نشرت مجموعة من الشخصيات الإيرانية المقيمة في المنفى والمؤيدة للمعارضة رسالة منسقة تتوقع أن يكون 2023 "عام النصر" على النظام الذي يواجه احتجاجات منذ أشهر. ومن بين الذين وجهوا الرسالة شخصيات بارزة في حقول الثقافة وحقوق الإنسان والرياضة.
ولطالما اعتبرت المعارضة الإيرانية في المنفى مشرذمة ومنقسمة في معتقداتها السياسية واستراتيجيتها في التعامل مع نظام الجمهورية الإيرانية الذي أطاح الشاه عام 1979، لكن في ظل استمرار الاحتجاجات في إيران بعد مئة يوم على اندلاعها إثر وفاة الشابة الإيرانية من أصل كردي مهسا أميني، تبدو الرسالة محاولة لإيجاد الوحدة المرجوة منذ زمن بعيد.
وجاء في الرسالة أن "عام 2022 كان رائعاً لجهة تضامن الإيرانيين من كل معتقد ولغة وتوجه". وأضافت، "مع التنظيم والتضامن سيكون 2023 عام النصر للأمة الإيرانية. عام الحرية والعدالة في إيران".
ونشرت الرسالة بشكل متزامن على وسائل التواصل الاجتماعي شخصيات عدة، انطلاقاً من المعارضة البارزة مسيح علي نجاد، وصولاً إلى نجل الشاه الراحل رضا بهلوي، علماً بأنهما يقيمان في الولايات المتحدة. كما نشرت الممثلتان الشهيرتان كلشيفته فراهاني ونازانين بنيادي الرسالة، إضافة إلى زهرا أمير إبراهيمي التي نالت جائزة أفضل ممثلة في مهرجان "كان" السينمائي بفرنسا العام الماضي.
وكتبت فراهاني على حسابها في "إنستغرام"، "نقف صفاً واحداً للوصول إلى الحرية. سنقف معاً، ولن نلزم الصمت".
وتضم قائمة الناشطين البارزين المدافعين عن حقوق الإنسان الذين نشروا الرسالة شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام، وحامد إسماعلون الذي قاد حملة مقرها كندا مطالبة بالعدالة لضحايا رحلة الخطوط الجوية الأوكرانية التي أسقطتها إيران في يناير (كانون الثاني) 2020.
وأما في مجال الرياضة، فنشر الرسالة نجم كرة القدم السابق على الصعيد الدولي علي كريمي، أحد أبرز مؤيدي الحركة الاحتجاجية.
وتمثل الحركة الاحتجاجية التي أثارتها وفاة أميني بعد توقيفها بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة أكبر تحدٍ للنظام الديني القائم في إيران منذ ثورة 1979.
وقتل في الحملة الأمنية التي نفذتها السلطات الإيرانية 476 شخصاً، بحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها النرويج. وتم حتى الآن إعدام شخصين بتهم على صلة بالاحتجاجات، بينما تفيد المنظمة بأن 100 معتقل على الأقل يواجهون خطر الإعدام.
وأكد أستاذ التاريخ في كلية لندن للاقتصاد رهام ألوندي أن الرسالة "مؤشر يبعث على الأمل في فترة مظلمة".
صميمي في السجن
من جهتها، أكدت عائلة الصحافي الإيراني المعارض كيوان صميمي، الإثنين، أنه لا يزال في السجن، حيث يقضي عقوبة لإدانته بالمس بالأمن القومي، غداة تقارير عن الإفراج عنه.
وأوردت صحيفة "شرق" الإصلاحية، الأحد، نبأ إطلاق سراح صميمي (73 سنة) الذي يعد من الناشطين المخضرمين، وارتبط بمجموعات معارضة قومية ودينية التوجه.
وكان صميمي قد أودع السجن بمحافظة سمنان، شرق طهران، في ديسمبر 2020، ويقضي عقوبة بالحبس ثلاثة أعوام لـ"التآمر ضد الأمن القومي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق وسائل إعلام محلية، منح صميمي إطلاق سراح مشروطاً لأسباب طبية في فبراير (شباط) 2022، قبل أن تتم إعادته للسجن في مايو (أيار) من العام نفسه.
وأوضحت وكالة "مهر" الإيرانية في حينه أن الخطوة أتت على خلفية استئناف صميمي "نشاطاته ضد الأمن القومي وتواصله مع مجموعات معادية للثورة في الخارج" خلال فترة إطلاق سراحه.
وسبق لصميمي أن أمضى فترات في السجن خلال عهد الشاه، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في 1979.
وأثناء فترة سجنه الأخيرة، نشر صميمي في ديسمبر الماضي، رسالة دعم للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ منتصف سبتمبر.
وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، نشرت وسائل إعلام محلية رسالة وقعها أكثر من 300 صحافي ومصور صحافي ينتقدون فيها السلطات بسبب "توقيف زملائنا وحرمانهم من حقوقهم بعد توقيفهم".
وأفادت "شرق"، الأحد، بأن السلطات أوقفت الصحافي العامل لديها ميلاد علوي بعد استدعائه صباح اليوم ذاته.
وكانت الصحيفة قد نشرت في ديسمبر لائحة من 40 صحافياً ومصوراً صحافياً قالت إنه تم توقيفهم في إيران على هامش الاحتجاجات.
تثبيت حكم الإعدام بحق متظاهر
في السياق، أكد القضاء الإيراني، الإثنين، أن المحكمة العليا ثبتت حكم الإعدام بحق شخص على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وأورد موقع "ميزان أونلاين"، التابع للسلطة القضائية، أنه "تمت المصادقة على حكم الإعدام الصادر بحق محمد بروغني من قبل المحكمة العليا في السادس من ديسمبر (كانون الأول)"، نافياً بذلك تقارير تحدثت عن تخفيض عقوبته.
وكانت محاكمة بروغني قد بدأت في أكتوبر بتهمة "الحرابة" التي تصل عقوبتها الى الإعدام في إيران.
ووفق ما أورد "ميزان أونلاين"، الإثنين، قام بروغني بـ"جرح حارس أمن باستخدام سكين بنية القتل"، و"إثارة الذعر لدى الناس"، وإحراق مبنى للسلطة المحلية في مدينة باكدشت، جنوب شرقي طهران.
وسبق للقضاء أن أعلن إصدار أحكام بالإعدام بحق 11 شخصاً بسبب التظاهرات. وتم تنفيذ اثنين من هذه الأحكام في ديسمبر بحق مجيد رضا رهناورد ومحسن شكاري، وكلاهما كان في الثالثة والعشرين من العمر.
ودين رهناورد باستخدام السلاح الأبيض وقتل عنصرين من قوات الأمن في مدينة مشهد، بشمال شرقي البلاد، في حين دين شكاري باستخدام سلاح أبيض وجرح عنصر من الأمن وقطع طريق في طهران.
إلى ذلك، ثبتت المحكمة العليا حكم الإعدام بحق شخصين هما بروغني، ومحمد قبادلو المتهم بـ"الإفساد في الأرض" لدهسه عناصر من الشرطة بسيارة، مما أدى إلى وفاة أحدهم وإصابة آخرين. كما وافقت المحكمة العليا على طلبات استئناف مقدمة من ثلاثة أشخاص آخرين، وأمرت بإعادة محاكمتهم.
وتؤكد السلطات الإيرانية أن أكثر من 200 شخص، بينهم عشرات من قوات الأمن، قتلوا على هامش الاحتجاجات.
من جهتها، تشير منظمات حقوقية خارج إيران إلى مقتل أكثر من 470 من المحتجين على أيدي قوات الأمن.
استئناف التحذير
من جانبها، استأنفت الشرطة في إيران تحذير مالكي السيارات من عدم التزام سيدات على متنها قواعد اللباس الإلزامية، خصوصاً وضع الحجاب، بعد تعليق ذلك في خضم احتجاجات أعقبت وفاة مهسا أميني. وقال مسؤول في الشرطة إن الأخيرة "بدأت تطبيق المرحلة الجديدة من برنامج (ناظر-1) في مختلف أنحاء البلاد"، وفق ما أوردت وكالة "فارس"، الأحد، ولم يحدد المسؤول تفاصيل إضافية بهذا الشأن.
وأشارت "فارس" إلى أن البرنامج يتعلق بمسألة "خلع الحجاب في السيارات".
واعتباراً من عام 2020، بدأ مالكو السيارات في إيران يتلقون رسائل نصية قصيرة عبر هواتفهم في حال سجلت الشرطة على متن المركبة مخالفة لقواعد اللباس، وكانت هذه الرسالة تشير إلى تسجيل هذه المخالفة، وتحذر من "إجراءات قضائية وقانونية" في حال تكرارها. إلا أن الشرطة توقفت عن التلويح بإمكان اتخاذ إجراءات قانونية، بحسب ما تظهر رسائل حديثة تلقاها إيرانيون ونشروها عبر مواقع التواصل.
وتكتفي الرسالة الجديدة بالقول، "تم رصد عدم وضع الحجاب في سيارتكم. من الضروري احترام القواعد الاجتماعية والحرص على عدم تكرار هذا الأمر".
وفي أعقاب اندلاع الاحتجاجات تراجع بشكل ملحوظ في شوارع طهران عدد الحافلات الصغيرة ذات اللونين الأبيض والأخضر العائدة لشرطة الأخلاق. كما يمكن في بعض أنحاء العاصمة رؤية نساء يتجولن في الشوارع بلا غطاء للرأس.
وفي ديسمبر نقلت وسائل إعلام إيرانية عن المدعي العام محمد جعفر منتظري قوله إن دوريات الشرطة توقفت، إلا أن ناشطين في خارج إيران قللوا من أهمية هذا الإعلان، خصوصاً في ظل غياب أي إعلان رسمي في شأن تغيير القوانين.