Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صناديق تقاعد الشركات قوة خفية يجب استغلالها في الاستثمار الأخضر

على أي شخص يعتقد أن الرواتب التقاعدية غير مهمة أن يعيد التفكير بالأمر

مبالغ صناديق التقاعد الضخمة يمكن استثمارها في مشاريع الطاقة المتجددة (حملة "اجعل أموالي ذات طائل")

عندما كنا نعمل من أجل تنظيم حملة "لايف 8 لنجعل الفقر شيئاً من الماضي" Live 8 Make Poverty History [سلسلة من الحفلات الموسيقية الخيرية]، حاولنا الاجتماع مع مجموعة من قادة الأعمال. وبحسب ما أذكر، فقد استغرق ترتيب اللقاء وقتاً طويلاً، وعندما تم عقده في نهاية المطاف، حضر عشرة رجال في بزاتهم الرسمية. لم تسرْ الأمور على ما يرام. نظروا إلينا كما لو كنا شيوعيين خطرين من حملة بطاقات العضوية في الحزب، ولم يستطيعوا أن يفهموا ما علاقة الحملة بهم من قريب أو بعيد.

لكن هذا الأمر كله تغير. وعلى امتداد الأعوام العشرين الماضية، أدرك عدد كبير من الشركات القوة الكامنة في الأعمال التي تجعلها قادرة على فعل الخير. وأظهرت الشركات من خلال وضع مصلحة الكوكب ومن عليه في صميم أعمالها، أنك تستطيع السعي إلى بلوغ هدف من دون أن يمنعك ذلك من تحقيق الربح.

إلا أن ثمة شيئاً غريباً، وهو أن قلة قليلة منها قد فكرت في استغلال واحدة من أقوى الأدوات الموجودة في ترسانتها، أي صندوق الشركة الخاص بالتقاعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنها بمثابة مفاجأة بالنسبة لي، بقدر ما هي مفاجأة بالنسبة لك، أي أنني أكتب عن الرواتب التقاعدية. لم أفكر بشأن راتبي التقاعدي حتى وقت قريب، إذ تخيلت أنه مودع في غرينغوتس [بنك السحرة في حكايات هاري بوتر] وهو يتراكم ببطء بسبب الفوائد التي يكسبها من خلال بعض الخيمياء المالية [الإجراءات المالية]، وكان لدي أمل بألا يزعجني ذلك كثيراً طوال الوقت.

ولكن عندما بحثت في الأمر، وجدت أن رواتبنا التقاعدية تتمتع بإمكانات غير عادية، ليس فقط لبناء عائدات سخية ولكن أيضاً لبناء كوكب موفور الصحة.

إن القيمة الإجمالية للرواتب التقاعدية في المملكة المتحدة تبلغ 3 تريليونات (نعم تريليونات) جنيه استرليني (3.6 تريليون دولار)، وتدل البحوث أن نقل راتبك التقاعدي من صندوق "تلقائي"، حيث تصب معظم رواتبنا التقاعدية، إلى هيكلية أكثر حرصاً على البيئة هو أكثر فعالية بـ21 مرة في خفض انبعاثات الكربون الخاصة بك، من إقلاعك عن السفر بالطائرة وتبديل مزود الطاقة واتباع نظام غذائي نباتي، معاً.

ولكن على رغم أن الرواتب التقاعدية تتمتع بهذا النوع من القوة المتمثلة في هذا القدر الهائل من المال الذي يمكن استثماره من أجل جعل العالم أكثر أماناً وخضرة، إلا أن الشركات لا تقوم باستغلال هذه القوة. إن لدى 95 من أصل 100 شركة في مؤشر فوتسي FTSE، خطط استدامة برّاقة، إلا أن خمساً فقط من هذه الخطط تورد ذكر الرواتب التقاعدية، على رغم حقيقة أن الشركات المالية بحسب مخططاتها تورد صندوق الرواتب التقاعدية سنوياً بمبلغ 20 مليار جنيه استرليني (24.1 مليار دولار).

وإن هذا مبلغ ضخم من المال من الممكن استثماره في الطاقة المتجددة، وفي الإسكان الميسر وفي الشركات الناشئة الرائعة الصديقة للكوكب. بيد أن هذا المبلغ غالباً ما يجري استثماره في مشاريع خاصة بالوقود الأحفوري أو السجائر، او السلاح، أو القمار أو المواد الإباحية.

إن توافر طاقة متجددة في مكتبك أمر عظيم، كما أن وجود الطعام النباتي الصرف في المطبخ يفيد. ولكن لماذا تتخذ أي شركة هذه الخطوات ثم تترك رواتبها التقاعدية تفسد كل عملها الشاق وراء الكواليس؟

يجب على أي شخص يعتقد أن الرواتب التقاعدية غير مهمة أن يفكر بالأمر مرة أخرى. ألقينا في حملة "اجعل أموالي ذات طائل" Make My Money Matter [حملة مستقلة لترشيد استثمارات الرواتب التقاعدية] نظرة على البصمة الكربونية الخاصة بشركات مؤشر "فيستي" الـ 100، وقارنا ذلك بالبصمة المالية لرواتبها التقاعدية. وكانت النتائج مذهلة.

تعتبر الانبعاثات الكربونية التي يجري تمويلها من الرواتب التقاعدية أعلى بسبعة أضعاف من انبعاثات الشركات صاحبة هذه الرواتب التقاعدية. ويعني هذا أنه مقابل كل طن من الكربون تنتجه شركتك، يمكن أن تكون رواتب شركتك التقاعدية مسؤولة عن تمويل سبعة أضعاف تلك الانبعاثات.

إذاً ماذا يمكننا أن نفعل بشأن ذلك؟ حسناً، في البداية، دعونا نتحدث عن الأمر قدر الإمكان. إذا كنت تقرأ هذا، تحقق من وضع راتبك التقاعدي. ودعونا نجعل الجميع يطرحون السؤال: أين يجري استثمار أموالي، وما هو نوع التأثير الذي تحدثه؟

تعرفت أخيراً على ديبورا ميدن الرائعة، وهي من المشاركين في برنامج "وكر التنين" Dragon’s Den الذي تبثه "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، وأثار اهتمامي ما اكتشفته لديها من شغف بالرواتب التقاعدية الخضراء يكاد يكون كبيراً قدر شغفي بها، وهي تعتقد أن هذا النقاش كبير وضروري.

وعلى حدّ تعبير ديبورا فإنه "نظراً لانتشار عمليات الغسل الأخضر [الادعاءات الكاذبة لشركة ما حول تأثيرها الإيجابي على البيئة] في الصناعات في أنحاء العالم، فإن الشركات تجازف بتقويض غير متعمد للعمل الجيد الذي ربما كانت تقوم به من أجل متابعة نشاطها بشكل أكثر استدامة. أعرف بصورة مباشرة أن الشركات تنظر حالياً إلى الاستدامة كجزء أساسي من عملياتها وتدرك مسؤوليتها في إنقاذ كوكبنا. إلا أنني أرى أيضاً شركات تدعي أنها صديقة للبيئة لكن ادعاءاتها هذه لا تصمد دائماً أمام التدقيق".

وتضيف "وسواء كان ذلك متعمداً أم لا، فإن عمل الشركات المتعلق بالاستدامة يمكن أن يضيع عن طريق الاستثمارات الضارة ضمن نظام راتبها التقاعدي ويجب ألا تتجاهل هذه الفرصة الضخمة لكي تصبح قائدة حقيقية في مجال المناخ".

استغلال الرواتب التقاعدية بشكل فعّال لن يساعد الشركات على مكافحة أزمة المناخ فحسب، بل يمكنه أيضاً أن يكون مصدر إلهام لموظفيها وإشراكهم في الجهود، إذ إن العديد من هؤلاء العاملين مصممون أكثر من أي وقت مضى على جعل أموالهم ذي طائل. ويريد موظفون بنسبة ضخمة تقدر بـ72 في المئة الآن أن تستثمر شركتهم رواتبهم التقاعدية بشكل مستدام. وأنا مندهش من أن النسبة منخفضة إلى هذا الحد، إذ لا أستطيع أن أفهم لماذا لا يقول أي شاب يلتحق بشركة ما "حسناً بالطبع أريد راتباً تقاعدياً مستداماً".

لذلك، إذا كنتم تريدون أن تؤدوا دوركم في [معالجة] أزمة المناخ، فقد آن الأوان للتفكير في رواتبكم التقاعدية. يمكنكم الانضمام إلى 100 شركة أخرى، من "أوكتوبوس" إلى "إي واي" EY، و"تيسكو" و"إيكيا"، التي وقعت كلها على ميثاق الرواتب التقاعدية الخضراء الخاص بحملة "اجعل أموالي ذات طائل" ما يعني أنها توائم بين نظام الرواتب التقاعدية لديها وبين استراتيجيات الاستدامة الخاصة بهم.

مارك كوديغان، الرئيس التنفيذي لشركة "مطبخ إيللا" Ella’s Kitchen هو أحد الموقعين على ميثاقنا، يقول "الرواتب التقاعدية ليست هي أول ما تفكر فيه عند محاولة تحقيق تأثير إيجابي. ولكن إذا كان هناك شيء واحد بسيط، واحد فقط، يمكننا القيام به للانتقال إلى عالم صفر انبعاثات [كربونية] فإنه سيتمثل في البحث عن المكان الذي يتم فيه استثمار أموالنا والتأكد من أنها تُستثمر في الشركات التي تتوافق مع قيمنا".

ونحن نساعدهم بإرشاداتنا على استثمار أموالهم بطريقة تخدم القيم التي ينادون بها وإشراك موظفيهم وعملائهم في العملية برمتها.

وفي النهاية، إن هناك منطقاً عاطفياً بسيطاً وراء كل ذلك، وهو أن الرواتب التقاعدية هي طريقتنا لضمان مستقبل آمن ومريح لأنفسنا. وسيكون من الجنون أن تؤدي رواتبنا التقاعدية بنا بالفعل إلى التقاعد في عالم قد أضرمت فيه النار. لقد حان الوقت للانتقال الآن إلى رواتب تقاعدية مستدامة، إذ بدأنا جميعاً نشم رائحة الدخان [تصاعد الخطر المحدق بنا جراء أزمة المناخ].

على امتداد السنوات العشرين الماضية، احتضنت الشركات إمكانات الاستدامة، للناس والكوكب، وأيضاً لزيادة الأرباح. ولكن الخطوة التالية حالياً تتمثل في جعل أموالنا ذي طائل. لأنه إذا كنت ستعمل على الحفاظ على البيئة، فقد حان الوقت ليكون راتبك التقاعدي أيضاً في هذا المنحى.

ريتشارد كيرتيس، حامل وسام الإمبراطورية البريطانية برتبة قائد، هو مخرج ومنتج وكاتب سيناريو أفلام، ومؤسس حملة "اجعل أموالي ذات طائل" Make My Money Matter.

© The Independent

اقرأ المزيد