسجّلة".
وأوضح الوزير أنه أمر بتشديد الإجراءات الأمنية في أماكن التجمّع الكردية في فرنسا وكذلك في محيط المقرات الدبلوماسية التركية. ولفت إلى أن المسؤولين المعنيين سيجتمعون لتقييم احتمال وجود تهديدات أخرى للجالية الكردية في باريس أو في أي مكان آخر في فرنسا.
المهاجم معروف
وأكدت المدعية العامة في باريس لور بيتشو أن المهاجم المشتبه فيه والذي اعتقلته الشرطة معروف للسلطات، مضيفةً أن السلطات ستحقق في أي دوافع عنصرية محتملة وراء الهجوم.
وقالت بيتشو إن المشتبه فيه رجل يبلغ من العمر 69 عاماً واتهم العام الماضي بجريمة عنف عنصري، حين طعن مهاجرين اثنين على الأقل بسكين في مخيم بالعاصمة الفرنسية في هجوم وقع في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2021.
واستنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الهجوم المشين" الذي "استهدف الأكراد في فرنسا". وأضاف في تغريدة، "كل التعاطف مع الضحايا، الأشخاص الذين يكافحون من أجل العيش، أسرهم وأحبائهم. كل التقدير لقوات شرطتنا على شجاعتها ورباطة جأشها".
مركز كردي
وحدث إطلاق النار قبل ظهر الجمعة 23 ديسمبر، في شارع دانغان في الدائرة العاشرة وسط العاصمة، في محيط مركز ثقافي كردي في منطقة تجارية وحيوية ويؤمها بشكل خاص أفراد المجتمع الكردي.
وقالت رئيسة بلدية الدائرة العاشرة ألكسندرا كوردبرد إن "إطلاق النار وقع في مركز للجالية الكردية في شارع دانغان وكذلك في مطعم يواجه المركز الكردي ومحل لتصفيف الشعر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ديفيد أنديك، وهو محام لمركز الجالية الكردية، لوكالة"رويترز"، إن القتلى الثلاثة هم من أفراد الجالية الكردية بالمنطقة.
وأعلن مكتب المدعي العام أن السلطات الفرنسية تعتبر الواقعة انتهت.
وقالت النيابة العامة، "فُتح تحقيق في جرائم اغتيال والقتل العمد والعنف المشدد"، و"أوكلت التحقيقات في الوقت الحالي إلى الدائرة الثانية للشرطة القضائية". وأضافت أنه "تم القبض على رجل عمره بين 60 و70 سنة" يجري التحقق من هويته.
"أمر مخيف"
وقال مصدر في الشرطة إن المشتبه فيه بإطلاق النار "فرنسي أبيض البشرة" وهو "في الستين من عمره تقريبا"، وله سوابق في محاولتي قتل. وأضاف أن الرجل "اعتقل مع سلاحه... دوافعه ما زالت مجهولة في الوقت الحالي".
وذكرت قناة "بي إف إم" التلفزيونية أن الرجل الذي اعتقل معروف للسلطات الفرنسية وهاجم مخيماً للمهاجرين قبل عام.
وأشار مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أنه عند تقاطع شارعي دانغان ودوتوفيل أحضرت نقالات بهدوء إلى المكان حيث فرضت الشرطة طوقاً أمنياً.
وكانت شرطة باريس قالت إنها تتعامل مع واقعة في شارع دانغان وطالبت السكان بالابتعاد عن المنطقة.
وكتب نائب رئيس البلدية إيمانويل غريغوار على "تويتر"، "وقع هجوم مسلح. شكراً لقوات الأمن على تحركها السريع... قلوبنا مع الضحايا ومن شهدوا هذه الفاجعة".
وقالت امرأة من متجر في مبنى مجاور، طلبت عدم كشف عن هويتها، لوكالة الصحافة الفرنسية، "أطلقت سبع أو ثماني طلقات في الشارع، إنه أمر مخيف، بقينا محبوسين في الداخل".
ودان المستشار الألماني، أولاف شولتس، الهجوم "المروّع"، وقال في تغريدة على "تويتر" إنّ "عملاً مروّعاً هزّ اليوم باريس وفرنسا. كلّ التعاطف مع الضحايا وعائلاتهم".
وأعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن عميق تعاطفه مع الشعبين الكردي والفرنسي. وكتب في تغريدة على "تويتر"، "كل التعاطف مع ضحايا الهجوم على المركز الثقافي الكردي في باريس".
وأضاف، "أفكاري مع أبناء الجالية الكردية وشعب فرنسا في هذا اليوم الحزين".