بينت مستندات رسمية صدرت أخيراً أن توني بلير تاق إلى تكريس علاقات طيبة مع الرئيس الأميركي جورج بوش [الابن].
واشتهر رئيس الوزراء السابق بقربه من سلف السيد بوش، بيل كلينتون. وساد قلق في مقر رئاسة الوزراء البريطانية من أن هذا القرب قد لا تتقبله كثيراً الإدارة الجمهورية الجديدة المنتمية إلى تيار "المحافظين الجدد" في واشنطن.
وتبين ملفات أصدرت لمصلحة "الأرشيف الوطني" في منطقة "كيو"، بغرب لندن، أن السيد بلير أول زعيم أجنبي اتصل ليهنئ الرئيس المنتخب حين أكدت فوزه المحكمة العليا في ديسمبر (كانون الأول) 2000 بعد نزاع مطول حول احتساب الأصوات في ولاية فلوريدا.
وأشار مايكل تاثام من المكتب الخاص بمقر رئاسة الوزراء إلى أن المحادثة التي استغرقت ثماني دقائق كرست "صلة جيدة بحسب ما يتوقع المرء" من اتصال قصير كهذا.
وكتب تاثام، "سأل رئيس الوزراء في وقت مبكر من المكالمة إن كان يستطيع أن ينادي الرئيس المنتخب باسمه الأول. ووافق بوش بحرارة (لكنه تمسك لدى مخاطبته رئيس الوزراء بكلمة "سيد")".
يذكر أن السيد بوش هزم نائب الرئيس في عهد السيد كلينتون، آل غور، على رغم أن سفير بريطانيا، السير كريستوفر ماير، أشار ساخراً إلى أن النتيجة كانت لتختلف "لو كان كلينتون أبعد نظره عن ملابس لوينسكي الداخلية"، في إشارة إلى علاقة الرئيس السابق مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.
في هذه الأثناء، افتقر السيد بلير إلى الصبر في شأن البناء على الانفتاح الواعد وتكريس روابط مع الإدارة العتيدة بأسرع وقت ممكن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين أعلن أن دونالد رامسفيلد سيكون وزير الدفاع الأميركي الجديد، كتب السيد بلير بخط اليد وبسرعة رسالة قال فيها، "يجب أن نحقق تواؤماً سريعاً على المستوى الوزاري".
وخلال الفترة التي سبقت تنصيب السيد بوش في 20 يناير (كانون الثاني) 2001، أرسل رئيس الوزراء كبير موظفيه جوناثان باول ومستشاره للسياسة الخارجية جون سورز، رئيس الـ"أم آي 6" MI6 [الاستخبارات العسكرية] لاحقاً، إلى واشنطن للقاء شخصيات بارزة.
العلاقة لن تكون مريحة بقدر ما كانت في ظل إدارة كلينتون. فخلافاً لأيام كلينتون، لن يقدموا خدمات سياسية إلينا. جوناثان باول، رئيس طاقم موظفي توني بلير
وقد عاد الرجلان بعد يومين من المحادثات متشجعين إلى حد كبير بما سمعاه، على رغم أنهما حذرا من أن الأمور لن تكون شبيهة بما ساد خلال عهد كلينتون.
وكتب السيد باول، "هذه الدوائر كلها محبة لبريطانيا. وقد لاقت رسالتكم حول العمل الوثيق مع الإدارة الجديدة استقبالاً طيباً. ذكر الجميع أنهم يرغبون في إبقاء العلاقة خاصة، لكن العلاقة لن تكون مريحة بقدر ما كانت في ظل إدارة كلينتون. فخلافاً لكلينتون، لن يقدموا خدمات سياسية إلينا".
وأضاف السيد سورز، "يعمد فريق بوش إلى دعمه عبر وصفه بالرئيس الجديد. إنهم يمجدون صفاته (واضح التفكير، يتخذ القرارات الصائبة، يقدر الولاء والعمل الجماعي، يجيد تقييم الناس سريعاً وجيداً) ويشيرون جميعاً إليه باحترام. والويل لأي شخص يقلل من شأنه. إنهم أقوياء على صعيد الدفاع (ديك) تشيني، رامسفيلد (كولين) باول. ويبدون حرارة في شكل لا لبس فيه نحو بريطانيا، لكن لديهم نهجاً غير مؤكد في شأن أوروبا. قد يكون هناك أشخاص نافذون كثر، ويمكننا أن نتوقع بعض الصراعات".
وخلال الشهر التالي، قام السيد بلير بزيارته الأولى للقاء السيد بوش في منتجعه بكامب ديفيد. وجرى اللقاء بصورة أفضل مما تجرأ كثيرون في رئاسة الوزراء على الأمل به.
وتالياً، أبهج الرئيس الأميركي فريق رئاسة الوزراء بأن أعاد تأكيد التزامه بـ"العلاقة الخاصة". ووصف المملكة المتحدة بأنها "أقوى أصدقائنا وأقرب حلفائنا". ووصف السيد بلير بأنه "شخص ساحر جداً".
وفي رسالة مكتوبة بخط اليد موجهة إلى السيد بوش وزوجته لورا، أورد جوناثان باول بحماسة، "أمتعني أن تمكنت من إخبار أطفالي بأنني أقمت في المنتجع الرئاسي. وشعرت بأن الفريقين البريطاني والأميركي انسجما كثيراً. إنها بداية قوية لما أثق بأنه سيصبح علاقة عمل قوية".
في المقابل، استمرت بعض الحساسيات. فحينما أعلن أن السيد بلير يخطط للقاء السيد كلينتون في لندن، لاحظ السيد باول أن عليه [بلير] أن يخطر البيت الأبيض.
وكتب ملاحظة جاء فيها أنه "في رأيي الخاص، سيبعث اللقاء بكلينتون يومي التاسع والعاشر من يونيو (حزيران)، برسالة مغلوطة. من الأفضل بكثير تأجيل اللقاء به [كلينتون] إلى الخريف".
وفي سياق متصل، رأى السيد بلير أيضاً أن السيد بوش لم يكن دائماً شريكاً سهلاً.
إذ أورد بلير في ملاحظة جانبية مكتوبة بخط اليد، "ينبع القلق الحقيقي من أن الجانب الأصعب من سياسة بوش الخارجية يبدو كغطرسة، وفق التصور الخارجي له، بالتالي فسرعان ما يتحول ذلك إلى عداء. إنه يذكر قليلاً هنا [في بريطانيا] بالخط التاتشري المشكك بأوروبا، هنا".
وأضاف في ملاحظة تالية، "لا يتمثل الخطر الحقيقي في أنه يمتلك رغبة محتسبة في تنفير الجميع، بل في أنه يتخذ قرارات فردية من دون التنبه إلى تأثيراتها التراكمية".
© The Independent