حكمت محكمة عسكرية في ميانمار، الجمعة 30 ديسمبر (كانون الأول)، بالسجن سبع سنوات على الحاكمة المدنية الفعلية السابقة أونغ سان سو تشي بعد إدانتها بالفساد، وفق ما أعلن مصدر قضائي في ختام محاكمة استمرت 18 شهراً لحائزة نوبل للسلام وأفضت إلى أحكام بسجنها 33 عاماً في المجموع.
وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المعارضة الشهيرة بدت "بصحة جيدة"، وقد تنهي في السجن حياة تميزت بكفاحها من أجل الديمقراطية.
وسو تشي موقوفة منذ انقلاب الأول من فبراير (شباط) 2021 الذي أنهى فترة وجيزة من الحريات في هذه الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا والمعروفة بتاريخها المضطرب.
تهم فساد
ودانت محكمة في العاصمة نايبيداو تنظم جلساتها بشكل استثنائي في السجن حيث تخضع سو تشي لحبس انفرادي، الزعيمة السياسية الجمعة بخمس تهم فساد.
وقال المصدر إن الرئيس الميانماري السابق وين مينت المتهم في المحاكمة نفسها، حكم عليه بالعقوبة ذاتها وسيستأنف كل منهما الحكم.
وأوضح المصدر القضائي أن الحكم الذي صدر الجمعة على سو تشي (77 سنة) يتعلق بخمس تهم مرتبطة بقضية استئجار مروحية وصيانتها تسببت "بخسائر للدولة" نظراً إلى عدم احترامها القواعد.
وقالت هتوي هتوي ثين، الأستاذة المشاركة في جامعة كيرتن الأسترالية، إن الاتهامات بالفساد "سخيفة"، مشيرة إلى أنه "لا يوجد أدنى أثر للفساد في قيادة أونغ سان سو تشي أو أسلوب حياتها".
وذكر مصدر طالباً عدم الكشف عن هويته، أن "كل القضايا انتهت ولم تعد هناك اتهامات موجهة إليها".
وعد بانتخابات قريبة
ومن الفساد إلى التزوير الانتخابي وانتهاك أسرار الدولة وقيود مكافحة "كوفيد-19"، دينت سو تشي منذ بدء الإجراءات القانونية في يونيو (حزيران) 2021، بجرائم عدة.
ويفتح انتهاء محاكمتها التي دانتها منظمات حقوق الإنسان معتبرة أنها سياسية، مرحلة من عدم اليقين في ميانمار، مع احتمال إجراء انتخابات في عام 2023 وعد بها العسكريون لاكتساب شرعية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودفعت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في عامي 2015 و2020 الرابطة الوطنية للديمقراطية إلى السلطة، وهو الحزب الذي أسسته أونغ سان سو تشي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
وبرر الجيش انقلابه في عام 2021 بالقول إنه اكتشف ملايين الأصوات غير النظامية في الاقتراع الذي اعتبره عدد كبير من المراقبين الدوليين حراً.
وانتقدت الولايات المتحدة خطة الجيش لإجراء انتخابات جديدة، لكن روسيا حليفته الموثوقة ومورده الرئيس للسلاح، رحب بها.
ودعا مجلس الأمن الدولي هذا الشهر إلى الإفراج الفوري عن أونغ سان سو تشي في أول قرار يتخذه منذ عقود بشأن الوضع في ميانمار. وأقرت هذه الدعوة التي جاءت في لحظة وحدة نادرة، بفضل امتناع الصين وروسيا الداعمتين لنايبيداو عادة، عن التصويت.
إقامة جبرية؟
ومنذ الانقلاب، لم تشاهد سو تشي سوى مرات قليلة في صور مشوشة التقطتها وسائل الإعلام الحكومية في قاعة محكمة خالية.
ويرى خبراء أنها يمكن أن تقضي جزءاً من عقوبة السجن في إقامة جبرية.
وقال فيل روبرتسون، نائب مدير آسيا في المنظمة غير الحكومية "هيومن رايتس ووتش"، إن الأحكام التي صدرت عليها "مرادفة للسجن مدى الحياة" نظراً إلى سنها.
من جهته رأى ريتشارد هورسي الخبير في شؤون ميانمار في مجموعة الأزمات الدولية، أنها "نهاية مهزلة قضائية والسؤال الآن هو ماذا سيفعل النظام مع أونغ سان سو تشي - في مسألة السماح لها بقضاء عقوبتها في الإقامة الجبرية أو بمقابلة مبعوثين أجانب".
وأضاف أنه "من غير المرجح أن يكون النظام على عجلة من أمره في إصدار قرارات من هذا النوع".
وما زالت أونغ سان سو تشي تتمتع بشعبية في البلاد وإن تضررت صورتها على المستوى الدولي بسبب عدم قدرتها على الدفاع عن أقلية الروهينغا المسلمة التي وقع أفرادها ضحايا لانتهاكات ارتكبها الجيش في عامي 2016 و2017 وتعتبرها واشنطن "إبادة جماعية".
وغرقت ميانمار بعد الانقلاب في حال فوضى مع أعمال عنف يومية بين الجيش وميليشيات شكلت نفسها بنفسها، وهما يتبادلان الاتهامات بقتل مئات المدنيين.
وقتل أكثر من 2600 شخص في قمع المجلس العسكري للاحتجاجات بحسب منظمة غير حكومية محلية، واتهمت منظمات حقوقية عدة الجيش بشن غارات جوية على مدنيين مما يشكل جرائم حرب. في المقابل، يتحدث الجيش عن مقتل أربعة آلاف مدني.