ذكرت دراسة صدرت نتائجها أخيراً أن الحوامل اللاتي يتبعن النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط أقل عرضة بأكثر من الربع لخطر الإصابة بحالة صحية خلال الحمل ربما تكون مميتة.
وجد علماء أن اتباع هذا النظام الغذائي، الذي يتكون أساساً من الفاكهة والخضراوات والمكسرات وزيت الزيتون والحبوب الكاملة والأسماك، يحد بنسبة 28 في المئة من خطر مواجهة "مقدمات الارتعاج" أو "مقدمات الانسمام الحملي" pre-eclampsia، ما يعرف عادة بـ"مقدمات تسمم الحمل".
كان التأثير الإيجابي الذي يطرحه النظام الغذائي المتوسطي ملحوظاً جداً بين الأمهات الأكبر سناً الذين تراوحت أعمارهن بين 35 سنة أو أكثر، وفق النتائج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اكتشف باحثون من "معهد سميدت للقلب" في "مستشفى سيدارز سيناي" في لوس أنجليس بكاليفورنيا، أن النساء اللاتي حدث الحمل لديهن خلال مواظبتهن على هذا النظام الغذائي المضاد للالتهاب "تراجع لديهن بشكل ملحوظ" احتمال ظهور هذه المضاعفات التي تنطوي على خطر الوفاة المحتملة.
أبرز الأعراض التي تصاحب "مقدمات تسمم الحمل" الارتفاع الشديد في ضغط الدم وتلف الكبد أو الكلى.
وتشكل حالة الصحة هذه سبباً رئيساً لحدوث مضاعفات خطيرة والوفاة للأم وطفلها الذي لم يولد بعد. كذلك تضاعف احتمال إصابة المرأة بأمراض القلب، مثل ارتفاع ضغط الدم أو النوبة القلبية أو السكتة الدماغية أو قصور القلب، في وقت لاحق من حياتها.
تصيب "مقدمات تسمم الحمل" واحدة من كل 14 امرأة حامل، من بينهن مشاهير على غرار كيم كارداشيان وماريا كاري وصوفي إليس بيكستور.
"مقدمات تسمم الحمل" التي تظهر في نحو 42 حالة حمل سنوياً )ستة في المئة) في المملكة المتحدة، تقلص مستوى تدفق الدم عبر المشيمة [نسيج كبير يربط الجنين بالرحم]، ومن شأنها أن تؤدي إلى ولادة جنين ميت أو حتى وفاة الأم.
والأطفال الذين يولدون لأمهات واجهن "مقدمات الارتعاج" عرضة أكثر للإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
وفيما تبقى الأعراض خفيفة لدى كثير من النساء، فإنها تشتد في بعض الحالات إلى حد أن الطفل يحتاج إلى الولادة قبل الموعد المحدد.
الدراسة الأخيرة، التي نُشرت في مجلة "جاما نتوورك أوبن"JAMA Network Open، عملت كذلك على تقييم العلاقة التي تربط بين النظام الغذائي المتوسطي وبين مضاعفات حمل أخرى غير تسمم الحمل، من بينها سكري الحمل وارتفاع ضغط الدم، والولادة المبكرة، وولادة طفل صغير بالنسبة إلى عمر الحمل، وولادة الجنين ميتاً.
وقالت كبيرة الباحثين الدكتورة ناتالي بيلو إن هذه الدراسة تثبت أن نمط الأكل الصحي يرتبط بانخفاض خطر حدوث نتائج حمل سلبية، والجزء الأكثر إثارة انخفاض خطر الإصابة بـ"مقدمات تسمم الحمل" بنسبة 28 في المئة.
"الأهم من ذلك، أن هذه العلاقة بين النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط من جهة، وتراجع خطر حدوث نتائج صحية سلبية للحمل من جهة أخرى، قد لوحظ في مجموعة سكانية متنوعة جغرافياً وعرقياً وإثنياً"، أضافت بيلو.
وأشارت الدكتورة بيلو أيضاً إلى أن العلاقة المذكورة كانت أقوى لدى النساء اللاتي يُعتبرن في العادة في السن المتقدمة للأمومة، أي من يبلغن من العمر 35 سنة أو أكبر.
بالإضافة إلى تسمم الحمل، قالت الدكتورة بيلو إن خطر الإصابة بسكري الحمل انخفض أيضاً لدى النساء اللاتي التزمن بنظام غذائي صحي للقلب.
كانت الدراسة جزءاً من "دراسة نتائج حمل لم ينتج منه أولاد: مراقبة أمهات المستقبل" التي التحق بها أكثر من 10 آلاف امرأة بين عامي 2010 و2013. من بين النساء المسجلات، تضمنت الدراسة سبعة آلاف و798 امرأة.
طُلب من النساء الحوامل بطفلهن الأول الإجابة عن استبيان حول الخيارات الغذائية خلال زيارتهن الأولى من الدراسة، والتي حدثت في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
ركز الاستبيان على عادات تناول الطعام لدى النساء خلال الأشهر الثلاثة السابقة لزيارتهن الدراسية، وطلب منهن الإبلاغ عن تناولهن أطعمة ومشروبات شائعة.
بغية احتساب مجموع نقاط النظام الغذائي المتوسطي، وزعت الإجابات بعد ذلك بين العناصر التسعة التي تشتمل عليها هذه الحمية: الخضروات، والفواكه، والمكسرات، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والأسماك، ونسبة الدهون الأحادية غير المشبعة إلى الدهون المشبعة، واللحوم الحمراء والمعالجة، والكحول لحساب درجة النظام الغذائي المتوسطي.
وأظهرت حمية البحر المتوسط التي حصلت على مجموع نقاط مرتفع كانت مرتبطة باحتمالات أقل بنسبة 21 في المئة لحدوث أي نتائج سلبية للحمل، فضلاً عن انخفاض خطر الإصابة بمقدمات تسمم الحمل/ تسمم الحمل بنسبة 28 في المئة وانخفاض خطر الإصابة بسكري الحمل بنسبة 37 في المئة.
وقالت الدكتورة بيلو، مديرة بحوث قسم ارتفاع ضغط الدم في "معهد سميدت للقلب" إنها وزملاءها "نظروا أيضاً في المكونات الفردية لنظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي ووجدنا أن تناول كميات أكبر من الخضار والبقوليات والأسماك مرتبط بانخفاض خطر نتائج الحمل السلبية".
البروفيسورة كريستين ألبرت، رئيسة قسم أمراض القلب، التي لم تشارك في الدراسة، قالت إن النتائج مجتمعة تظهر أن تبني نمط غذائي متوسطي قد يمثل "أسلوب حياة مهماً" للوقاية من نتائج الحمل السلبية، لا سيما لدى النساء في السن المتقدمة للحمل.
في السابق، عملت ثلاث دراسات قائمة على الملاحظة، اشتملت كل واحدة منها على عدد "متواضع" من المشاركين، على البحث في العلاقة بين الالتزام بهذا النمط الغذائي الصحي في وقت قريب من الحمل، وبين خطر الإصابة بمقدمات الارتعاج.
وأضافت البروفيسورة ألبرت إن "هذه النتائج تشكل إضافة إلى مجموعة الأدلة المتزايدة التي تثبت أن النظام الغذائي المتوسطي قد يؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على صحة المرأة طوال العمر، بما في ذلك أثناء الحمل".
وتقول الدكتورة بيلو إن ضرورة النهوض بدراسات طويلة الأجل لتقييم ما إذا كان الترويج للنظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط في وقت قريب من فترة الحمل وطوال أشهر الحمل في مقدوره أن يحول دون حدوث مضاعفات الحمل، ويخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في المستقبل.